الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التخلي عن الدرع»... هل يضع البولنديين في مأزق؟

«التخلي عن الدرع»... هل يضع البولنديين في مأزق؟
30 سبتمبر 2009 23:21
أثار القرار الذي اتخذته واشنطن بالتراجع عن اتفاقية الدرع الصاروخية التي صاغتها إدارة بوش -وعارضتها روسيا- سخط البولنديين الذين طالما ارتابوا في الفائدة التي يمكن أن تعود عليهم من القبول بنشر الصواريخ الاعتراضية على أراضيهم، كما استحضرت ذكريات الحرب الباردة لديهم عندما كانوا يعاملون على أنهم دولة ضئيلة الشأن، وكوقود للمناورات السياسية لتلك الحرب. وهذا الشعور لم يقتصر على بولندا فحسب، بل شمل أيضاً الدول التي كانت تشكل جزءاً من الكتلة السوفييتية القديمة، والتي أثار الإعلان الأميركي خوفاً غريزياً كامناً لديها مؤداه أن أميركا ليس لديها مانع من التضحية بوسط أوروبا من أجل ترميم علاقاتها التي لحق بها الكثير من الضرر مع القوة الروسية الناهضة، والتي ترى في نشر الصواريخ المعترضة في بولندا، وشبكة الرادار في جمهورية التشيك تهديداً استراتيجياً لها. وقد عبر وزير الخارجية البولندي «رادوسلاو سيكورسكي» عن هذه الحقيقة بقوله: لقد حان الوقت كي نفكر بطريقة ناضجة، وأن ندرك أنه إذا ما كان يتعين علينا اليوم أن ننظر إلى مصالح دولة أخرى، فيجب النظر إلى مصالحنا أيضاً». من المعروف أن معرفة مدى تأثير الدور الذي لعبته روسيا في دفع الولايات المتحدة إلى تغيير سياستها بشأن الدرع الصاروخية، يعد من المسائل التي تحمل قدراً كبيراً من الحساسية في هذه المنطقة من العالم. ومما يزيد من قدر هذه الحساسية أن القرار قد أعلن في تاريخ، يحمل رمزية خاصة للبولنديين وهو حلول الذكرى السبعين للغزو السوفييتي لبلادهم، وأن المسؤولين البولنديين كانوا آخر من علم بالتغير في الخطط الروسية. والسخط البولندي على القرار الأميركي يرجع في جزء منه إلى الطريقة المرتبكة التي أبلغت بها واشنطن القرار إلى «وارسو». حول هذا يقول «ويتولد واسزيكويسكي» نائب مدير مكتب الأمن القومي البولندي:» لقد سمعنا الخبر من وسائل الإعلام على الرغم من أن قادتنا قد تلقوا من قبل تطمينات متكررة حتى ما قبل صدور القرار بأيام، بأنه لم يتم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن». وقد بلغ غضب البولنديين من الطريقة التي علموا بها بالقرار أن رئيس الوزراء «دونالد توسك» رفض الرد على مكالمة جاءته في منتصف الليل من الرئيس الأميركي. من جانبهم يقول المسؤولون الأميركيون إنهم مندهشون من ردة فعل البولنديين على القرار، لأن بلادهم لم تتخل عن برنامج الدرع الصاروخية تماماً، وكل ما هنالك هو أن هذا البرنامج سيخضع لتعديلات بحيث يمكن له العمل ضد الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، التي تتطلب نشر صواريخ اعتراضية في قواعد بحرية، وأن هناك مفاوضات جارية حول نشر صواريخ اعتراضية من نوع «ستاندارد 3» وبطاريات صواريخ «باتريوت» في بولندا. ووسط العناوين الرئيسية الغاضبة والخطاب المحتدم يكمن السؤال: كيف ستتموضع بولندا في وقت تسعى فيه واشنطن لـ «إعادة ضبط» علاقاتها مع موسكو؟. وتميل بولندا إلى النظر إلى روسيا باعتبارها بركان جيوبوليتيكي كامن، ومصدرا لمصاعب سابقة، ونذيراً محتملا بضربة أخرى نهائية. يعبر «زبيجنيو لويسكي» رئيس قسم الدراسات الأميركية بجامعة وارسو على ذلك بقوله: ليس هناك أحد يشعر بالقلق من أن يقوم الجنود الروس بالزحف على بولندا الآن... ولكن ماذا يمكن أن يحدث خلال 10أو 20 عاما؟» ويضيف لويسكي: «روسيا تريد الهيمنة على أكبر قدر ممكن من العالم ومسؤولوها لم يتخلوا حتى الآن عن التفكير في هذا الجزء من العالم، ولا يزالون يعتقدون أنه ينتمي إليهم». مثل هذه المشاعر كانت تجد آذاناً صاغية في عهد إدارة بوش، التي عملت على تأييد الزعماء الموالين للغرب في هذه المنطقة، مما أثار غضب روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين، الذي رد على ذلك بخطاب مضاد يفيض بالحنين إلى أمجاد الحقبة السوفييتية. وعندما تصاعدت توترات الحرب الباردة الجديدة، استراحت بولندا ودول البلطيق إلى ذلك الإحساس بأنهم قد عبروا إلى الجانب الآخر من خط الانقسام، وانضموا إلى منظمات مثل الاتحاد الأوروبي و«الناتو»، ووجد خوفهم ونفورهم من موسكو أرضية مشتركة مع صقور إدارة بوش الذين دعوا إلى نوع من الاحتواء للقوة الروسية الناهضة. هذا النمط الأيديولوجي من المواقف تغير الآن، حيث تميل إدارة أوباما إلى اتخاذ نهج أقل أيديولوجية وأكثر براجماتية مقارنة بما كان عليه الحال مع الإدارة السابقة، وذلك لحاجتها الماسة إلى كل أنواع الدعم من كافة الدول، وعلى رأسها روسيا للتعامل مع الهموم الاستراتيجية، التي تواجها بدءاً من إيران وانتهاء بأفغانستان. ويشار في هذا السياق إلى أن بولندا قد بذلت بعض الجهود خلال السنوات الأخيرة من أجل تحسين علاقاتها الباردة مع روسيا، ساعدت على بعث بعض الدفء في أوصال تلك العلاقة. وقد توجت تلك الجهود بزيارة قام بها بوتين إلى بولندا لحضور الاحتفالات بذكرى بدء الحرب العالمية الثانية، وهي الزيارة التي اعتبرها المراقبون اختراقاً مهماً في تاريخ العلاقات بين البلدين. وفي الآونة الأخيرة دعا بعض البولنديين حكومتهم إلى إعادة ضبط إيقاع العلاقة مع موسكو. يعلق «ستانيسلاف سيوسيك»، الذي شغل منصب السفير البولندي لدى روسيا لسنوات طويلة على ذلك بقوله: إنني أتعجب من المسؤولين البولنديين الذين لا يستطيعون أن يتخلصوا من خوفهم من روسيا، ولا يدركون أننا نحتاج إلى الاقتصاد الروسي والغاز الروسي والنفط الروسي والأسواق الروسية حتى نستطيع تنمية بلادنا وتحقيق مصالحها». ميجان كيه. ستاك - وارسو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©