الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا.. معركة «علاقات عامة» لحماية الأقليات

سوريا.. معركة «علاقات عامة» لحماية الأقليات
10 ابريل 2014 00:01
مارتين أرمسترونج بيروت عندما سيطرت المعارضة السورية على مدينة «كسب» ذات الأغلبية المسيحية الأرمينية على الساحل السوري الشهر الماضي، فرّ سكانها البالغ عددهم ألفي نسمة، وفي ظل حضور / وجود «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وجماعات إسلامية أخرى، خشي هؤلاء السكان من تعرض مدينتهم إلى ما هو أسوأ. وحتى الآن، لم تتجسد هذه المخاوف، وبدلاً من ذلك، يبدو أن الثوار يستخدمون «كسب» كفرصة لمحاولة تحسين سمعتهم فيما يتعلق بالمعاملة الوحشية المتطرفة حيال المسيحيين والشيعة في سوريا. ولكن نظام الأسد، الذي يُنصب نفسه حامي حمى الأقليات، شنّ حملة إعلامية لإظهار أن الإسلاميين يرهبون المسيحيين في «كسب»، وهو ما حوّل المدينة إلى ميدان معركة علاقات عامة في الحرب الأهلية السورية. وأذكت مخاوف المسيحيين من المعارضة المسلحة أحداث منها مذبحة «حطلة»، التي راح ضحيتها 30 شيعياً على الأقل، ناهيك عن ملامح الحياة في ظل سيطرة الجماعات المتطرفة، كـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وجماعة أخرى ذات صلة بتنظيم «القاعدة» التي ترى وجوب قطع رؤوس «المرتدين» على الملأ، وجباية الجزية، أو ضريبة الحماية. وفي محاولة للاستفادة من هذه السمعة، أغرق النظام وسائل الإعلام الاجتماعي بصور صادمة للقتل وتدنيس مواقع دينية شيعية ومسيحية تم الحصول عليها من أحداث أخرى أثناء الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وبلغ الأمر أن وزّع الموالون للنظام فيلم رعب من إنتاج عام 2005 أطلق عليه اسم «اللعنة الداخلية» لإعطاء انطباع بأن مذبحة طائفية تحدث. وسرعان ما قدمت المعارضة السورية روايتها، حيث نشرت وسائل الإعلام المؤيدة للمعارضة تسجيلات فيديو تظهر الثوار وهم يساعدون سكان «كسب» العاجزين عن الفرار من الضربات الجوية من قبل النظام، إلى جانب حماية الكنائس المحلية. وزار زعيم الائتلاف الوطني المعارض أحمد الجربا، المدينة مؤخراً للتأكيد على رغبة المعارضة في حماية السكان. وأهابت جماعة «مسيحيين سوريين من أجل الديمقراطية» ذات الصلة بالمعارضة، بالمشرعين الأميركيين إجراء تحقيق في الانتهاكات المنهجية من قبل النظام السوري ضد المجتمع المسيحي، زاعمين أن الأرمن السوريين يجبرون على التجنيد للقتال مع النظام. ولا تزال «كسب» في أيدي المعارضة، التي اندفعت إلى أجزاء ساحلية أخرى في سوريا، وقال الأب «باول هايدوستين»، رئيس جامعة «هايكازيان» في بيروت: «إننا نحن الأرمن، غير مهتمين بحرب المعلومات التي تحدث في الوقت الراهن، فالأحزاب المتشاكسة استغلت الموقف في بلدة كسب لتعزيز أجنداتها». وللتاريخ أثر كبير على الأرمن في «كسب»، ولا سيما أن وجودهم في المدينة والوادي المحيط بها يعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وتعرضوا لعمليات نزوح منذ ذلك الحين إلى صحاري دير الزور بالقرب من الحدود العراقية والأردن. وأفاد «هاجوب خاتشيرين» الأمين العام لحزب «تاشناج» الأرميني اللبناني، الذي سافر مؤخراً إلى سوريا لتقييم احتياجات النازحين، بأن عملية الترحيل الأخيرة مثيرة للقلق، حتى وإن لم يوجد دليل على العنف. ووجد غالبية سكان المدينة ملاذاً آمناً في مدينة اللاذقية الساحلية التي يهيمن عليها النظام، بينما شقت نحو 80 أسرة طريقها إلى لبنان، باحثين عن ملاجئ لدى الأقارب في بيروت ومدينة أنجار الأرمينية في وادي البقاع. ويقول بعض سكان «كسب» الآن في بيروت إن هجوم المعارضة البري سبقه قصف مدفعي من داخل تركيا، وكشفت وسائل إعلام أرمينية عن مقاتلين عبروا من الثكنات العسكرية التركية في طريقهم إلى «كسب»، التي تبعد أقل من ميل واحد عن الحدود. وتشير المزاعم، على رغم ذلك، إلى درجة من التورط التركي الذي نكأ جراحاً قديمة بين الأرمن وبين أنقرة، وغذى غياب الثقة في المعارضة. وخلال الأسبوع الماضي، أصدر وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بياناً يقول فيه إن هؤلاء النازحين من «كسب» مرحب بهم في تركيا، التي استقبلت بالفعل مئات الآلاف من السوريين السنة. ويؤوي «ميجو أبانيان»، وهو أرميني نشأ في «كسب»، عمته وزوجها في بيروت، موضحاً «أنهما في صدمة، ولا يعرفان إذا كان سيظل لهما منزل يعودا إليه». وفي أحد المقاهي في منطقة برج حمود الأرمينية في بيروت، يتذكر «أبانيان» طفولته في كسب، قائلاً: «عندما كنت شاباً، اعتدت النزول إلى الشاطئ في السمراء، بالقرب من كسب للسباحة، وكان الجانب السوري مليئاً بالصخور، بينما كان الجانب التركي رملياً وأكثر راحة». وأضاف «كان حرس الحدود السوريين يسمحون للسباحين بالعبور إلى تركيا، بينما يراقبونهم عبر المناظير». وتابع «كانت إذا جاءت دورية حدودية تركيا، يصيحون فينا، ما يدفعنا للهروب عودة إلى الجانب السوري»، وعليه تعرضنا لهذا الخوف وانعدام الثقة في تركيا. وعلى رغم حملة العلاقات العامة، تأثرت المعارضة سلباً ليس فقط بسبب سجلها في استهداف الأقليات، ولكن أيضاً نتيجة حصولها على مساعدات من تركيا. ولفت أبانيان إلى أن الجميع يعرفون أن الأسد كان مستبداً، ولكن كانت معاملة المجتمع الأرميني جيدة، وقد ارتكبت الجماعات المتطرفة أخطاء كثيرة. وأضاف أنه على رغم عدم وجود مذبحة، لكن يبدو أن شعب «كسب» قد سلب منه نمط حياته السلمي والتقليدي. ينشر بترتيب خاص مع «خدمة كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©