الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحين».. جامع وكتّاب للعبادة وتعليم القرآن

«الحين».. جامع وكتّاب للعبادة وتعليم القرآن
29 مايو 2017 18:28
مجدي عثمان (القاهرة) وسط شارع بورسعيد بميدان أحمد ماهر في باب الخلق أو «الخرق» اسمه وقتها قبل التحريف، وسط القاهرة، تصعد عدة درجات من الرخام، لتصل إلى جامع يعلوه كُتّاب معطل، وكذلك سبيله، الذي يدلك على تاريخ الانتهاء من بنائه، نص كتابي على زجاج بالقرب من سقف حجرة التسبيل يبدأ بالبسملة، ثم آية الكرسي يتبعها أذكار دينية تنتهي بعبارة «والحمد لله وحده وكان الفراغ في شهر رجب سنة خمس وثلاثين بعد الألف والحمد لله وحده» 1035 هـ - 1625م، وفي الخلف يطل الجامع على حديقة كبيرة يلحق بها حمامات للنساء والرجال. بناه الأمير يوسف المعروف بـ «يوسف بك آغا الحين»، أو تابع السعدي، في عصر الدولة العثمانية، وكان من كبار أمراء الجراكسة، وهو يطل على الخليج المصري، حيث يقع في شارع الحين بميدان باب الخلق، وهو عبارة عن مجموعة من المنشآت أساسها المدرسة، ومن ثم فإنه يوجد للمبنى ثلاث واجهات، الغربية تطل على الخليج المصري - شارع بورسعيد حالياً - والواجهة الشمالية، حيث يوجد السبيل ثم الواجهة الشرقية، ولكل واجهة من هذه الواجهات باب يُدخل منه، وقد عُرف «الحين» بميله للأعمال الخيرية، وعُين كاشفاً للبحرية. يقول علي باشا مبارك: «جامع الحين» هذا المسجد بشارع باب الخرق عن يمين الذاهب في شارع محمد علي الجديد إلى القلعة، مشرف على الخليج المصري، أنشأه الأمير يوسف الشهير بالحين في القرن التاسع ولما مات دفن به، وهو مقام الشعائر من الجمعة والجماعة والأذان، له منارة مرتفعة وجعل له خطبة، وهو مقام الشعائر إلى الآن من ريع أوقافه تحت يد ناظره مصطفى الحين ويتبعه سبيل يُملأ صهريجه كل سنة ويعلو السبيل كُتاب لتعليم الأطفال القرآن، وكان تجاه هذا الجامع قهوة صغيرة تُعرف بقهوة الحين يجلس عليها حانوتية الموتى. ومبنى الجامع مرتفع عن مستوى الشارع عدة درجات، وتصميمه الداخلي يشبه تخطيط المدارس المملوكية ذات الإيوانات المتعامدة على الدرقاعة أو «الصحن»، وهو مغطى بسقف خشبي، وتظهر بالجامع ما يسمى بالسدلة أو الأيوان قليل العمق، كما في جامعي إينال وخاير بك، حيث توجد به سدلتان في الجوانب، بواقع سدلة بالجهة الجنوبية الغربية، وأخرى بالجهة الشمالية الشرقية المقابلة لها. أما حجرة التسبيل فجاءت عمارتها مستطيلة الشكل، ضلعها الأكبر يقع على شارع بورسعيد وبه شباك التسبيل الوحيد، ويتقدم الشباك من الخارج مصطبة يقف عليها المارة أثناء الشرب، وناحية اليسار مدخل مستقل مخصص للسبيل والكتّاب. وكانت لجنة حفظ الآثار العربية قامت في سنة 1938 م ببناء سبيل ثان في الطرف الشمالي من واجهة جامع «الحين» البحرية في مكان ميضأة الجامع القديمة والتي كانت هُدمت ونُقلت إلى الجهة الجنوبية نتيجة لفتح شارع محمد علي، والسبيل الثاني المستحدث الذي أُلحق بالجامع مستطيل ذو شباكين لتسبيل ماء الشرب تغشيهما مصبعات من النحاس، وحجرة الكتاب تطل على الجهة الشمالية الغربية وواجهتا السبيل مكسوتان ببلاطات القاشاني. سار على درب «ابن عباس» العز بن عبدالسلام.. يوضح المعاني بأسلوب بسيط أحمد مراد (القاهرة) أحد أبرز الأعلام في التاريخ الإسلامي، برع في علوم وفنون شتى، مثل التفسير وعلوم القرآن، والحديث، والعقائد، والفقه وأصوله، والسيرة النبوية، والنحو والبلاغة. هو أبو محمد عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام، ولد في دمشق سنة 577 هـ، ونشأ في أسرة فقيرة، ولم يتهيأ له أن يبدأ التعلم في صغره، وحين بدأ التحصيل العلمي أقبل عليه بهمة وشغف، حيث سمع الحديث من ابن عساكر محدث دمشق ومؤرخها، ودرس الفقه، وأخذ الأصول، كما سافر إلى بغداد وتتلمذ على علمائها الكبار، وبعد فترة أصبح أحد أعلام وأئمة زمانه. قال السيوطي في شأن العز بن عبدالسلام: كان في آخر عمره لا يتعبد بالمذهب، بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده، أي أنه لم يعد متقيداً بمذهبه الأصلي الشافعي، بل كان يفتي بمقتضى اجتهاده. في سنة 639 هـ رحل إلى مصر، ورحب به حاكمها نجم الدين أيوب وولاه الخطابة والقضاء، وظل يدعو إلى التزام السنة ومحاربة البدعة، وإلى نشر العلم حتى توفي سنة 660 هـ. وعن شخصيته العلمية قال الذهبي: قرأ الأصول والعربية، ودرس وأفتى وصنف، وبرع في المذهب، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده الطلبةُ من الآفاق، وتخرج به أئمة، وله التصانيف المفيدة، والفتاوى السديدة. وضع العز بن عبدالسلام العديد من المؤلفات المهمة، مثل كتاب «قواعد الأحكام في مصالح الأنام»، وهو أول ما كتب خارج المذهب الحنفي، في بيان القواعد التشريعية، وهي بمثابة علم يمثل صلة الوصل بين الفقه وأصول الفقه، ويوضح المبادئ التي يقوم عليها التشريع الإسلامي، وفي هذا الكتاب يعتمد العز على نظرية أن التشريع كله ينبني على تحقيق مصالح الناس، ويثبت هذه النظرية عبر المئات، بل الألوف من المسائل. وألقى العز بن عبدالسلام دروساً في التفسير، ووضع تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم حمل اسمه، وفيه قام باختصار تفسير الماوردي «النكت والعيون» وألف في متشابه القرآن كتابه «فوائد في مشكل القرآن». والمتأمل في تفسير العز بن عبدالسلام يلاحظ تمكنه في علوم اللغة والمعاني والبيان وكثرة استشهاده بأشعار العرب، وفي ذلك يقتدي بالصحابي الجليل عبدالله بن عباس. ويمتاز تفسير العز بجمعه لأقوال السلف والخلف الكثيرة في تفسير الآية مع ترجيحه لبعض الأقوال، مع عنايته باللغة بذكر أصول الكلمات واشتقاقها والفرق بين الألفاظ المتقاربة. استبعدوا بعث نبي من البشر أصحاب القرية .. كذبوا الرسل وقتلوهم فأهلكهم الله القاهرة (الاتحاد) قصة قوم يس، وهم أصحاب القرية، ضرب الله بهم المثل في التكذيب وقتل المرسلين، وجاء بتمثيل إخباري يشرح حال قوم بعث الله إليهم الرسل، فكذبوهم وجادلوهم بوجوه واهية، ثم أقبل إليهم رجل من أقصى المدينة يدعوهم إلى متابعة الرسل لأن رسالتهم رسالة حقة، ولكن القوم ما أمهلوه حتى قتلوه، وفي هذه الساعة عمت الكاذبين الصيحة فأهلكتهم عامة، فإذا هم خامدون. قال الله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)، «سورة يس: الآيات 13 - 17». قال ابن كثير، اشتهر عن كثير من السلف والخلف أن هذه القرية، لها ملك اسمه انطيخس بن انطيخس، وكان يعبد الأصنام، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل، فكذبهم، قال تعالى، واضرب يا محمد لقومك مثلاً، أصحاب القرية، إذ جاءها المرسلون، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما، فأيدناهما بثالث في الرسالة، فقالوا إنا إليكم مرسلون، فردوا عليهم بأنهم بشر مثلهم، كما قالت الأمم الكافرة لرسلهم يستبعدون أن يبعث الله نبياً بشرياً، فأجابوهم بأن الله يعلم أنّا رسله إليكم، ولو كنا كذبنا عليه لعاقبنا وانتقم منا أشد الانتقام. وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى، لنصرة الرسل وإظهار الإيمان بهم، قال يا قوم اتبعوا المرسلين، إنهم يدعونكم إلى الحق المحض بلا أجرة، ثم دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن عبادة ما سواه مما لا ينفع شيئاً لا في الدنيا ولا في الآخرة، إني إذاً لفي ضلال مبين، إن تركت عبادة الله وعبدت معه ما سواه، فاسمعوا يا قومي إيماني برسل الله جهرة، فعند ذلك قتلوه، قيل رجماً، وقيل عضاً، وقيل وثبوا إليه وثبة رجل واحد فقتلوه، وقال ابن مسعود، وطئوه بأرجلهم حتى أخرجوا قصبته من دبره. وقد بعث إليهم جبريل عليه السلام، فصاح بهم صيحة واحدة، فإذا هم قد أخمدت أصواتهم، وسكنت حركاتهم، ولم يبق منهم عين تطرف، وهؤلاء أهلكوا بتكذيبهم رسل الله إليهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©