السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبده وازن يقرأ الذين يوقدون الأسرجة

عبده وازن يقرأ الذين يوقدون الأسرجة
2 ابريل 2011 21:18
صدر مؤخراً للشاعر اللبناني عبده وازن كتاب بعنوان “شعراء من العالم” وبعنوان فرعي: “الكرّامون يوقدون الأسرجة”، وذلك في قرابة ثلاثمئة وخمسين صفحة من القطع المتوسط. والحال، إنّ مَنْ يرى الكتاب من الوهلة الأولى سوف يحسب أنه شعر قد قام بترجمته الشاعر وازن عن لغة أخرى خصوصاً أن العنوان الرئيسي يؤكده العنوان الفرعي وفقاً لقَدْر من التأويل. لكن الكتاب الصادر عن الدار العربية للعلوم – ناشرون هو مجموعة من المقالات والدراسات التي يقرأ من خلالها عبده وازن، بوصفه شاعراً، مجموعة من شعراء من العالم الذين ينتمي شعرهم إلى الشعر الحديث والمعاصر في بلدانهم، هكذا يمكن للقارئ أن يطل على مشهد شعري راهن في هذا البلد أو يطل على تجربة شاعر من العالم لم تُتَح له قراءته من قبل. خاصة أن عبده وازن يقدم مقالاته ودراساته في هذا السياق على نحو مختلف مما يفعل الكثير من الكتّاب الأسبوعيين أو اليوميين في الحقل الثقافي ليصدر الكتاب كما هو عبارة عن مقالة يومية لا تستحق عناء القراءة في بعض الحيان. عبده وازن يقدم “شعراء من العالم” بطريقة أكثر منهجية ورصانة ما يجعل الكتاب الذي من الممكن قراءته بانتقائية بدءاً من هذا المقال أو تلك الدراسة أمراً ممكناً خصوصاً إذا كان الشاعر موضوع الحديث لم يقرأه المرء من قبل. أما الملاحظة الأخرى الجديرة بالاهتمام، فهي أن مقالات عبده وازن ودراساته مشفوعة بنماذج شعرية لا يدعي القيام بترجمتها بل أخذها من الكتب المترجمة التي قرأها بالعربية، إنما دون إشارة في كتابه لصاحب الكتاب المترجم الذي أخذها عنه أو حتى عنوان الكتاب نفسه الذي ألهمته قراءته فكرة بعينها ثم كتابة هذه الفكرة وتضمينها كتابه. لكن هذا الأمر لا يمنع القول إن كتابة عبده وازن في “شعراء من العالم” قد لا تتمتع بمنهجية صارمة وواضحة في الكتابة لكنها كتابة بحد ذاتها يمكن وصفها بأنها “كتابة شعرية”. إن ما يلتفت إليه عبده وازن في مقالاته ودراساته هذه هو الفكرة الشعرية والتعبير عنها وفقاً لما تلهمه إياه قراءة الشعر بوصفه واحداً من المنشغلين بالكتابة عما يُكتب في العالم شعراً وكلاماً على الشعر. وهذه الشعرية في الكتابة يكمن جذرها في شعرية القراءة فيشعر المرء أن عبده وازن لم يتقصّد لمقالته أو دراسته أن تكون كذلك بل ترك لمخيلة التأمل الشعري لديه أن تجري على سجيتها وأن تعبّر عن نفسها بما يمكن لها أنْ تعبّر، أي أن يقول الفكرة كاملة، وذلك أحد الأسباب التي تجعل من قراءة الكتاب ممتعة بالإضافة إلى نزعة الشاعر إلى التعريف بشعراء ومصادر شعرية راهنة ومعاصرة مختلفة عما يقدم عادة ضمن سياقات أكاديمية غربية غالبا، إذ نجد في الكتاب ما يتجاوز ذلك إلى محاولة رسم صورة عما يحدث في هذه الشعرية من شعريات العالم أو تلك. وبعيداً عما إذا كان الكتاب دعوة لقراءة هؤلاء الشعراء أم للاطلاع على تجاربهم فإن من بين مقالات دراسات عبده وازن ومقالاته، فإن هناك العديد من الشعراء الذين يقدمهم عبده وازن في كتابه تجدر قراءتهم خاصة عندما يعزز الكاتب من فكرته حول شاعر بعينه باخيتار مقاطع شعرية استوقفته هو دون أن يجعل من مستوى الترجمة مداراً لنقاش. ومن الواضح من قراءة الكتاب أن عبده وازن أقرب إلى تيار شعري في العالم، إذا جاز التعبير، ينزع باتجاه الشعر التأملي في الوجود والحياة والمصائر الفردية، لكنه في الوقت نفسه أبعد ما يكون عن الشعر المعقّد في طروحاته التي تتناول أفكاراً فلسفية محضة وأبعد ما يكون عن شعر اللغة بل أقرب إلى ما هو شفاف وإنساني في الصورة الشعرية وجماليتها الخاصة. من بين الشعراء الذين يقدمهم الكتاب، أو بمعنى أدقّ، يقرأهم عبده وازن الأرجنتينية أليخاندرا بيزارنيك التي ماتت منتحرة .
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©