الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك واستحقاقات الحرب على المخدرات

29 مايو 2010 00:06
في خطاب ألقاه أمام الكونجرس الأميركي بمجلسيه يوم الخميس الماضي طالب الرئيس المكسيكي فليب كالديرون الولايات المتحدة بتقديم المزيد من المساعدات لبلاده من أجل الحد من تدفق الأسلحة إليها ومحاربة عصابات المخدرات فيها. وقال كالديرون إن للأسلحة علاقة مباشرة بتصعيد العنف الدموي المرتبط بتجارة المخدرات في بلاده. وقبل ذلك شكر المشرعين الأميركيين على توفيرهم لمئات الملايين من الدولارات لمساعدة المكسيك في حربها المحتدمة على عصابات المخدرات، وأكد عزم بلاده على المضي قدماً في مواجهة مروجي المخدرات الذين أزهقوا أرواح ما يزيد على 20 ألفاً من المكسيكيين خلال السنوات الأخيرة الماضية. واستطرد الرئيس المكسيكي قائلاً: "إنني أتفهم الغاية التي شرع من أجلها التعديل الدستوري الثاني. فقد كان القصد منه تمكين المواطنين الأميركيين الخيرين من حق الدفاع عن أنفسهم وأمتهم. ولكن صدقوني أن معظم الأسلحة التي تتسرب إلى أيدي الأفراد، لا تكون من نصيب المواطنين الأميركيين النزيهين الخيرين". يذكر أن إدارة أوباما قد حظيت بثقة كبيرة في المكسيك، نظراً لاعترافها المباشر بتأثير تهريب الأسلحة الأميركية وارتفاع نسبة تعاطي المخدرات في أميركا في اتساع تجارة المخدرات في المكسيك، مع ما ارتبط بها من عنف طليق وصراعات بين العصابات المختلفة المتنافسة. وكان أوباما قد أمر بتشديد الرقابة وعمليات التفتيش على القطارات المتجهة من أميركا باتجاه الحدود المكسيكية، ضمن الإجراءات الهادفة للتضييق على تهريب الأسلحة غير المشروعة. غير أن المسؤولين المكسيكيين أعربوا عن خيبة أملهم من أن تلك الإجراءات لم تحقق تقدماً يذكر في الحد من تهريب الأسلحة. وقال كالديرون إن حكومته صادرت نحو 75 ألف قطعة من الأسلحة الصغيرة عبر الجهود التي بذلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة الماضية. وتوصل المسؤولون إلى أن نسبة 80 في المئة من الأسلحة التي أمكن استقصاء أصولها، قد هربت عبر الحدود الأميركية إلى المكسيك. كما طالب الرئيس المكسيكي المشرعين الأميركيين بالنظر مرة أخرى في إعادة تشريع المنع السابق لملكية الأفراد للأسلحة الهجومية، وهو التشريع الذي كان قد سبق إصداره من قبل الكونجرس في عام 1994. وقد هب أعضاء الكونجرس "الديمقراطيون" واقفين تصفيقاً وترحيباً بذلك المطلب الذي تقدم به كالديرون. بيد أن إدارة أوباما لم تبد عزماً يذكر على شن حملة ضد مؤيدي حقوق ملكية السلاح، الذين يمثلهم "اتحاد البنادق القومي". وقد اعترفت "جانيت نابوليتانو"، وزيرة الأمن الوطني، مؤخراً بأنه قد لا يكون هناك حماس يذكر لشن حملة كهذه على حقوق ملكية السلاح في الكونجرس. هذا وقد لاحظ "أندرو أرولاناندام"، الناطق الرسمي باسم "اتحاد البنادق القومي" أنه لدى اقتراح النائب العام "إريك هولدر" إعادة تشريع قانون تحريم ملكية الأسلحة الهجومية في العام الماضي، تصدى له 65 من النواب "الديمقراطيين" بإرسال رسالة عبروا فيها عن معارضتهم لتلك الفكرة. وفي الوقت نفسه يعرف معظم "الجمهوريين" من أعضاء الكونجرس بتأييدهم القوي لحقوق ملكية السلاح. وعليه استنتج "أرولاناندام" أن وضع حد لمشاكل المكسيك ذات الصلة بعنف تجارة المخدرات، لا يكمن في حرمان المواطنين الأميركيين الملتزمين بالقانون من حقوقهم المنصوص عليها بشأن ملكيتهم للبنادق والأسلحة. يجدر بالذكر أن كالديرون ألقى خطابه المذكور أمام الكونجرس في اليوم الثاني والأخير من زيارته للولايات المتحدة. ويشير الترحيب الذي حظي به في الكونجرس إلى ثناء واشنطن عليه بسبب الحملة القوية التي تخوضها حكومته ضد اتحادات عصابات المخدرات. بيد أن أسلوب المواجهة المسلحة الذي تبناه كالديرون مع تجار المخدرات لا يحظى بشعبية تذكر في بلاده المكسيك، نظراً لما خلفته هذه المواجهة من ارتفاع كبير في عدد القتلى والضحايا. هذا وتسعى إدارة أوباما لمواصلة "مبادرة مريدا" التي أطلقتها إدارة بوش، وساعدت على توفير 1.3 مليون دولار لأغراض توفير المعدات والتدريب لقوات الأمن المكسيكية خلال السنوات الثلاث الماضية. وعبر خطابه حاول الرئيس المكسيكي إقناع المشرعين الأميركيين بأن حكومته تبذل قصارى جهدها في مجال الحد من معدلات الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، وذلك عن طريق إنشاء الوظائف وخلق الفرص المعيشية الأفضل للمكسيكيين. وقال في هذا الصدد إن إصلاح قانون الهجرة الذي تؤيده إدارة أوباما، يكتسب أهمية حيوية في تأمين الحدود المشتركة بين البلدين، وخاصة أن مشروع القانون الجديد سيتيح فرصة حصول الملايين من المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين على الجنسية الأميركية. يذكر أن مشروع هذا القانون قد أودع لمناقشة الكونجرس سلفاً، غير أنه لا يتوقع له أن يصدر خلال العام الحالي. وفي خطوة غير مسبوقة لقائد أجنبي يزور الولايات المتحدة، هاجم كالديرون قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية الذي سنته ولاية أريزونا مؤخراً، واصفاً إياه بأنه يمثل تهديداً للحقوق المدنية والديمقراطية. هذا ولم يستغرب بعض المراقبين والمحللين السياسيين في واشنطن الهجوم العنيف الذي شنه كالديرون على تشريع ولاية أريزونا المذكور، بالنظر إلى أن الشريحتين الرئيسيتين اللتين استهدفهما التشريع بين فئات المهاجرين غير الشرعيين هما "اللاتينو" و"الهيسبانيك"، ولكلتيهما علاقة قوية بالمكسيك. ماري بيث شريدان محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©