السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المؤامرة في عصر «الأخبار المختلقة»

13 يناير 2018 23:32
هل تتذكرون نظريات المؤامرة؟ كان هناك وقت، ليس ببعيد، انتابنا فيه القلق حول الدور الذي يمكن أن تلعبه شبكة الإنترنت، في التشجيع على انتشار نسخ مجنونة لقصة «ما حدث حقاً» في الحادي عشر من سبتمبر 2011، أو التشجيع على نشر ما وصف بـ «الدليل القاطع» على أن رحلات الهبوط على سطح القمر، قد صورت في الحقيقة داخل استديو تلفزيوني. في الوقت الراهن، نجد أن أي موقع على شبكة الإنترنت يعمل على تعطيل نظرية المؤامرة، سيبدو غريباً، في مواجهة ما يعرف بـ«مجتمع ما بعد الحقيقة». وفي حين أن مثل هذه الأفكار الغريبة، كان يجري إزاحتها، في وقت من الأوقات، للهامش الرقمي، إلا أننا بتنا نعيش الآن في عالم، ينتهي فيه الأمر بالمقالات الزائفة (المختلقة بوساطة روسيا وغيرها) إلى الظهور بشكل منتظم في صفحتنا الرئيسة في «فيسبوك»، ما يهدد بتغيير نتائج الانتخابات التي تتم في مختلف الدول؛ عالم يتباهى فيه الرئيس الأميركي، بأن نجاحه كنجم في تليفزيون الواقع، يعتبر، في حد ذاته، مؤهلاً كافياً لشغل منصبه الحالي. إن مفهوم «الأخبار المختلقة»، سواء أكان الهدف منه التغطية على شيء ما، أو استخدامه كأداة اتهام من أشخاص مثل دونالد ترامب، ضد أي شخص يوجه انتقاداً له، قد أدى بشكل ما، إلى شيئين هما: رفع مستوى تداول نظرية المؤامرة بيننا، واستنزافها في نهاية المطاف. فبعد مرور ثلاث سنوات على الهجمات التي شنت على صحيفة «شارلي إبدو» الساخرة في باريس، ظهرت مؤخراً نتائج بحث جديد في فرنسا، بينت أن 1 تقريباً من بين كل 5 أشخاص، يعتقد أن الإرهابيين، قد حصلوا على مساعدة من قبل أشخاص آخرين، في مرحلتي تخطيط وتنفيذ الهجوم. وفي التقرير الذي أعدته مؤسسة «جان - جوريه وكونسبيراسي ووتش» عن بحث قامت به، أعرب 35 في المئة ممن استطلعت آراءهم عن اعتقادهم بأن الحكومة الأميركية كانت على علم مسبق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وكما جاء في تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن أكثر النتائج إثارة للقلق في البحث الجديد المشار إليه، هي نسبة انتشار أعلى كثيراً مما كان موجوداً في السابق، لفئة الشباب الذين يؤمنون بمؤامرات شنيعة. ليس هناك ما يدعو للدهشة، عندما نعرف أن انتشار نظريات المؤامرة مرتبط بتزايد الشكوك المحيطة بوسائل الإعلام. فالوصول إلى عصر «ما بعد الحقيقة»، على النحو الذي تم به، يمثل حلقة وصل بين الدعاية في الزمن الحقيقي، وبين الشكوك العمومية عبر حوليات التاريخ. وقد نظرت مجلة «كولومبيا جورناليزم ريفيو» للصحافة المتخصصة إلى الوراء على الطيب، والسيئ، والقبيح جداً جداً في عام 2017 من بين العاملين منا في مجال الإعلام الجماهيري، وخلصت إلى نتيجة يعبر عنها الصحفي بالمجلة بيت فيرنون بقوله: «إن هذه الصناعة الآن في خضم عملية حساب، تحرك من خلالها القصة المتداولة للأمام، وتسلط فيه العدسات على نفسها». وحتى الآن، وخلال الأيام التي مرت في عام 2018، كانت القصة الكبيرة المنبثقة عن الولايات المتحدة، هي تلك المتعلقة بتداعيات الكتاب الكاشف الجديد عن ترامب المعنون «النار والغضب» لمؤلفه مايكل وولف، والذي قال عنه«إيه جيه ديون الابن» الصحفي في «واشنطن بوست» (إن الشيء الباعث على الاندهاش في الحقيقة هو أننا قد فوجئنا بما جاء في الكتاب، فالتنبؤ بمشكلات ترامب في منصب الرئاسة كانت أمراً واضحاً للعيان قبل وقت طويل من انتخابه. وبمجرد انتقاله إلى البيت الأبيض، باتت الفوضى موجودة كي يراها الجميع. إن مؤرخو المستقبل سيقدحون زناد فكرهم لمعرفة السبب الذي جعل هناك حاجة للانتظار *رئيس تحرير ومؤسس موقع «وورلد كرانش» الرقمي للخدمات الإخبارية بباريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©