الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بن عميرة: تقدم الأمم يقاس بمعلميها.. والتطوع روح العمل الوطني

بن عميرة: تقدم الأمم يقاس بمعلميها.. والتطوع روح العمل الوطني
29 مايو 2010 21:20
محمد حسين العميرة واحد من رجالات الوطن الذين وهبوا أنفسهم للعمل التطوعي والخيري، وعرفت عائلته بعائلة «بوعلي». صرامة تأسيسه وبنائه الاجتماعي، والوظيفي وتدرجه الشرطي، مكنته من أن يكون قائدا لمعقل تخريج الضباط في أعلى مؤسسات التعليم العالي الشرطي بالإمارات، ومديرا عاما لكلية الشرطة بالعاصمة أبوظبي، أول كلية للشرطة في دولة الإمارات. حرصه على عمل الخير، والاعتناء بالبيئة المحلية، ودعم الحراك الرياضي، أسهمت في صياغة شخصية متكاملة من العطاء الوطني اللامحدود تسوده روح التطوع الاجتماعي في كل مراحلها وسماتها. متزن في تفكيره، بحر في معارفه، وفي استذكار أعلام في تاريخ الوطن وقبائله وسيرته وحكاياته، في حديثه معك يعود بك إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، حيث تختزل ذاكرته انطلاقة الحركة الرياضية في العاصمة أبوظبي، من خلال تأسيسه مع زملائه أول ناد رياضي في أبوظبي، كما يقول، سمي بالنادي الأهلي، وعُقد اجتماع التأسيس في مجلس المرحوم والده في شارع حمدان، وبحضور عمه الذي كان يشغل آنذاك منصب مأمور جمارك المقطع في مدخل أبوظبي، وهو أصبح وكيلا لوزارة المواصلات قبل تقاعده. في رحاب الذكرى يعود أبو خالد للحديث عن النادي مشيراً إلى أن من بين الأعضاء المؤسسين سيف خليفة مسلم القبيسي، وجمعه محمد، وهو يعمل في حقل الإعلام، وياقوت من العاملين بالدفاع المدني، ومحمد خليفة يوسف، ومحمد عبدالجليل الفهيم، كما ساهم في تأسيس النادي الشيخ خليفة بن محمد بن خليفة آل نهيان، بعد ذلك خرج محمد خليفة يوسف من إدارة النادي ليؤسس نادي الفلاح في أواخر 1968 وليصار بعد ذلك إلى دمج الناديين تحت اسم نادي الإمارات، الذي سيدمج لاحقاً مع ناد جديد لأهل زعاب يسمى نادي أبوظبي، وليكون نادي الوحدة هو محصلة عمليات الدمج المتتالية. وبأمر من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ولي العهد آنذاك، تم تشكيل مجلس إدارة للنادي برئاسة الشيخ طحنون بن سعيد بن شخبوط آل نهيان ومحمد بن عبدالجليل الفهيم في منصب نائب الرئيس، وسلطان العتيبة أمينا للسر، ومحمد حسين العميرة أمينا للصندوق، حصل ذلك، كما يوضح محدثنا بين العامين 1981 و1982 حينها كانت دبي تعتمد رياضياً على ناد واحد اسمه النصر، ويشير أبو خالد إلى أن منافسات فريق النادي لكرة القدم كانت مع فرق شركات النفط وفرقة قوة ساحل عمان البريطانية، واستمر في إدارة النادي حتى عام 1985 ليتفرغ للعمل الخاص والتطوعي والخيري. على حلبة الماضي أيضاً من ملامح الماضي الجميل يتذكر محدثنا بطولة المصارعة الكبيرة بأبوظبي التي استضافت بطلا ًعربيا يدعى «الجرافة» تشبيها بالآلة الضخمة لكبر حجمه، يستعيد أبو خالد الموقف ضاحكاً، ومشيراً إلى أنَّ الرجل كان ضخماً وكبيراً وعريضاً، وعلى مقربة من الموقف المضحك، لا يفوته أن يذكر الإقبال الكبير الذي شهدته أولى حفلات الفنانة الكبيرة أم كلثوم، وهي التي كانت تتمتع بقامة فنية شامخة، وبقبول جماهيري غير مسبوق. عن مسيرته الدراسية يشير العميرة إلى حصوله على الثانوية العامة من قطر، ليلتحق بالكلية الملكية في الأردن، وليتخرج منها في سبتمبر 1970 ، وهو يذكر من أبناء الدفعة السابقة لدفعته من خريجي قطر كلاً من د.مانع سعيد العتيبة، وأحمد خليف، ومحمد بن حبروش وغيرهم. جائزة العميرة منذ عشر سنوات أسس أبو خالد جائزة العميرة للمعلم المتميز، على مستوى مدارس منطقة الشهامة، حيث يسكن، مشيراً إلى أن هدفه الوصول إلى مخرجات مميزة من هذه المؤسسات التعليمية الرائدة، ومؤكدا على المكانة الرفيعة للمعلم، ودوره الأساس والأول في تخريج بناة الوطن، فإذا تأسس التأسيس الصحيح، نهض وتمرس، وأتقن أداء رسالته العظيمة رسالة الرسل والأنبياء، ومؤكداً أن هدفه النهائي من الجائزة هم الطلاب والمجتمع والوطن، «فحين يتنافس المعلمون المربون في اتقان أدائهم، يسعنا الحصول على نتائج مميزة منهم، ومن المؤسسة التعليمية، وبهم نحصل على أفضل غرس للمستقبل، بهذه الكوكبة من الطلاب المبدعين بأداء معلميهم وبحسن تربيتهم وتعليمهم لهم، فالأمم تقاس بمعلميها وعلمائها أكثر من غيرهم». من هنا حرص العميرة على أن تكون الجائزة سنوية وقفاً خيرياً تطوعياً، يؤكد دعم المجتمع الأهلي للمعلم في رسالته، ويعكس تضافر جهود المؤسسات الحكومية والمجتمع في الاحتفاء والتقدير بالمعلم والارتقاء بمكانته دوماً عالية في سماء الوطن. مجتمع التطوع في تناوله لفكرة التطوع يتوقف العميرة ملياً عند الجهود التطوعية التي سطرها أهل الإمارات والمقيمون على أرضها اثناء محنة الكويت، حيث مارسوا أداء يعكس روح التطوع التي جبل عليها مجتمع أبوظبي والإمارات منذ القدم، ويعود بالذاكرة إلى روح التطوع الأصيلة بين الطواشين والنواخذة: «إذا ما غرقت، (طبعت)، سفينة أحدهم سرعان ما كان يتم افتراش غترة أو سفرة، في مجلس المنطقة لتنهمر النقود لانتشاله من الإفلاس، أما في الأفراح فكان التطوع والعون يتجسدان بالذبائح والأطعمة، وفي الأحزان كان التطوع باطعام أهل الميت وحضور العزاء ثلاثة أيام، وبثلاث وجبات مواساة لهم، كذلك تطوع الأهالي في تنظيم حفلات التراث الشعبي مثل الحربية «العيالة»، أو لوحة المولد النبوي الشريف وتسمى «المالد»، ويتواصل التطوع بكنس الأمهات للطرقات بين المنازل، إلى حد نخل ترابها وتصفيته من أي عوالق، وقيام الشباب برفع الأغنام الميتة، وحرقها بعيداً عن المنازل. المنهج الشرعي يعود أبو خالد، وهو خطيب جمعة معتمد من الأوقاف، إلى التطوع بوصفه منهجاً شرعياً في حياة كل مسلم، مشيرا إلى تطوع صحابة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تبليغ الدعوة وبناء الدولة انطلاقا من قوله تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان». وقوله تعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»، و«من تطوع فهو خير له»، فكان الصحابة يصلون المريض، وإذا غاب الجار سدوا حاجة أهل بيته، واستمر هذا التطوع على حسب حاجة المجتمع. ويعود بذاكرته إلى التطوع المدرسي في تنظيف الشواطئ، وكان كل ذلك، يقول أبوخالد: على السليقة دون أوامر أو مؤسسات أو تنظيمات، كما هو المشروع الرائد الناجح اليوم ببرنامج تكاتف للتطوع الاجتماعي، الذي شمل الإمارات بدعم وتوجيه ورعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أسهم في إعادة روح التطوع لشباب الوطن، وتعويدهم الاعتماد على النفس كالشعور الذي كانت تغرسه الكشافة في نفوس الطلاب قديماً، وغاب دورها اليوم، كما أن هذا التطوع يغرس في الشباب روح العمل والنشاط وترك الكسل والخمول، والاستفادة من الوقت الذي يحاسب عليه الجميع في هدره بلا فائدة. البيئة دائماً من منطلق حرصه على إحياء البيئة المحلية على مختلف أنواعها البرية والنباتية والحيوانية، أقام العميرة مزرعة اتسعت لتصل إلى مفهوم المحمية الطبيعية النباتية والحيوانية، رافعاً شعار تحقيق الاكتفاء الذاتي والحفاظ على مكونات البيئة الطبيعية، حيت تشمل مزرعته كافة أنواع النخيل وأشجار الخليج من المانجا والحمضيات والتوت «الفرصاد» والسدر واللوز كما أنه لم ينس الشجرة الوطنية «الغاف» المشهورة باستصلاحها للأراضي المالحة، ليغرس منها مئات الأصناف إلى غيرها من الأشجار المظللة، فيما تجلى حرصه الحفاظ على البيئة الحيوانية بالمنطقة من خلال تربية ورعاية الهجن الأصايل من السبق والهجن المجاهيم، التي يعود أصولها ونسبها إلى أصايل الهجن التي كان يملكها المؤسس الباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كما احتوت محميته لأنواع الماشية من البقر والأغنام على مختلف أنواعها المحلية والنجدية والشامية والآسيوية من الهندية والباكستانية، ولتمتد المحمية إلى الدواجن والطيور بمختلف أنواعها وألوانها. ثمة فجوة تخترق هذه الطمأنينة المهيمنة على محمية العميرة، وهي تتمثل في غياب الماء الذي مضى على انتظاره له طيلة خمس سنوات دون جدوى، لكن الرجل الذي لطالما تحالف مع الزمن ليتخطى عقبات الزمن، لا يبدو هنا متخلياً عن تفاؤله، بل هو يبدي ثقة بكون الجهات المعنية ستدع الماء ينساب نحو مزرعته يوماً، وهو يأمل أن لا يكون ذلك اليوم بعيداً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©