السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وترويج الديمقراطية

27 سبتمبر 2009 00:22
هل تتجه إدارة أوباما نحو توفير دعم أقل لجهود تعزيز حقوق الإنسان والإصلاح السياسي في الشرق الأوسط الأوسع، أم أنها ستتبنى فقط لهجة مختلفة فيما يتعلق بتشجيع وترويج الديمقراطية؟ هناك الآن منظور في الولايات المتحدة مفاده أن هذه الإدارة بدأت تأخذ مسافة أمان من سياسة تشجيع الديمقراطية في الشرق الأوسط. وفي مقال في مجلة Commentary عنوانه «التخلي عن الديمقراطية»، يهاجم جوشوا مورافيك، من معهد American Enterprise Institute، إدارة أوباما لأنها «أزالت حقوق الإنسان والديمقراطية من أجندة السياسة الخارجية الأميركية». كما استشهدت مقالات في «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«الفايننشال تايمز» بالعديد من الأمثلة على تحوّل الإدارة نحو التطبيع في واقعها السياسي، وهو تطبيع يركّز على الحفاظ على السلطة بدلا من تشجيع خطابة المبادئ أو المُثُل الفضفاضة. وقد رسمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، على سبيل المثال، في جلسة تثبيتها، الخطوط العريضة لسياسة خارجية جديدة ترتكز على متطلبات الدفاع والدبلوماسية والتنمية. وكانت الديمقراطية غائبة بشكل ملحوظ عن تلك القائمة. ولذا يتهم البعض إدارة أوباما، بإعطاء الأولوية لتحالف أميركا مع أنظمة سلطوية مهمة في العالم العربي للحصول على مكتسبات قصيرة الأمد وجعل الإصلاحات الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية في موقع ثانوي. إلا أن هذا الأسلوب في الوصف السطحي يبدو مبسطاً ويرسم أولويات الإدارة بفرشاة عريضة جداً. إذ ما زال تشجيع الديمقراطية يشكل بالفعل أولوية لإدارة أوباما، وأوضح إثبات على ذلك هو لغة الميزانية. فميزانية أوباما المقترحة للمساعدات الموجهة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للسنة المالية 2010 أكبر بكثير من ميزانية الرئيس السابق بوش. ويشكل تمويل برامج الديمقراطية والحوكمة أكثر من ضعف ما كرسه بوش لهذه البرامج. ومن المؤكد أن جزءاً كبيراً من الزيادة في هذه المساعدات خصص لمناطق النزاعات مثل أفغانستان وباكستان والعراق. وشهدت بقية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادات اختلفت في قيمتها وأهميتها. كما نزعت إدارة أوباما لأن تحوّل الأموال من برامج تشجيع المجتمع المدني إلى برامج التنمية الاقتصادية وحكم القانون. وتعتقد الإدارة الحالية أن الإدارة السابقة كانت قد حوّلت أموالاً واسعة من برامج ضرورية جداً نحو مشاريع الحوكمة التي لا جدوى منها. وثمة دليل آخر على أن إدارة أوباما تفضل استراتيجية لتشجيع الديمقراطية تركز على التنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي كهدفين مكمّلين، ألا وهو دعمها لمؤسسة تحدي الألفية. فقد شكلت هذه المؤسسة، وهي صندوق تنموي أوجدته إدارة بوش، أول محاولة لحكومة الولايات المتحدة لاتخاذ توجه تقوده الحوكمة للمعونة التنموية. وتعمل الأموال التي تدار من خلال مؤسسة تحدي الألفية على ربط مستويات المعونة عن كثب مع نوعية حوكمة الدول التي تتسلم المعونة ومؤسساتها. وقد تكلم أوباما بصوت عالٍ عن أهمية الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان والحوكمة الجيدة: «أما بالنسبة لهؤلاء الذين يتشبثون بالسلطة من خلال الفساد والخداع وإسكات المعارضة، فليعلموا أنهم على الجانب الخطأ من التاريخ»، كما حذر أوباما الزعماء الاستبداديين في خطاب التنصيب. كما جرى تدعيم هذا الخطاب لاحقاً في خطاباته التاريخية في القاهرة وأكرا. ويعتبر الدعم لبرامج المجتمع المدني هدفاً في الموقع الثاني من الأهمية، كما يظهر من زيادة الإدارة للتمويل المقدم لمبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) التي تموّل منظمات المجتمع المدني المحلية وغيرها من عوامل التغيير. ويريد أوباما، كما أعلن في مقابلة مع «واشنطن بوست» قبل تنصيبه، تبني توجه «أقل قلقاً بالشكل وأكثر اهتماماً بالمضمون». ويقلل هذا التوجه من التأكيد على فضائل الانتخابات المبكرة والأطروحات المتغطرسة، ويروج بدلا منها لسياسة مدروسة تعتمد على التنمية الاقتصادية ودعم المؤسسات التي تسمح لمجتمع ديمقراطي بأن يتطور. وبمعنى آخر، فإن الانتخابات إن كانت تعتبر مهمة إلا أنها تفشل أحياناً، كما صرحت كلينتون في جلسة تنصيبها، في غياب «هيئات تشريعية قوية، وهيئات قضائية مستقلة وصحافة حرة، ومجتمع مدني نشط وقوات شرطة نزيهة وحريات دينية وحكم نافذ للقانون». ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تكون فاعلة، ولكن فقط إذا تم دعمها بمعونة دبلوماسية على مستوى عالٍ واستعداد لربط مستويات المعونة بالمساءلة والمبادئ المبنية على الأداء. أنور بوخرس مدير مركز السياسة الدفاعية بجامعة ويلبرفورس الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©