الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل من دواء لمرض الكراهية؟!

10 ابريل 2014 00:04
عبد الله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا يوافق هذا الأسبوع الذكرى العشرين لمذبحة رواندا التي توصف بأنها من أكبر مذابح التصفية العرقية في القرن العشرين، إذ على مدى مائة يوم قام المجرمون القتلة من قبيلة الهوتو الرواندية بقتل ما يزيد على ثمانمائة ألف من شركائهم في الوطن قبيلة التوتسي الرواندية العريقة في التاريخ الأفريقي. ولم يسلم من جرائم القتلة “الهوتيون” حتى إخوانهم من أبناء قبيلتهم المعتدلين الذين استنكروا ورفضوا المشاركة في الجريمة الشنيعة التي ارتكبها وخطط لها أغلبية أبناء القبيلة من سياسيين و«متعلمين» وعسكريين وحتى بعض رجال الدين المسيحي. ظلّت المذبحة البشرية تجرى على مدى مائة يوم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي ومنظمته الدولية ومجلس أمنه. وبرغم النداءات المتكررة التي ظل يبعث بها قائد قوات الأمم المتحدة من مسرح العمليات الجنرال الكندي “دي لوري” إلى الأمين العام ولمجلس الأمن. وتحذيراته المبكرة، فإن مجلس الأمن الموقر لم يحرك ساكناً حتى وصل تعداد المذبحة العرقية ما وصل إليه من رقم الضحايا. في ذكرى هذه المأساة الإنسانية التي يعجز المرء عن وصفها، وقفت شعوب العالم ومعظم حكوماته وقفة للذكرى والتذكير بالقسم الذي أطلق تحت شعار (أبداً لن تتكرر المذبحة، وكان في مقدمة الواقفين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وإلى جانبه كانت السيدة رئيسة الاتحاد الأفريقي، لم يكتف الأمين العام باستعادة ذكريات الأيام السوداء في تاريخ أفريقيا والمجتمع البشري، بل أعلن (وبمسؤولية يشكر عليها) للعالم أننا الآن أمام “مذبحة رواندية” جديدة تجرى في جمهورية أفريقيا الوسطى المنكوبة، حيث تدور مذابح أخرى تحت مسمى النزاع أو الاختلاف الديني (هذه المرة) بين أغلبية مسيحية وأقلية مسلمة (الواقع أن الأغلبية من سكان البلد المنكوبين هم على ديانات جدودهم الأفريقية ولا أقول الوثنية). أفريقيا الوسطى لم تعرف ولم تذق طعماً للاستقرار والأمن منذ استقلالها عن فرنسا في ستينيات القرن الماضي. فقد ظلّ شعبها البائس يرزح تحت سطوة الانقلابات العسكرية وطموحات العسكر. وظلّ الحكم طوال تلك العقود مقصوراً على العسكريين والمسيحيين وإخوانهم والسياسيين الفاسدين الذين شاركوهم في نهب ثروات البلد الطبيعية، بينما شعبهم في مقاييس الأمم المتحدة من أفقر عشرة شعوب في العالم. وتمكن «تنظيم إسلامي» من السلطة ونصب رئيساً للجمهورية - وقيل والشهادة لراوية مسلم - إن ذلك حدث بمساعدة من “مجاهدين” من السودان وتشاد. وكما كان الحال في رواندا، فإن الجنرال الرواندي المتقاعد وممثل الأمين العام للأمم المتحدة الشخصي في جمهورية أفريقيا الوسطى كان قد حذر مجلس الأمن (الذي استمع إلى تقرير منه في أواخر العام الماضي)، بأن الاحتقان الذي يقود إلى العنف وانفراط الأمن يفعل فعله في ذلك البلد، وطلب من المجلس زيادة عدد قوات الأمم المتحدة وقوات الاتحاد الأفريقي، وزيادة عدد القوات الفرنسية التي بادرت باريس بإرسالها إلى (بانجي) عندما انطلقت شرارة العنف المدمر، ويبلغ قوامها 800 عسكري). في زعم المليشيات المسيحية التي قتلت آلافا من أطفال ونساء وشيوخ وشباب المسلمين أن المتسببين الأوائل من اندلاع نيران هذه الحرب والصراع الدامي هم قادة المسلمين مدعومين من قوى خارجية (سماها أحدهم) من السودان وتشاد. وأن شروطهم لاستعادة الأوضاع الطبيعية في أفريقيا الوسطى، تبدأ بنزع سلاح المليشيات الإسلامية والأجانب الداعمين لها وترحيل الأجانب إلى بلادهم وإجراء تحقيق دولي محايد عن أسباب ونتائج هذه المأساة الدامية! إن «أمراض الكراهية واحتقار الآخر» التي قادت وتقود للصراعات المهلكة في أفريقيا اليوم وغيرها من بلاد العالم المتخلف تنسب دائماً للاختلاف في الديانات والثقافات زوراً وبهتاناً... إن كل الأديان لا تدعو إلى الكراهية واحتقار الآخر المختلف ومحاولة تصفية وجوده الجسدي.. في هذه الأيام افتتحت ورشة عمل وبحث علمي في جامعة تورونتو يقودها الأستاذ عز الدين أبو عائشة.. هذا البحث العملي الذي يشارك فيه عشرون أستاذا من جامعة تورونتو من مختلف الجنسيات والمعتقدات يبحثون على ضوء مذبحة رواندا العرقية أو يحاولون الإجابة عن سؤال يقول: هل الكراهية هي مشكلة صحة عامة يمكن مقاومتها كالإدمان على الكحول أو المخدرات؟ وهل يمكن الوصول إلى دواء ناجع للكراهية؟ وهو سؤال مهم ستتفرع عنه أسئلة مهمة قد تجد إجابة وعلاجا لمرض الكراهية المنتشر في زمننا هذا!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©