الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجموعة «العشرين»...توافُق حذر في بيتسبرج!

مجموعة «العشرين»...توافُق حذر في بيتسبرج!
27 سبتمبر 2009 00:21
تعهد قادة الدول الكبرى العشرين رسمياً بتولي قيادة دفة النظام المالي العالمي وذلك من خلال توصلهم إلى سلسلة من الاتفاقات يوم الجمعة الماضي، هدفت جميعها إلى إنقاذ الاقتصاد العالمي من ركوده الحالي ودفعه نحو التعافي. وقد تمكن الرئيس الأميركي أوباما، الذي استضاف أول قمة لمجموعة الـ20 خلال ولايته الحالية، من تحقيق معظم الأهداف التي كان يطمح إليها، بما فيها موافقة الدول الأعضاء في المجموعة على مراجعة السياسات الاقتصادية لبعضها بعضاً لضمان عدم تكرار سياسات أي منها لمسببات أزمة شبيهة بالأزمة المالية العالمية الراهنة، التي تعد الأسوأ من نوعها منذ الكساد العظيم. وفي ختام قمة الدول العشرين التي انعقدت لمدة يومين في بيتسبرج قال أوباما خلال مؤتمر صحفي عقده بتلك المناسبة: «بسبب التشابك الذي أصبح سمة رئيسية لاقتصادنا العالمي، تزداد حاجتنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن نعمل معاً حتى نضمن قدرة التعافي الاقتصادي على إنشاء المزيد من الوظائف والاستثمارات والصناعات، في ذات الوقت الذي نتفادى فيه انعدام التوازن والتجاوزات التي أدت بنا إلى الأزمة الحالية». وتعتبر قمة بيتسبرج هي الثالثة التي تعقدها مجموعة الـ20 منذ انهيار مصرف «ليمان براذرز» في العام الماضي الذي أدى إلى انهيار اقتصادي عام. وقد بدت مؤشرات التعافي المالي الاقتصادي مؤخراً، ما أثار التساؤلات بين قادة الدول الـ20 حول ما إذا كان قد آن الوقت لتقليص معدلات الفائدة وسحب مليارات الدولارات التي كان مقرراً إنفاقها على خطط الحفز الاقتصادي. بيد أن القادة الذين شاركوا في قمة بيتسبرج الأخيرة جاءوا وهم على اتفاق مسبق على أن الاقتصاد العالمي لا يزال ضعيفاً جداً إلى حد لا يسمح في الوقت الحالي بسحب ميزانيات الحفز الاقتصادي المقررة سلفاً. غير أن الاقتصاد العالمي حقق من الاستقرار ما يكفي حتى الآن لصرف أنظار قادة الدول الكبرى إلى التفكير في كيفية تفادي حدوث أزمات مالية اقتصادية شبيهة في المستقبل. كما توصلت كل من الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية إلى اتفاق بينهما على كيفية وضع حد للمخاطر المالية غير المسؤولة التي تحملتها شركات التمويل قبل الأزمة الأخيرة، مع العلم أن هذا السلوك غير المسؤول هو الذي عجّل بحدوث الأزمة. ومن جانبها أكدت الولايات المتحدة حاجتها إلى زيادة حجم وتحسين مستوى رؤوس الأموال التي ينبغي للبنوك الحصول عليها كي تتمكن من تغطية أي خسائر محتملة. أما الأوروبيون فانصب اهتمامهم على تقييد رواتب ومستحقات العاملين في البنوك وغيرها من المؤسسات المصرفية، بما في ذلك تحديد مكافآت العاملين في هذه المؤسسات. وعلى رغم بعض الخلافات الثانوية بين الطرفين إلا أن الأميركيين والأوروبيين اتفقوا معاً على المبادئ العامة المذكورة، إلى جانب اتفاقهم على ربط مكافآت العاملين في المؤسسات المالية والمصرفية بتقييم مستوى أداء مؤسساتهم على المدى البعيد وليس القريب، فضلا عن الاتفاق فيما بينهم على وجوب توفر المزيد من الشفافية في تداول الأوراق المالية المعقدة في السوق العالمية. كما نجح أوباما في الحصول على التزام كل من الصين وأوروبا بتفادي السياسات الاقتصادية التي من شأنها إحداث خلل اقتصادي كبير، مثل تلك التي حمّلها المحللون الاقتصاديون مسؤولية إحداث الأزمة الراهنة. ووفقاً لنصوص الاتفاق الذي توصلت إليه قمة بيتسبرج، تلتزم الدول ذات العجز الكبير في موازنتها العامة -مثل الولايات المتحدة الأميركية- بتقليص ديونها، في حين التزمت الدول المصدرة الرئيسية مثل الصين وألمانيا بحفز الاستهلاك المحلي الداخلي لمنتجاتها. كما اتفقت الدول الأعضاء المشاركة في القمة على الاستعانة بصندوق النقد الدولي لمراجعة سياساتها الاقتصادية بغية التأكد من أن تلك السياسات لا تتسبب في خلل وانعدام توازن اقتصادي ضارين. هذا وقد وقعت بعض الدول الأعضاء على ما تم التوصل إليه في قمة بيتسبرج، على رغم شكوكها في مدى فعالية الاتفاقات التي أسفرت عنها القمة. وهذا ما أكده «إيزوار براساد» -خبير السياسات وأستاذ الاقتصاد بجامعة كورنيل- بقوله: «لا يزال العديد من قادة الدول الـ20 يتشككون كثيراً في فعالية ما توصلت إليه قمة بيتسبرج. ويتساءل بعضهم عما إذا كانت هذه الاتفاقات ستؤدي فعلا إلى استقرار النظام المالي العالمي، أم أنها مجرد مناسبة قصدت واشنطن تنظيمها صرفاً لأنظار العالم واهتمامه عن العجز الضخم الذي تعانيه ميزانيتها العامة، وحرصاً منها على تصوير أزمتها الخاصة وكأنها أزمة عالمية بالفعل». ولكن يثير «إدوين ترومان» -وهو زميل بمعهد بيترسون للاقتصاد العالمي، ومسؤول سابق بوزارة الخزانة الأميركية- رأياً آخر بوصفه لقمة بيتسبرج بأنها تمثل آخر المحاولات لإعادة توازن الاقتصاد العالمي. ولهذا السبب فهي واعدة في رأيه لكونها تضع المسؤولية كاملة على عاتق قادة الدول الكبرى وتعرض مصيرهم السياسي للخطر في حال إخفاقهم في أداء مسؤولياتهم إزاء الاقتصاد العالمي. يذكر أن قادة الدول الأعضاء اتفقوا أيضاً على جعل مجموعة الـ20 منبراً رئيسياً عالمياً لمناقشة القضايا الاقتصادية، ما يعني تقويض دور مجموعة الثماني التي كان يسيطر عليها الغرب وحده، وإعادة تأسيس نظام اقتصادي عالمي بديل. هذا وترى إدارة أوباما أهمية خاصة لوضع اعتبار لدور الاقتصادات الصاعدة مثل الصين والبرازيل والهند وغيرها في المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، بهدف تمكين هذه الدول من لعب دور أكبر في رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية التي تهم العالم بأسره. أنيس شن وجوليت إيلبرين - بيتسبرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©