الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكومة الهندية··· والمعاهدة مع أميركا

الحكومة الهندية··· والمعاهدة مع أميركا
23 يوليو 2008 23:53
تمكنت الحكومة الهندية من الخروج سالمة من جلسة برلمانية عاصفة للتصويت بسحب الثقة عقدت مساء يوم الثلاثاء الماضي، ممهدة الطريقة بذلك لتمرير الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة؛ لكن عملية سحب الثقة وما صاحبها من إجراءات برلمانية، طغى عليها الكثير من الصخب مع تبادل الأطراف المتنافسة تهماً بتلقي رشاوى للتأثير في نتائج التصويت؛ وهكذا حصل رئيس الوزراء ''مانهومان سينج''، الذي افتتح الجلسة البرلمانية، على 275 صوتاً مقابل 256 صوتاً كانت من نصيب خصومه الذين سعوا إلى إسقاط الحكومة، في حين امتنع 11 عضواً في البرلمان عن التصويت· والحقيقة أن هذه النتائج جاءت مخالفة للتوقعات التي راهنت على سقوط الحكومة بسبب المعارضة القوية في البرلمان، لكن النجاح الباهر الذي حققه رئيس الحكومة وتمكنه من البقــــاء في السلطة سبقتـــه أيام من النقاش المحتدم ومن الخصومات المستمرة والاتهامات المتبادلة التي وُجه الكثير منها إلى ''سينج'' نفسه، حيث لم يتمكـــن من إنهاء الجلسة البرلمانية حسب الأصول الدستورية· والواقع أن دلالات التصويت تتجاوز مجرد بقاء إدارة رئيس الوزراء ''سينج'' في السلطة، أو حتى إصرارها على إتمام الاتفاقية النووية مع الولايات المتحدة التي راهن عليها ''سينج'' وأرادها أن تكون من إنجازاته الأساسية قبل مغادرته السلطة، بل تمتد الدلالات كما قال ''سينج'' نفسه للصحفيين بعد اختتام الجلسة البرلمانية ونجاة حكومته من السقوط إلى أن ''الهند مستعدة اليوم لتبوؤ المكانة التي تستحقها ضمن الأسرة الدولية''؛ وقد سبق لرئيس الوزراء أن دافع عن الصفقة النووية مع الولايات المتحدة التي ستسمح للهند بالاستفادة من التكنولوجيا النووية وتلبية الاحتياجات الأساسية لاقتصادها المتنامي، لا سيما بعد الصعوبات المرتبطة بشح الطاقة التي يعاني منها الاقتصاد الهندي حالياً وتعيق نموه في بعض الأحيان؛ وفيما تعتبر الحكومة الهندية، وإلى جانبها الإدارة الأميركية، أن الاتفاق النووي سيعزز من العلاقات الثنائية بين البلدين ويعمق الشراكة على الساحة الإقليمية والدولية، فإن الحزب الشيوعي يعارض الصفقة تماماً لتلك الأسباب التي ترحب بها حكومة ''سينج''· وينتظر الاتفاق -حتى يصبح سارياً- موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجموعة الدول الموردة للمواد النووية، ليعرض بعد ذلك على الكونجرس الأميركي للمصادقة النهائية؛ ولم ينجُ الاتفاق النووي من جدل حاد أيضاً داخل الكونجرس بعدما اعتبره بعض النواب خرقاً للسياسات الأميركية المناهضة للانتشار النووي؛ وفي هذا السياق صرحت ''دانا بيرنو'' المتحدثة باسم البيت الأبيض قائلة: ''نعتقد أننا نستطيع المضي قدماً لإتمام الصفقة النووية، لكن لم يتبق الكثير من الوقت للكونجرس لعقد جلساته''· ورغم تمرير الاتفاق النووي بين البلدين -بعد طريق طويل وشاق كاد في العديد من المراحل أن يعصف به- فمازالت العلاقة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة تتخللها تباينات جوهرية، مثل السياسة الهندية تجاه إيران وميانمار؛ هذه الاختلافات في وجهات النظر يعبر عنها ''ستيفن كوهن'' -الباحث البارز في مؤسسة ''بروكينجز'' بواشنطن- قائلاً: ''قد تكـــون الهند قوة صاعدة، لكن ثمن الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحـــدة لن يكون بسيطاً''· وبالنسبة لتصويت يوم الثلاثاء الماضي -الذي فشل في سحب الثقة من الحكومة الهندية- فإن آثاره الحقيقية لن تظهر إلا في الشهور المقبلة عندما ستبدأ الأحزاب الصغيرة، التي تؤثث المشهد السياسي المتشظي في الهند، استعداداتها للمشاركة في الانتخابات المقبلة المقرر عقدها خلال شهر مايو القادم؛ فقد أدى تصويت سحب الثقة الأخير إلى إعادة ترتيب التحالفات السياسية القديمة وتعميق الهوة بين الخصوم السياسيين، كما هدد بتوسيع مساحة الارتياب الشعبي تجاه القادة المنتخبين؛ ويوضح الوضع السياسي الهندي ''باراتاب ميهتا'' -المحلل السياسي ومدير مركز الأبحاث السياسية- قائلاً: ''لقد تم رفع الستار عن الوجه القبيح للديمقراطية الهندية، وستصبح السياسة شرسة للغاية''· ويبدو أن النقاش الذي رافق عملية التصويت على سحب الثقة في البرلمان الهندي اتخذ مساراً عنيفاً مســـاء يوم الثلاثـــاء الماضي عندما اتهم ثلاثة مشرعين من حزب ''بهاراتيا جاناتا'' المعارض حلفاء ''سينج'' الجدد الذي يمثلهم أحد الأحزاب الشمالية المحلية المعروف باسم ''سماجوادي'' بتلقـــي 750 ألـــف دولار مقابـــل الامتنـــاع عــن التصويت· وقد أثيرت تلك الاتهامات قبل ساعتين من موعد التصويت، حيث اكتسح أعضاء حزب ''بهاراتيا'' قاعة البرلمان، وهم يلوحون بأيديهم برزم من النقود، ما اضطر البرلمان إلى رفع الجلسة ليظهر قادة الحزب المعارض أمام كاميرات التلفزيون متهمين الحكومة بالسعي إلى إرشاء الأحزاب الصغيرة؛ وفي هذا الإطار أفادت محطة تلفزيونية خاصة أنها تتوفر على شريط حصلت عليه ضمن مهامها التحقيقية؛ ومع أن المحطة التلفزيونية امتنعت عن بث الشريط، إلا أنها أكدت تسليمه إلى رئيس البرلمان ''سوماث شاترتجي''· وبعد فوز حكومة ''سينج'' في جلسة التصويت البرلمانية يوم الثلاثاء فقد ضمنت البقاء في السلطة حتى موعد الانتخابات القادمة في شهر مايو من السنة المقبلة عندما تنتهي ولايتها التي استمرت خمس سنوات، لكن ليس بدون تحديات ستواجهها على مستوى المصداقية ومستقبلها السياسي· مع أن الحكومة فقدت تأييد الشيوعيين، إلا أنها استطاعت تأمين دعم حزب ''سماجوادي'' الذي كان إلى فترة قريبة أحد أشد الأصوات المعارضة في البرلمان للتقارب الهندي الأميركي؛ أما الحزب الشيوعي فقد تحالف مع أحد الأحزاب التي درجوا في السابق على انتقادها، بالإضافة إلى حزب ''بهاراتيا'' المعارض الذي سعى هو الآخر إلى الإطاحة بالحكومة· سوميني سينجوبتا-نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©