السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الرقابة الغذائية : بدأنا من حيث انتهى الآخرون لضمان سلامة اللحوم

الرقابة الغذائية : بدأنا من حيث انتهى الآخرون لضمان سلامة اللحوم
25 يوليو 2008 01:45
قبل أعوام، اضطر يوسف الحمادي إلى التخلص من لحم كانت زوجته قد همت بتحضيره لوجبة العشاء، بعد أن خرجت منه رائحة غريبة دلت على أنه فاسد· وليس الحمادي الشخص الوحيد الذي تعرض لمثل هذا الموقف، لكنه يؤكد أن الحال تغير مع إنشاء جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية عام ،2005 وما تلاه من سن تشريعات لتنظيم بيع اللحوم وتصنيعها· وجاء إنشاء الجهاز - وهو الجهة ''الوحيدة'' المسؤولة عن سلامة غذاء المستهلك وجودته - متسقا مع سعي الإمارة إلى أن تكون ضمن أفضل خمس حكومات في العالم، بحسب ما يؤكده مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في الجهاز محمد جلال الريايسة· ويصف الريايسة سوق اللحوم في إمارة أبوظبي قبل إنشاء الجهاز، قائلا إن عدد المنشآت العاملة في مجال اللحوم كانت لا تتجاوز 300 منشأة، افتقر معظمها الى أبسط المتطلبات الصحية· ويلخص أهم مشاكل تلك الحقبة بـ''صغر المساحة، وإهمال النظافة، وجهل العاملين بأبسط القواعد الصحية، والجمع بين أكثر من نشاط تجاري في مكان واحد''· ويتابع الريايسة أن عدد المنشآت المتخصصة ببيع اللحوم بشتى أنواعها في الإمارة يبلغ 650 منشأة، منها 390 في مدينة أبوظبي والمنطقة الغربية، والبقية في مدينة العين· وفي مقارنة بين واقع الحال قبل إنشاء الجهاز وبعده، يقول الريايسة إن عدد الاشتراطات الصحية الخاصة بأنشطة تداول اللحوم لم يتجاوز ستة اشتراطات قبل إنشاء الجهاز عام 2005 واليوم فاق عددها 13 اشتراطاً تتضمن المتطلبات الصحية لتداول ونقل وعرض وحفظ اللحوم ومنتجاتها (لحوم حمراء، أسماك، دواجن، ولحوم مصنعة ومصنعة جزئياً)· ويتولى 17 مسلخاً موزعا في إمارة أبوظبي مهمة ذبح الحيوانات وفحصها، حيث يخضع اثنان منها الى رقابة مباشرة من وحدة تفتيش اللحوم ووحدة المسالخ بإدارة صحة الحيوان والنبات التابعة للجهاز، كونهما متخصصين في الاستهلاك التجاري، فيما يتم الذبح في المسالخ الـ15 الاخرى لغايات الاستهلاك الشخصي· ويجمل الريايسة الأهداف العامة لوحدة تفتيش اللحوم التابعة لقسم التفتيش التخصصي - الذي يشكل إلى جانب أقسام تفتيش الأغذية والمنافذ الحدودية والتصاريح والشهادات - ما يسمى بإدارة العمليات الميدانية· إذ تتابع الوحدة محلياً وإقليمياً ودولياً الأمراض التي تنتقل عبر اللحوم، وتتخذ الإجراءات المانعة لانتقال تلك الأمراض إلى الإنسان، والمشاركة في وضع الخطط الطارئة للسيطرة على الأمراض المنقولة عن طريق اللحوم· وبما أن 90% من استهلاك الإمارة للحوم يستورد من 164 دولة تتصدرها أستراليا والبرازيل، فإن الوحدة تولي ''اهتماما كبيرا'' بعملية تفتيش شحنات اللحوم المستوردة بالتنسيق مع الجهات المتخصصة الأخرى، وفق الريايسة· ويضيف أن من مهام الوحدة كذلك التفتيش بغرض منح التراخيص للمنشآت والمركبات المتخصصة بتداول اللحوم، ومراقبة عملها عبر مفتشيها الـ25 المنتشرين في جميع أنحاء الإمارة، إضافة إلى تنوير المستوردين والمصدرين والمستهلكين بالاشتراطات الخاصة بسلامة اللحوم وطرق تداولها، فضلا عن عقد دورات تدريبية للعاملين في مجال اللحوم· وفي السياق ذاته، يكشف الريايسة عن أن العمل جار لاعتماد شركات لتدريب العاملين في مجال الأغذية على الممارسات الصحية الجيدة، ويتوقع أن يكتمل تدريب جميع العاملين في مجال اللحوم على اتباع تلك الممارسات مع نهاية عام ·2009 وكانت الوحدة بدأت فور تأسيسها وتحديد مهامها قبل ثلاث سنوات بوضع الاشتراطات الأساسية لترخيص المنشآت العاملة في مجال اللحوم ومن ثم توزيعها على أصحاب تلك المنشآت، ومنحتهم مهلة لتصويب أوضاع تلك المنشآت انتهت مطلع العام الماضي· ومنذ ذلك الحين، بحسب الريايسة، لم تمنح أية رخصة لأية منشأة لا تتوافر فيها الاشتراطات التي وضعت بالاستفادة من تجارب البلدان الأخرى، ويقول الريايسة ''بدأنا من حيث انتهى الآخرون''، ولفت إلى أن الوحدة لجأت في بداياتها إلى إجراء دراسات ومسوحات ميدانية لاستطلاع نقاط القوة والضعف في المنشآت المتخصصة باللحوم· وكشفت تلك المسوحات حينها، وفق الريايسة، أن 20% من عينات اللحوم التي جرى جمعها وفحصها كانت ملوثة بالبكتيريا، وكان تصنيع اللحوم وتجهيزها يتم في ظروف صحية غير ملائمة، ما حدا بالجهاز إلى استحداث اشتراطات تحدد بموجبها مواصفات منشآت تصنيع اللحوم من حيث المساحة والمعدات الواجب توافرها· وانطلاقا من أن اللحوم المفرومة تشكل ''بيئة خصبة'' للتلوث· فقد حددت الاشتراطات مواصفات المنشآت التي يمكنها ممارسة هذا النشاط، وسمحت للمنشآت الصغيرة بفرم اللحوم أمام المستهلك فقط· كما منعت عرض هذا الصنف من اللحوم إلا في المجمعات التسويقية بشروط تتعلق بالسلامة العامة، وإجراء تدريب للعاملين والتأكد من صحتهم، وتوفير إحصاءات تبين كمية اللحوم المفرومة المباعة في اليوم، لتتناسب كمية العرض مع الكمية المباعة· التشريعات كذلك كان لها نصيب من التحديث، بحسب الريايسة· فقد دخل قانون الغذاء رقم (2) لسنة ،2008 حيز التنفيذ مطلع يوليو الحالي، ليحل محل قوانين الصحة العامة التي كانت المرجعية الرئيسة فيما يتعلق بالمخالفات والغرامات في مجال اللحوم والغذاء بشكل عام· وتنص المادة الــ 16 من القانون على عقوبات تبدأ من خمسة آلاف درهم وتصل إلى مائتي ألف درهم إضافة إلى عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، لكل من تداول أو أدخل مواد غذائية ضارة أو مغشوشة أو ساهم في تضليل المستهلك بشأن تداول مواد غذائية· ويقسم الريايسة المخالفات التي يحررها مفتشو الوحدة إلى قسمين أولهما: مخالفة الاشتراطات الأساسية، مؤكدا أن هذا النوع من المخالفات يكاد يكون معدوما في المرحلة الحالية· وثانيهما: المخالفات المرتبطة بالممارسة مثل عدم ارتداء الزي الخاص بالعاملين، وتكرار مثل هذه المخالفات، بحسب الريايسة، قد يؤدي إلى توجيه إنذار بعدم الالتزام بشروط السلامة، يتبعه تحرير مخالفة في حالة استمرار عدم الالتزام· وتظهر إحصاءات الوحدة أن مفتشيها نفذوا 19·981 زيارة عام 2006 أعدموا خلالها 27 طنا من اللحوم· ارتفعت إلى 39 ألفا و275 زيارة عام ،2007 أعدموا خلالها أكثر من 42 طنا· ويعزو الريايسة انخفاض أعداد المخالفات والإغلاقات إلى وعي العاملين في منشآت اللحوم بالقانون والاشتراطات الأساسية· ويرى عاملون في قطاع تصنيع اللحوم أن تشديد الإجراءات ''مصلحة عامة''، كما يقول فاروق أعظم وهو صاحب ملحمة في سوق مدينة زايد· ويضيف فاروق، باكستاني الجنسية، أن متابعة فرق التفتيش للأماكن التي تباع فيها اللحوم ساهم في رفع مستوى النظافة، وقلل احتمالات التلوث· ويقارن مواطنه نواز فضل رازق حال سوق اللحوم بما كانت عليه قبل 11 عاما عندما بدأ العمل في هذا المجال، قائلا إن ''النظافة كانت شيئا استثنائيا''· ورغم تأييده لوجود رقابة حثيثة على أماكن تداول اللحوم، إلا أن نادر محمد موسى وهو مصري الجنسية يشكو من تشديد الإجراءات، ويقول إن ''هناك اشتراطات صعبة لا يؤثر وجودها أو عدمه في جودة اللحوم أو رداءتها''· وهو رأي يؤيده لياقت علي الذي يأخذ على مفتشي الوحدة ''فرض عقوبات باهظة التكاليف بسبب أخطاء بسيطة''· أما ميران حميد فيرى ''ظلما'' في تركيز المفتشين على منشآت دون غيرها، وهو ما دافع عنه الريايسة قائلا إن عمليات التفتيش تزداد على أي منشأة يشتبه بعدم تقيدها بالاشتراطات· ويعد سكان في أبوظبي تشديد الإجراءات على أماكن بيع اللحوم ''عاملا مهما'' في إشاعة أجواء الثقة بمنشآت بيع اللحوم·ويبدي المواطن سالم حنيف إعجابه بمستوى سوق اللحوم الطازجة، لكنه يطالب بإلزام جميع المنشآت التي تبيع اللحوم المستوردة بتثبيت ملصقات تفيد بتاريخ الذبح ومدة الصلاحية للاستهلاك البشري· محمد سلام، المقيم منذ أكثر من عشرين عاما في أبوظبي، يؤكد أنه لاحظ زيادة الاهتمام بالنظافة على مستوى العاملين وأماكن بيع اللحوم في الفترة الماضية، لكن المشكلة تكمن في ''زيادة الأسعار''· لكن غلاء الأسعار لا يشكل عائقا أمام كثيرين يفضلون ابتياع اللحوم من المراكز التسويقية الكبرى· إذ تعبّر فيكي عن رضاها عن جودة اللحوم في إمارة أبوظبي، لكنها تنتقد عدم التزام بعض العاملين في الملاحم الشعبية بنظافة الثياب والهندام· وتصنف أبوظبي ضمن الدول العشر الأوائل على مستوى العالم في مجال رقابة الغذاء، بحسب تصريحات سابقة لرئيس منظمة الاتحاد الأوروبي للغذاء باتريك وول· كما حصلت مختبرات جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية على الاعتماد الدولي (آيزو 17025) من هيئة خدمات الاعتماد البريطانية (يوكاس) في مجال رقابة الأغذية والسلامة الغذائية· وتبقى مكاتب وحدة تفتيش اللحوم مفتوحة لأي ملاحظات أو شكاوى، كما يقول الريايسة، لكن هناك من يفضل أن يتخلص من اللحوم الملوثة بهدوء ودون شكوى، لأن ''قطع الأعناق دون قطع الأرزاق'' وهو رأي يحبذه يوسف الحمادي·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©