الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا يقال إن الحلزون أذكى من السوبركمبيوتر؟

لماذا يقال إن الحلزون أذكى من السوبركمبيوتر؟
3 يناير 2008 00:38
بين الذكاء الاصطناعي والطبيعي (أو الخلقي) فروق هائلة أنّى للعلماء وجهابذة الابتكارات الرقمية أن يلمّوا بتفاصيلها أو يخترقوا أسرارها، ويكمن جوهر الاختلاف بينهما في القدرة الخارقة والغامضة للدماغ البشري على الإدراك القياسي للظواهر التي يفتقر إليها الكمبيوتر بالرغم من قدرته الهائلة على حفظ وترديد ما يختزن فيه، وهو قادر على اختزان المعارف والمعلومات المجردة ولكنه عاجز عن إقامة علاقة الترابط الإدراكي بينها، ومن ذلك مثلاً أن أحد الخبراء قام بتلقين كمبيوتر ببرنامج تطبيقي يضم أكثر من مليون نكتة، وكان في وسع الكمبيوتر أن يعيد إلقاءها ببراعة فائقة من دون أن يجد أي مبرر للضحك، وقد يتضح عجز الروبوت عن إجراء الترابط المنطقي بين الأشياء من خلال هذا الحوار الافتراضي بينه وبين إنسان: الإنسان: كل البط قادر على الطيران، فماذا تفهم إذا قلت لك أن (شارلي) بطّة؟· روبوت: إذن بإمكان (شارلي) أن تطير· الإنسان: ولكن (شارلي) ماتت منذ زمن بعيد· روبوت: إذن (شارلي) ميتة ويمكنها أن تطير!!· وحتى يتجنب الروبوت الوقوع في مثل هذا الخطأ، يجب تلقينه الحقيقة البديهية الثابتة التي تقضي بأن الموت يعني نهاية القدرة على الحركة، ونظراً لأن مثل هذه المدركات العقلية لا عدّ لها ولا حصر، فإن من المستحيل تماماً التوصل لصناعة كمبيوتر يمكنه أن يتغلب على دماغ (حلزون) في مستوى الذكاء، وهنا يتضح أحد أهم الفروق بين الدماغ البشري وذاكرة الكمبيوتر، وحيث تنمو المدركات في العقل البشري منذ الولادة عن طريق جمع المعلومات التراكمية التي تحفظها الذاكرة من دون أن تلغي ما قبلها، ولا يتوقف الدماغ عن إقامة علاقات الترابط الإدراكي بين المعلومات القديمة والحديثة مما يخلق القدرة الذاتية المستمرة على التعلم بالمقارنة والقياس· وبالرغم من أن في وسع الحواسيب أن تسبق الدماغ البشري من حيث السرعة في معالجة البيانات إلا أنها عاجزة تماماً عن فهم ما تفعله أو إقامة أي ربط إدراكي بين المعلومات التي تمضغها بسرعة هائلة، وهي بمعنى آخر، عالية القدرة على الأداء، ولكنها منعدمة القدرة على الفهم· وهذا المفهوم لا يقلل من شأن الكمبيوتر الذي أصبح أداة لا بد منها لرفد الجهود البشرية في حفظ البيانات والمعلومات ومعالجتها بطريقة فعالة قابلة للتناقل بسرعة وسهولة، ففي عام 1975 تفوق نظام خبير يدعى (مايسين) على معدل قدرة الأطباء على تشخيص التهاب السحايا عند المرضى، واتضح للخبراء على أثر تسجيل هذا الانتصار الواعد، إنه إذا ما بقي البرنامج التطبيقي الملقّن للكمبيوتر محصوراً ضمن أطر معرّفة بدقة كافية، فسوف يكون قادراً على إنجاز عمله بطريقة رائعة تثير الدهشة، ومع ذلك، فإن خبير البرمجة الحاسوبية التطبيقية الأميركي دوجلاس لينات علّق على هذا الانتصار بالقول: ''ولكنّك لو سألت هذا البرنامج الطبي عن المرض الذي تعاني منه سيارة صدئة فإنه سيخبرك إنه الحصبة!''· وينقل تقرير بقلم تشارلز دوهيج نشرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' عن مطوّر بارع للبرامج التطبيقية الحاسوبية يدعى راي كورتزوايل قوله: ''لقد أصبح الذكاء الاصطناعي يزداد تكاملاً مع المنظومات التركيبية الحياتية والاقتصادية لجنسنا البشري وللدرجة التي تدفعني إلى اليقين من أن ذكاء الكمبيوتر سوف يتعدى ذات يوم ذكاء البشر، وأصبح في وسع الآلات المبرمجة أن تنجز مليارات الصفقات في أسواق الأسهم؛ وهو عمل لا يمكن للبشر وحدهم إنجازه إلا خلال أزمنة طويلة لا تتفق مع الدورة السريعة لتغير الأسعار''· وما لبثت طروحات هذا العالم الذي بلغ عامه الثامن والخمسين والذي وصف بأنه يتناول يومياً أكثر من 150 نوعاً من الفيتامينات والأدوية الداعمة للصحة، أن واجه سيلاً من انتقادات المشاركين في مؤتمر (كابيتال جروب كومبانيز) الذي كان يطلق فيه هذه الأحكام المتعجّلة وخاصة عندما أضاف قوله: ''، وأنا على يقين من أن البشر سوف ينعمون بمساعدة الكمبيوتر وابتداء من عام 2045 بالعيش إلى الأبد عندما ستتحقق الوحدة التكاملية بينهم وبين الآلات المصغّرة الذكية التي تنتشر في كافة أرجاء الجسم لتراقب عمل الأعضاء وتصحح كل خلل قد يقع فيها''· وكانت انتقادات المتحفظين على كلام كورتزوايل تتركز على خلطه بين الذكاء بمفهومه الإدراكي المعقد، والقدرة الفائقة للكمبيوتر على الأداء، وأيضاً حول مفهومه المرفوض من أن الحياة السرمدية لا تتطلب أكثر من مجرّد تحضير الأدوات المناسبة للتغلب على الأمراض· وأما الحقائق التي لا جدل بشأنها في طروحاته فهي تلك التي عبّر عنها بقوله: ''قبل خمس سنوات فقط، كان من الضروري إنفاق نصف مليون دولار وتشغيل 12 موظفاً من أجل إنجاز عمل يمكن لكمبيوتر منفرد أن ينجزه الآن في بضع ساعات وبتكلفة لا تتعدى بضعة دولارات''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©