الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رب اشرح لي صدري .. ويسر لي أمري

رب اشرح لي صدري .. ويسر لي أمري
27 مايو 2017 18:14
أحمد محمد (القاهرة) من الدعوات الواردة في كتاب الله جل جلاله على لسان نبي اللَه موسى عليه السلام سألها الله تعالى، لأمر عظيم وكبير، حين أمره بدعوة فرعون، أعتى أهل الأرض كفراً وطغياناً، وأكثر جنداً وعتاداً، ادعى الألوهية كذباً وزوراً، ولذلك جاءت قصص موسى عليه السلام في كتاب الله كثيرة ومتنوعة، ومنها (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي)، «سورة طه: الآيات 25 - 26». ولما كان هذا الأمر في غاية الأهمية والخطورة، سأل الله التوفيق إلى بعض المطالب والمقاصد التي تكون له عوناً لدعوته، فإن الدعاء هو سلاح المؤمن الذي يستنصر به، فبه تستجلب الخيرات، وتدفع به الشرور، والعبد يسأل ربه محسناً الظن به، فإن الداعي يُعطَى طلبه على قدر ظنه بربه الكريم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي». بدأ موسى عليه السلام بقوله، رب اشرح لِي صدرِي، وسعه بالنور، والإيمان والحكمة، حتى أتحمل الأذى بكل أنواعه القولي والفعلي، فإن انشراح الصدر يحّول مشقة التكليف إلى راحة، ونعيم ويسر، ويسِّر لي أَمري، سهِّل عليّ كل أمر أسلكه، وكل طريق أقصده في سبيلك، وهون عليَّ ما أمامي من الشدائد. قال العلامة ابن السعدي، من تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها، ويخاطب كل أحد بما يناسب له، ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله، فلما كانت أهم وسائل الدعوة إلى اللَه قدرة الداعي على البيان والإفهام، ففي هذا طلب التوفيق إلى حسن الكلام في الدعوة إلى الله في خطاب الناس، والتأثير على عقولهم، وعواطفهم بالحكمة بالقول، وإلى الرفق بالفعل. وسؤاله موسى لربه أن يزول عنه «اللثغ»، وذلك حين عرضت عليه التمرة والجمرة، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه حين كان صغيرا في بيت آسية زوجة فرعون، ولم يسأل أن يزول من لسانه بالكلية، بل بحيث يحصل له فهم ما يُراد منه، وهو قدر الحاجة. وبعد أن سأل ربه من المطالب الأخرى، (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي)، «الآيات: 29 - 30»، بيّن الغاية من هذه المطالب (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً)، «الآيات: 33 - 35»، سألتك تلك الأمور حتى نذكرك الذكر الكثير من التسبيح والتهليل وغيره، فتضمّنت هذه الدعوة المباركة سؤال اللَه تعالى الإعانة على أمور الدين من العبادة والطاعة، والذكر والتسبيح، لهذا يندب للداعي ذكر علة دعائه خاصة إذا كان من أمور الدين. والدعاء هو العبادة التي خُلِقَ الخلق من أجلها، ومدارها كلها والدين على ذكر الله، والذكر يعين العبد على القيام بالطاعات وإن شقت، ويهوّن عليه الوقوف بين يدي الجبابرة، وفي الدعاء فضيلة التسبيح، لأنه عطف الذكر على التسبيح، وأنه من الأسباب العظيمة من النجاة من المرهوب، وحصول المرغوب، فكان الأنبياء يلجأون إلى اللَه في شدائدهم، والتعبد بأسمائه وصفاته، له أثر عظيم في عبودية العبد لرب العالمين، لقوله، (إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً)، فإن لكل اسم وصفة عبودية خاصة وثمرة. وقال الفخر الرازي في «التفسير الكبير»، اعلم أن الله تعالى لما أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون وكان ذلك تكليفاً شاقاً، سأل ربه أموراً ثمانية، ثم ختمها بما يجري مجرى العلة لسؤال تلك الأشياء، قوله (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)، يقال شرحت الكلام أي بينته وشرحت صدره أي وسعته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©