الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحصين من التطرف

11 يوليو 2016 22:40
حملت الأنباء خلال الأيام الفائتة، نبأ مقتل طالبة سودانية «روان، 22 عاماً»، تدرس الطب بالخرطوم، بقصف جوي في العراق، وهي من ضمن الفوج الثاني من الطلاب السودانيين الذين غادروا السودان في صيف عام 2015 إلى تركيا للانضمام إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وبلغ عددهم 18 طالباً وطالبة. وعلى مر التاريخ، وفي حقب زمنية مختلفة، ومنذ نشوء الدولة السودانية بمرجعياتها الدينية، ممثلة في مملكة سنار، وغيرها من الممالك الإسلامية التي قامت على ضفاف النيل وأصقاع السودان المختلفة، عرف عن السودانيين تدينهم المتسامح الذي ينبذ العنف والاقتتال والاحتراب، فقد أخذ السودانيون علومهم الدينية على يد العديد من مشايخ الإسلام والمتفقهين الذين صبغوا عليهم نزعة صوفية صارت تشكل شخصية السوداني، ودرس عدد مقدر من السودانيين كذلك في الأزهر الشريف، فنشروا قيم التسامح والوسطية في مختلف أنحاء السودان. وتنتشر في السودان العديد من الطرق الصوفية، بل إن الصوفية تغوص عميقاً في وجدان شريحة واسعة من الشعب السوداني، وقد احتضنت الكثيرين في مدارسها، وفي «الخلاوى»، فتدارسوا فيها علوم القرآن الكريم والسنة النبوية، وغيرها من العلوم الإنسانية، ومعروف عن التصوف أنه نهج متسامح محب، يقوم على التواد والتصافي، وحب الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم. والسودانيون على مستوى مثقفيهم ومفكريهم وعامتهم، ساد بينهم قبول الرأي والرأي الآخر، وظلوا على الدوام يتبعون منهج مقارعة المختلف بالمنطق والحجة، بعيداً عن أساليب التآمر والاحتراب والاقتتال، ولم يعرف عن السودانيين أسلوب الاغتيالات حتى في خضم اختلافاتهم السياسية على مر تجاربهم في الدولة الوطنية الحديثة، وحتى عند مقاومتهم المستعمر البريطاني، سلكوا طريقاً مدنياً شاقاً بجانب نضالهم الثوري، وتجمعوا عبر مؤتمر الخريجين، فحققوا استقلالهم ونالوا حريتهم. فما الذي دعا عدداً من الجيل السوداني الجديد إلى الانضمام لمثل هذه التنظيمات المتطرفة والإرهابية؟ هذا تساؤل عميق وذو أهمية يجب الوقوف عنده كثيراً، والبحث عن الأسباب الرئيسة والحقيقية وراء خروج هؤلاء الشباب عن ثقافة وموروثات أهل السودان عامة، هذا الأمر يتطلب من الحكومة السودانية، ومنظمات المجتمع المدني السوداني كافة، بذل مجهود جبار من أجل تحليل هذه الظاهرة، ومحاولة سبر أغوارها، وإيجاد سواتر لصدها والوقوف ضدها وضد من يروجون للقتل، وضد من يفتون بغير علم، من أجل المحافظة على طبيعة الإنسان السوداني وروحه المتسامحة، ولا بد أن يعمل المسؤولون وبقوة من أجل محاربة كل فكر ضال، يحاول أن يتغلغل إلى الداخل السوداني، مثل أفكار الطائفية والتشيع، وغيرها من الأفكار الهدامة. على المثقفين السودانيين التنبه لهذه الانحرافات الخطيرة قبل فوات الأوان، من أجل تحصين الشباب السوداني من الغلو والتطرف والإرهاب. الجيلي جمعة- أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©