الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلى أين... بعد الانتصار؟!

29 مايو 2010 00:07
انتهت المعركة الانتخابية في السودان، بخيرها وشرها، انتهت مع كل ما قيل حولها مما هو مجرد إدعاء وما هو موثق بالفيديو. فرح بالنتائج مؤيدو حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، وقبل المعارضون بما حدث على أساس أنه صار أمراً واقعاً. لكن في كل الأحوال فقد تدعمت وتعززت سلطة حزب "المؤتمر الوطني" بعد أن صار له نحو 90 في المئة أو أكثر في عضوية البرلمان من النواب الشماليين، وبعد أن أصبح كل ولاة الولايات، باستثناء ولاية واحدة، هم من منتسبي الحزب الحاكم. أما أجهزة الخدمة المدنية والعسكرية، وكذلك الهيئة القضائية، فكلها تؤيده وتدعمه. وكان حتمياً وطبيعياً أن يثير هذا الوضع سؤالا مركزياً وسط كل المواطنين في الشمال، باستثناء أولئك الذين وضعوا كل ثقتهم في قيادة حزب "المؤتمر الوطني". والسؤال هو: كيف ستتصرف قيادة الحزب الحاكم في الوضع الجديد؟ هل ستلجأ إلى ذات أسلوب الحكم ومنهجه الذي ميز أداءها العام خلال أكثر من عشرين سنة مضت على وجودها في السلطة، أم ستكون لها سياسات أخرى وقد اختفى من أمامها تقريباً أي وجود لمنافس قادر على أن يفرض شيئاً؟ والمتسائلون يعلمون يقيناً أن قيادات "المؤتمر الوطني" التي كانت هي الآمرة والناهية في تلك السنوات الأولى لحكم "الإنقاذ"، ما زالت كلها تقريباً في موقع القيادة والقرار. ورغم أننا لا نملك الآن ما يمكن أن يكون حكماً نهائياً حول ما إذا كان "المؤتمر الوطني" متمسك بسياساته السابقة، إلا أن هناك مؤشرات متنوعة يمكن أن توحي بأنه قد لا يغير الكثير من منهجه القديم. - فقد تم اعتقال زعيم حزب معارض هو حسن الترابي دون الإعلان عن أسباب الاعتقال، وفي الوقت نفسه لم يسمح لطبيبه الخاص، حتى وقت كتابة هذه السطور، بلقائه في سجن كوبر. كما تم استدعاء فاروق أبوعيسى، المحامي والناطق باسم مجموعة أحزاب المعارضة، حيث حُجزَ في مكاتب الأمن لفترة من الوقت. - وبعد إعلان نتائج الانتخابات بدأ نوع من التضييق على الصحافة وحريتها، فعطلت عن الصدور أكثر من صحيفة لفترات متفاوتة، وكانت آخرها صحيفة حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، والتي أوقفت عن الصدور بأمر إداري ولأجل غير محدد. - ويمكن أن يضاف إلى ذلك أسلوب تعامل الحكومة مع قضية شغلت الرأي العام وما زالت تشغله، وهي قضية "سوق المواسير" في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. ويقال عن عملية ذلك السوق إنها نوع من "الاحتيال" الذي استولى منظموه على ملايين الجنيهات من مدخرات سكان دارفور وغيرها. والمتهمان الرئيسيان في تلك العملية هما من النواب الفائزين عن حزب "المؤتمر الوطني" في الانتخابات الأخيرة، وقد تم اعتقالهما بالفعل وبدأ التحقيق معهما. لكن من يتهمون والي ولاية شمال دارفور بالضلوع في العملية، ويرون أن بقاءه حراً طليقاً حتى هذا الوقت يمثل رغبة من جانب الحزب الحاكم في الخرطوم في الإبقاء على هذا الوالي، إذ يعتقد المنتقدون أنه كان من أبسط الإجراءات أن يوقف الوالي عن العمل حتى يتم التحقيق معه، وتكون براءته أو اتهامه. وبعد... فتلك ليست إلا بعض المظاهر التي قد تكون دالة على توجه النظام في عهده الجديد، ولعلها توحي بأن "المؤتمر الوطني" لم يغير إلى الآن كثيراً من توجهاته السابقة، لكن لننتظر ونرى كيف ستكون سياسات العهد الجديد. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©