الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحسن الخيري: عشت للرسم والفن لا يُباع

الحسن الخيري: عشت للرسم والفن لا يُباع
27 سبتمبر 2009 00:19
يختار بعض الناس العيش للفن وبه يعيشون في حياتهم، يتجاوز الهواية ليصير حرفة يسترزق منها، ورغم ذلك لا يخلو من لمسات فنية وإبداعية، هذا حال بعض الفنانين الذين لم يختاروا الفن ليكون هواية لهم، بل وجدوا أنفسهم في وسط فني يعيشون فيه، وكان الفن وراثة أكثر منه فناً، تسلل إلى قلوبهم وتربع عليها، منهم من تخلى عنه ومنهم من طوره ليرسم لنفسه منهاجا وفنا بلمسته الخاصة، هؤلاء منهم الفنان الحسن الخيري الذي يتحدث عن البيئة الفنية التي خلق فيها، ومسيرته الفنية ومراحل تطورها. يقول الحسن الخيري: ترعرعت في وسط فني، فقد كان والدي نحاتاً من الدرجة الأولى، وكان من أجود الصناع في العالم، وكان المجال الذي برع فيه هو صناعة العظام، وبالضبط صناعة الأمشاط التي تصنع من قرن الثور، وهي مادة طبيعية، والغريب في الأمر أن المادة الأولية لصناعة المشط هي من قرن الثور، ولا يمكن استخدام قرن البقرة أبداً في صناعتها، وهنا نتحدث عن صناعة الأمشاط الطبيعية 100% وليست من البلاستيك، وهي صحية وغير ضارة تماما لفروة الشعر، وعشت مع والدي وإخواني على هذه الصناعة وهذا الفن، وتعاطيت معه مدة طويلة. الابن المتمرد عاش الحسن الخيري مدة غير قصيرة في كنف صناعة المشط وما تتطلبه من دقة، وطورها لنحت بعض الحيوانات وبعض الإكسسوارات، ويقول عن ذلك: نحتُّ البيض ونقشت عليه، ومن العظام نحتُّ أنواعاً من الحيوانات، وطورت أشكالاً فنية جميلة منها، أعجب بها كل من رآها، تعلمت صناعة والدي، وأتقنت وتفننت في صناعة المشط، وتعلمت كيف أتعامل مع المادة الخام، وهي من قرن الثور، وبذلك طوعتها فيما بعد لأخرج عن طوع والدي فنياً حيث كنت اتطلع لما هو أبعد من صناعة المشط، إذ بدأت تتراجع مع توالي الأيام، وتدخل الآلة في صناعتها، وكذلك دخلت فيها مواد أخرى غير المادة الطبيعية، وبذلك توجهت لنحت بعض الأشكال من نفس المادة، وتوفقت فيها كثيراً، فذاع صيتي، وصرت أصنع بعض المجسمات تحت الطلب، وغالباً ما كنت أهديها، وأرفض أن أبيعها لأنني أعتبر أن قيمة الفن عالية، ومهما ارتفع المبلغ المدفوع لقاءها، لن يكون ثمنها الحقيقي، وهكذا رحت أهدي بعض اللوحات لأغلى الناس عندي، وامتهنت هذه الحرفة بالإضافة إلى دراستي، حيث كنت أعمل وأدرس، وكنت دائما أرفض أن يعطيني والدي فلساً واحداً، بل اعتمدت على نفسي كلية، فحققت الاستقلال المادي عن والدي منذ كنت صغيرا. كما حقق لي هذا الفن الرفاهية، وبعد حصولي على الثانوية العامة، درست في كلية تقنية الهندسة المعمارية، ولم أكن طالباً عادياً، حيث منحتني المهنة والفن الذي ولجته وتشبعت به منذ صغري، التفوق الدراسي، ونجحت كثيراً في رسم المجسمات الهندسية، وبعد ذلك فتحت محلا لبيع هذه المجسمات، وكل ما أصنعه وأعرضه داخل المحل. بدأ المشروع ناجحا ولكن مع توالي الأيام، وندرة المادة الأولية التي أستعملها، أي «قرن الثور»، بدأت أبحث عن البديل، وهكذا رحت أرسم لوحات فنية لا تخلو من المواد الأولية التي استعملتها سابقاً، وأعرضها في نفس المحل، حيث أرسم اللوحة، وأحيطها بإطار من مادة قرن الثور، كنت أعمل عليها من 10 إلى 20 يوما. الطبيعة ملهمتي يتحدث الحسن الخيري عن رسم لوحاته فيقول: يحدث أن أعمل في لوحة واحدة أكثر من شهر أو شهرين، ويمكنني انجاز لوحة أخرى في ليلة واحدة فقط، فموضوع اللوحة يفرض نفسه، والفن لا يتقيد بوقت حيث أرسم بالليل والنهار، أكبر اللوحات التي رسمتها بعتها 3000 درهم إماراتي، وهي للفانتازيا ومن حجم كبير أي 2 متر على 2 متر، وأستعمل في إنجاز اللوحات بالفرشاة وبالسكين. وأستعمل الصباغة المائية، والزيتية ويغلب على لوحاتي اللون الأزرق والأبيض ألوان مدينة الرباط، وأتخذ البيئة المغربية أساسا لرسوماتي حيث أرسم القلاع، والأبواب، والقصبات والأزقة والمدن القديمة وبعض الحرف التقليدية، والأسواق العتيقة، والطبيعة المغربية بشكل عام. كما أرسم بعض اللوحات حسب الطلب، حيث أجهزها لمن يرغب في منظر معين، فمثلا هناك من يعشق الخيول العربية، وهناك من يعشق الجبال المكسوة بالثلوج في جبال الأطلس، وهناك من يعشق البراري الخضراء المترامية على امتداد ربوع المغرب، ونحاول إرضاء كل الأذواق، والطبيعة المغربية تغري كثيراً بالتعاطي معها، وتلهم الرسام ليرسم أحسن اللوحات، وأرسم على القماش كما على الجلد.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©