الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السكرتير الخاص للملك يفرج عن ذكريات السنين معه

السكرتير الخاص للملك يفرج عن ذكريات السنين معه
3 يناير 2008 00:38
أدى مسلسل ''الملك فاروق'' الذي أذيع في رمضان الماضي إلى تنشيط حركة النشر للكتب التي تتناول سيرة وسنوات حكم ملك مصر السابق، وبين هذه الكتب ما يدخل في مجال الدعاية لصالح الملك، لكن هناك كتبا جادة ورصينة في مقدمتها كتاب د· حسين حسني ''سنوات مع الملك فاروق''، والمؤلف هو السكرتير الخاص للملك طوال سنوات حكمه، وصف كتابه ب ''شهادة للحقيقة والتاريخ''، هو انتهى من كتابته في 8 مارس عام 1985 ولم يدفع به للنشر، فاهتم ورثته بعد رحيله بنشره وصدرت طبعته الأولى عام ،2001 ومؤخرا صدرت طبعته الثانية بتقديم المستشار طارق البشري· دافع أخلاقي كتب د· حسين حسني هذه المذكرات بدافع أخلاقي، فقد قال له الملك فاروق لحظة ادراكه انه سوف يغادر مصر ''أنا أعلم أنه سوف يقال عني الكثير والكثير، ولذلك فإن كل ما يهمني هو ان تعرف الحقيقة''، وأورد الكاتب: ''انني قياما بواجب الأمانة، وليس لي من دافع سوى تقوى الله والحرص على مرضاته سبحانه وتعالى، وإرضاء لضميري''· إفساد متعمد على امتداد المذكرات حرص الكاتب على إثبات ان الملك فاروق كان رجلا وطنيا يكره بشدة الانجليز واحتلالهم لمصر، وهو يرى ان الملك تعرض لإفساد متعمد من بعض رجال الحاشية خصوصا أحمد حسنين باشا وجماعته ثم كريم ثابت وآخرين، وكان ضحية كذلك لزعماء الاحزاب· ويذكر موقفين احدهما يتعلق بحادث 4 فبراير 1942 ويرى ان مصطفى النحاس ومكرم عبيد وامين عثمان دفعوا الامور إلى التأزم وكان الهدف عزل الملك فاروق بواسطة الإنجليز· مؤامرات حزبية يتحدث الكاتب عن حادث حصل عام ،1937 وهو ليس معروفا على نطاق واسع ويذكر فيه ان محمد محمود باشا وبعض زعماء الأحزاب ذهبوا إلى السفير البريطاني وذكروا له ان التعاون مع الملك ليس ممكنا وان الافضل عزله عن العرش والمجيء بالامير محمد علي خلفا له، وان السفير كتب إلى بريطانيا بهذا الاقتراح فجاءه رد وزير الخارجية انتوني إيدن بالرفض، قائلا: ''ان الامور لا تصل إلى حد عزل الملك''· والمعني ان زعماء الاحزاب من البداية كانوا يتآمرون على الملك ولم يكونوا مخلصين له· ويكشف السكرتير الخاص حرص الملك فاروق على العلاقات العربية، وكان د· حسين حسني نفسه مسؤول الملف السوداني، ويتولى رعاية الطلاب السودانيين بمصر ويدفع لهم رواتب ومنحا مالية ثابتة، فضلا عن اتصالات أخرى داخل السودان بعدد من زعمائه· الاهتمام بفلسطين في الفصل الخاص بفلسطين نجد اهتماما من الملك فاروق بالقضية الفلسطينية منذ وقت مبكر وانه كان يتابعها باهتمام وكان هو صاحب قرار دخول الجيش المصري حرب فلسطين الأولى، وحين تفجر الحديث عن قضية الاسلحة الفاسدة انزعج الملك ولم يعترض على خضوع بعض رجال الحاشية للتحقيق، لكن الاهم من ذلك ان الملك بعد الهزيمة يئس تماما من ان تقوم بريطانيا بتسليح الجيش المصري، او ان تتخذ موقفا لصالح القضية الفلسطينية ضد إسرائيل، ولذا استقدم إلى مصر بشكل سري عددا من الخبراء الألمان، كان احدهم من قادة الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية ليتولى عملية التدريب ووضع الخطط القتالية، فضلا عن البحث عن أسلحة جديدة، ولم يعلن عن تلك الخطوة نهائيا ولم تذكر حتى بعد سقوط الملك، وسوف نلاحظ ان سياسة الملك العربية قريبة جدا من سياسات عهد ما بعد الملكية، وان كانت الوسائل اختلفت كثيرا· السلبيات أيضا من الطرائف التي يرويها سكرتير الملك ان فاروقا من خلال كبير الخدم بالقصر وكان نوبيا، شكل تنظيما من الخدم والبوابين بالعمارات الكبرى في القاهرة، كانوا يمدون كبير خدم القصر بالمعلومات حول بعض الشخصيات الاجنبية وكذلك بعض الباشوات، وتصل في النهاية إلى جلالة الملك، وكان هؤلاء يفاجأون احيانا بمدى ما يعرفه الملك عنهم من اسرار· ولا يرصد د· حسين ايجابيات ومحاسن الملك فاروق فقط بل يتوقف عند سلبياته كذلك، ويعددها بالقول ''اذا تدبرت في المسلك الشخصي للملك في السنوات الاخيرة وتردده الدائم على الملاهي الليلية وموائد القمار، فإن ما يحدثه هذا المسلك من الاثر السيء في النفوس يفوق ما يترك فيها من اثر جيد كل ما يقوم به لخدمة بلاده، ولو ان خصوم الملك ودعاة الشيوعية انفقوا الملايين لإثارة السخط على شخصه والنفور منه ما وصلوا إلى قدر من النجاح يعادل ما احدثته من الاساءة إلى اسمه وكرامته، واسم وكرامة مصر، أنباء رحلته إلى دوفيل، وقبوله رئاسة لجنة للتحكيم في مسابقة للجمال، إلى غير ذلك من المخازي التي يحار العقل في تعليل رضا الملك بها والسكوت عليها من جانب من يزعمون انهم رجال الحاشية المخلصون··''· وفي هذا الجانب كان يمكن للسكرتير الخاص ان يروي الكثير من الوقائع، فقد كان يعرفها وكان في حالة استياء شديد من الدور الذي يقوم به كل من انطون بوللي وجماعته حول الملك وكذلك المستشار الصحفي كريم ثابت والمستشار الاقتصادي إلياس اندراوس وما قاما به من فساد، لكن تعففه الشديد وتدينه الواضح طوال صفحات الكتاب منعه من ان يذكر الكثير والكثير واكتفى فقط بالاشارة والتلميح·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©