الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«معهد مصدر» يبحث إمكانية تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية

«معهد مصدر» يبحث إمكانية تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية
28 مايو 2010 23:21
يبحث معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا إمكانية استخدام الطاقة الشمسية في عملية تحلية المياه، عبر أساليب مبتكرة تكون موفرة للتكاليف وتحدّ من الأثر البيئي من خلال تقليص انبعاثات عاز ثاني أكسيد الكربون. وأكد عضو الهيئة التدريسية في المعهد البروفيسور حسن البنا فتح في مقال علمية أن وفرة الطاقة من خلال الإشعاعات الشمسية في الإمارات تفسح المجال أمام المزاوجة بين منشآت التحلية وأنظمة الطاقة الشمسية. وجاء في المقال الخاص بـ”الاتحاد” أن العالم يواجه نقصاً في المياه مع تزايد عدد السكان وظهور آثار تغيّر المناخ بشكل أوضح. وتقدّر “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أن هناك حوالي مليار شخص لا يمكنهم الحصول على مياه شرب نظيفة. ووصلت 25 دولة إلى مستوى الفقر في حصة الفرد من المياه النظيفة، بحسب تعريف الأمم المتحدة، ومن بين هذه الدول الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي والبلدان الأخرى المحيطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقال البروفيسور البنا “إن التحدي بالنسبة لدولة الإمارات، وغيرها من الدول التي تجد نفسها في الوضع ذاته، هو تحدٍّ له علاقة بالطاقة بقدر ما له علاقة بالمياه، وهذا ما سأقوم بتوضيحه، إذ أنه يعد أحد المجالات الهامة للأبحاث المستمرة التي تستأثر عنايتنا في “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا”، حيث أوكلت المهمة إلى ألمع العقول التي تتعاون مع المسؤولين في الصناعة والحكومة، لمعالجة مثل هذه التحديات، من خلال تطوير حلول عملية في مجال الطاقة”. وقد كانت مهمة الحصول على مياه نظيفة قبل أربعين سنة تمثل تحدياً يومياً لمن كانوا يعيشون في المنطقة. لكن مع انتهاج تقنية التحلية وإدارة المياه، تمكنت دولة الإمارات من إيجاد بديل فعّال وموفّر للتكاليف فيما يتعلق بالعناء الذي يتكبّده الناس يومياً في سبيل تأمين مياه نظيفة، بحسب المقال. وبفضل تقنية التحلية، لم يعد هناك نقص في إمدادات المياه طيلة سنوات عديدة. وتُستخدم اليوم هذه التقنية التي أثبتت فعاليتها في توفير المياه وحاجات الحياة لأكثر من 120 مليون شخص حول العالم، حيث تؤمن محطات التحلية أكثر من 59.9 مليون متر مكعب من المياه يومياً. وتنتج الإمارات وحدها ما نسبته 14% من المياه المُحلاة في العالم. ويتمثل رواج هذه التقنية في دول مثل الإمارات، وغيرها من البلدان في أرجاء الشرق الأوسط، في حقيقة أن تحلية مياه البحر تعد أقل تكلفة من نقل المياه المعالجة من مصادر المياه الطبيعية إلى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات، وفقا للبروفيسور البنا. انبعاثات الكربون ورغم الفوائد الواضحة والجمّة للتحلية، إلا أنها تنطوي على مشاكل خاصة بها وقد تكون مرتفعة التكلفة بشكل كبير فيما يتعلق بالطاقة والرواسب الملحية وتشكل عاملاً أساسياً في رفع مستوى حصة المواطن الإماراتي من انبعاثات غاز الكربون في الدولة، ما يزيد المخاوف البيئية على مستوى المنطقة ككل. واستجابة لهذا الأمر، أعرب “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا” عن التزامه بإيجاد طرق تُساعد الناس في أبوظبي والعالم على العيش بشكل أكثر استدامة، من خلال معالجة قضيتي الموارد المائية واستهلاك الطاقة الشائكتين إلى حدّ كبير. وباعتبارها تقنية ذات أولوية، فإن التحلية كانت على رأس جدول أعمال عدد من طلاب الدراسات العليا وأعضاء الهيئة التدريسية. وقال البروفيسور البنا “إننا نؤمن بأن الطاقة الشمسية تعتبر واحدة من الطرق التي تسمح بتجاوز احتياطيات العالم من المياه وضمان أن تلبي مصادر المياه الطلب المتزايد بشكل مستمر، خاصة في أبوظبي”. وأضاف “من خلال تسخير طاقة الشمس، نبحث عن عمليات جديدة في تقنية التحلية تكون موفرة للتكاليف وتحدّ من الأثر الذي يتركه هذا على البيئة من خلال تقليص انبعاثات عاز ثاني أكسيد الكربون. وقد يكون لهذه العملية ميزات واضحة بالنسبة لدولة الإمارات التي تنعم بأشعة الشمس”. وبين أن “وفرة الطاقة من خلال الإشعاعات الشمسية في الإمارات تفسح المجال أمام المزاوجة بين منشآت التحلية وأنظمة الطاقة الشمسية، ما يؤدي إلى توفير المياه بطريقة أكثر استدامة اقتصادياً وبيئياً. ومن خلال تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري في عملية التحلية، فإن مشتقات الهيدروكربون (التي تعتبر مصدراً تزداد قيمته بشكل مستمر) يمكن استخدامها في المنتجات الأكثر أهمية وكمادة للتصدير مرتفعة القيمة، وهو ما يحافظ على مكانة أبوظبي كجهة رائدة في إنتاج الطاقة”. ومن بين المشاريع البحثية الأساسية في “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا”، هناك مشاريع تساعد على تحسين أداء تقنيات التشغيل في منشآت التحلية في أبوظبي، بالإضافة إلى تطوير جيل جديد من منشآت التحلية التي تستهلك أنواعاً أكثر من الطاقة المستدامة. وفي “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا”، يجري الطلاب أبحاثاً حول آخر ما توصلت إليه التقنيات الشمسية في أرجاء العالم، مستفيدين من كل المزايا التي تقدمها بحيث يحاولون إيجاد صيغة للتحسينات التي يريدون إدخالها التي ستزيد بنسبة 50% من كفاءة منشآت التحلية القائمة الآن والعاملة بالطاقة الشمسية، ومن بينها منشأة التحلية الأولى في أبوظبي العاملة بالطاقة الشمسية ومنشأة التحلية العاملة باحتراق الغاز والموجودة على جزيرة أم النار التي تبعد 12 ميلاً عن ساحل أبوظبي الشرقي. الرواسب الملحية وإضافة إلى انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، تنتج منشآت التحلية كميات كبيرة من الرواسب الملحية التي قد يكون لها أثر ضارٌ جداً على البيئة المحلية، ولهذا فإن عاملاً أساسياً في التخطيط لتقنية تحلية جديدة يتمثل في إيجاد طرق لاستخدام هذه المنتجات الثانية بشكل فعال. وتابع البنا “يشتمل جزءٌ من عملي على دعم الطلاب في أبحاثهم التي تسعى لاكتشاف أنظمة لتقطير الرواسب الملحية إلى أملاح ومواد معدنية تستخدم في الصناعة، وهو ما يقلل الضرر على البيئة ويخفف التكاليف المالية الإجمالية لعملية التحلية”. وباعتبارها جزيرة، تملك مدينة أبوظبي مصادر وافرة من مياه البحر. إلا أن المناطق الداخلية في الإمارة والدولة غير المطلة على البحار، غالباً ما تعتمد على احتياطيات المياه الجوفية. وقال “في الإمارات، تبلغ نسبة الملوحة في المياه الجوفية ضعفي نسبتها في مياه البحر، وهو ما يعني أن عملية التحلية شبه مستحيلة وتستنزف الطاقة بشكل كبير”. وفي هذه الأثناء، يتم استخدام أحدث ما توصلت إليه تقنيات الطاقة الشمسية لزيادة توليد الحرارة لأقصى درجة، تجري في “مدينة مصدر” اختبارات على طرق جديدة ذات جدوى اقتصادية أكبر بحيث يصبح في النهاية هناك إمكانية لجعل المياه الشديدة الملوحة قابلة للشرب. إنه بحثٌ ذو أهمية كبيرة، وإذا نجح فإنه قد يوفر حلاً مفيداً وقابلاً للاستمرار يمكن تطبيقه خارج أبوظبي وفي دول أخرى. وعلى نطاق محليّ أصغر، يتم إجراء اختبارات على وحدات طاقة شمسية بسيطة وتقنيات نظم الأغشية التي تفصل البخار عن الماء المالح وتُعيد تكثيفه، بحيث تسمح للمنازل الموجودة في المناطق النائية بتحلية الماء بنفسها. ومن خلال إيجاد طرق لجعل هذه العملية بسيطة وفعالة وموثوقة وتعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية، فإنه يمكن تخفيف الطلب على منشآت التحلية في المدن، ويمكن للمواطنين أن يؤمّنوا حاجاتهم من المياه بأنفسهم، كما يمكن لهذه التقنية أن تحد من مشاكل الهجرة إلى المدن المنتشرة في أرجاء العالم، وفي الإمارات كذلك، بحسب البروفيسور. الصناعة الإماراتية وبالنسبة للصناعة الإماراتية، يمكن لهذه الابتكارات أن تعود بتوفير هائل وتفسح المجال أمام تقنيات جديدة تأتي بعوائد مالية جديدة ومتنوعة، وهو ما يعني أن الكادر التدريسي والطلبة في “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا” لا يُساهمون فقط في الحراك العلمي حول العالم، بل يقودون التطوير في مجال المال والأعمال والصناعة في الإمارات. وقد بدأت هذه المشاريع التي تم إطلاقها في “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا” تؤتي ثمارها. وقال البروفيسور “كجزء من البحث الذي أقوم به، تم الكشف عن براءة اختراع لتحسين تقنيات التحلية المعمول بها حالياً وتطوير جيل جديد من منشآت التحلية الضخمة، وهو ما يضمن أن أبوظبي ومدن المستقبل يمكن أن تستمر في توفير الماء لعدد سكانها المتزايد، دون زيادة الوقود الأحفوري المستخدم في ذلك. كما نقترب من الإعلان عن براءات اختراع أخرى. وبينما يتطلع الطلاب إلى معالجة التحدي التالي، بدأ العديد منهم البحث عن وسائل لاستغلال المزيد من مصادر الطاقة المتجددة في المنطقة، ومن بينها طاقة الحرارة الأرضية وطاقة الرياح والأمواج”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©