الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إماراتيات ينقبن في القطع الأثرية الصغيرة بحثاً عن أسرار الزمن

إماراتيات ينقبن في القطع الأثرية الصغيرة بحثاً عن أسرار الزمن
27 مايو 2010 21:01
علم ترميم وصيانة الآثار قائم بذاته وله أصول وقواعد، وهو ذو أهمية كبيرة لأنه يساعد على المحافظة على الآثار من التهشيم والضياع بمرور الوقت، مما يمكن الأجيال والحضارات الأخرى من الإطلاع والحصول على معلومات صحيحة عن أمة تلك الدولة أو الأمم الأخرى التي تتعاقب، ومن أهم ما يفكر به المرمم هو الملكية الثقافية التي يجب أن يحميها سواء كانت تلك الآثار مادة أو بناء، كما عليه أن يفهم أصول وقواعد الترميم. عندما كانت مريم سالم عيسى اليليلي تدرس التاريخ والآثار في جامعة الإمارات، كانت أيضاً نورة مصبح الزحمي تدرس ذات التخصص من دون أن يكون بينهما سابق معرفة أو تنسيق ولا تخطيط، ولكنهما وجدتا نفسيهما في المكان ذاته، في النهاية، تعملان في تخصص ترميم الآثار في إمارة الفجيرة، وفي متحف الآثار بعد تخرجهما. تقول مريم إن دراستها الفعلية للترميم بدأت ضمن إدارة التراث والآثار في المتحف، حين تقرر إنشاء مختبر للترميم من منطلق حرص الإدارة على المحافظة على الآثار، وقد أبصرت الفكرة النور عام 2002 حين أقيمت دورة شاملة استغرقت سنة واحدة على يد إحدى خبيرات الترميم من أستراليا، وتم اختيارها ونورة لدخول الدورة، وقد وجدت خلال الدورة أن الدراسة الجامعية للأسف لم تقدم لها أي مساعدة في العمل، لأن مادة الترميم لم تكن تدرس أكاديمياً. ترميم البرونز تضيف مريم أنها وجدت من خلال تلك الدورة أسس ترميم البرونز والفخار والحديد والزجاج أيضا، وبدأت بصفتها مرممة في تصوير كل قطعة قبل البدء بأي خطوة على تلك القطعة، ومنذ تلك المرحلة أصبحت هناك خبرات تراكمية تستند إلى ثوابت وأسس لا يجوز تجاوزها، ومنها أن على المرمم أن يكتب تقارير عن كل خطوة لأنها مهمة في التوثيق لمعرفة رحلة تلك القطعة وتاريخها، وحتى الرمال التي تكون متحجرة ما هي إلا أدلة على قصة القطع الأثرية والحضارات التي بادت. بين ما تعلمته مريم ونورة أن عليهما حماية نفسيهما من القطع الأثرية، لأن كل قطعة ربما تكون تحمل بكتيريا أو مرضاً قد ينتقل إليهما خلال اللمس والعمل، ولذلك لا بد تنفيذ إجراءات السلامة والوقاية، كارتداء الكمامات والقفازات وعدم استنشاق الغبار والأتربة ورائحة المواد التي تستخدم للعمل على الترميم، والخطوات الأخرى المهمة أيضاً إعادة الأثر بقدر الإمكان لحالته الأصلية، من خلال عملية تتضمن التخلص من مظاهر التلف التي تسببها عوامل البيئة من رطوبة وحرارة. وتختلف طرق المعالجة حسب نوع وحالة الأثر سواء كان فخاراً أو حديداً أو برونزاً أو حتى خشباً. التنقيب العشوائي ترى مريم أن هناك أخطاراً تمثلت في عمليات السرقة للقطع الأثرية، وأيضا خطر التنقيب العشوائي غير المنظم، وكان أيضاً للطفرة العمرانية الخطر الكبير على الآثار، حيث يمكن أن تطمس معالم أثرية مهمة، وذلك بسبب عدم القيام بمسح أثري للتأكد من خلو المكان من الآثار قبل البدء بالتعمير، وهي تطالب بأن يكون هناك تعاون بين المتاحف لتبادل الخبرات كما يحدث الآن ما بين أبوظبي وفرنسا، وتجد أن إقامة المعارض بالآثار يساعد الجمهور على التعرف إلى كنوز دولته. من جهتها نورة مصبح الزحمي تقول إن ترميم وصيانة الآثار علم قائم حسب ميثاق فينيسا، وهو ميثاق دولي، وعندما بدأت عملها بصفتها مرممة وجدت بين القطع في قاعة العرض فخارة متحجرة ملأى بالرمال المتحجرة أيضاً، وقد بدأت العمل عليها بإزالة الرمل ومن ثم الاحتفاظ به لأنه بحد ذاته أثر مهم لتلك القطعة كانت تعود لمنطقة قدفع وهي من الألف الثاني قبل الميلاد، وقد أعتبر ذلك الأمر مجازفة بالقطعة لأنها يمكن أن تتفتت وتتحول إلى بقايا على هيئة رمال، وقد استغرقت عملية إزالة الرمال شهرين كاملين. حرفة الفخار يعتبر الفخار من الدلائل المهمة التي تعكس حضارات الأمم وتعبر عن مدى تطورها وحضارتها، ولمنطقة الخليج نصيب كبير من حرفة الفخار لأنها من الحرف التقليدية، وقد مر الفخار بمراحل من التصنيع اليدوي إلى الحرق، وفي الألفية الرابعة قبل الميلاد تم اختراع الدولاب ليشكل الطين عن طريق يدي وقدمي الإنسان، وأيضا تم استخدام أكاسيد المعادن لتزيين الفخار. أيضاً عملت الفتاتان على ترميم البرونز والحديد، ولذلك تستطيع نورة القول إن البرونز نسب له العصر البرونزي المبكر في الفترة من الألف الرابع والألف الثالث قبل الميلاد. وكان هناك أيضاً العصر البرونزي الأوسط والعصر المتأخر، ومن المهم إزالة الترسبات عن سطح المعادن باستخدام فرشاة أقل خشونة، وتتم العملية تحت الميكروسكوب في حال كان الأثر صغيراً، ويزال في البدء العنصر المباشر المتسبب في تلف الأثر المعدني، وخاصة النتوءات التي تكون على السطح وتحمل في داخلها مرض البرونز، وهو مادة تميل إلى اللون الأخضر وتسبب ضرراً بالغاً بالقطعة الأثرية. المعالجة الكيميائية تكمل الزحمي ان المرحلة التي تلي ذلك تكون في المعالجة الكيميائية، حيث يتم وضع القطعة في محلول خاص، وفي النهاية على المرمم أن يضع مادة خاصة على النتوءات بعد تنظيفها كي لا يعود الصدأ من جديد، وإن كان علم الترميم وصيانة الآثار من العلوم المهمة اليوم، فذلك لأنه علم لم يأت بالمصادفة، ولكنه مر بمراحل تطور خلالها بسبب الخبرات التراكمية لدى علماء الترميم وأيضاً لتطور تقنيات الترميم، ولذلك يوجد الآن جهاز يعطي تفاصيل دقيقة عن القطعة، بمجرد وضعها تحت مجهره، وهي تفاصيل تتعلق بكل مكون لها وبالقياس أيضاً. يعد تتبع المراحل التاريخية التي كشفت عن ميلاد علم الترميم، وصيانة الآثار عملية صعبة وتحتاج إلى وثائق يستند عليها، ولكنه في النهاية يستحق كل الجهد المبذول عندما تنجح مساعي ومهام المرمم في تقديم قطعة شبه مكتملة تحكي قصة حضارات وأمم، لأن تلك القطع هي مواد سواء كانت نسيجاً أو جماجم أو أحجاراً وحتى المعادن والفخار، تعد ثروة تستقطب الخبراء والسياح، وتعكس حضارة الدولة عبر التاريخ.
المصدر: الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©