الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستقبل.. رهان إماراتي ثلاثي الأبعاد

المستقبل.. رهان إماراتي ثلاثي الأبعاد
13 يوليو 2016 22:49
الفاهم محمد كان «إمانويل ساكس» واحداً من الأوائل الذين ابتكروا الطباعة ثلاثية الأبعاد عام 1993، ومنذ ذلك الحين وهي في تطور إلى يومنا هذا، حيث تعد آخر تقنية في عالم الصناعات التكنولوجية، وهي طريقة معينة يتم تصميم وصنع الأشياء فيها عن طريق إضافة طبقات من المادة بطريقة سريعة إلى حين تشكل الجسم المراد تصنيعه، فالتكنولوجيا الواعدة ستمكن الإنسان من الحصول على الأشياء المراد تصنيعها {أحذية، ملابس، سيارات، مبانٍ، بل وحتى الطعام والأعضاء البشرية... } وذلك بأقل كلفة، وفي مدة وجيزة، مقارنة بطرق التصنيع التقليدية. قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً بافتتاح مكتب المستقبل في أبراج الإمارات بدبي، وأكد سموه في تغريدة على تويتر قائلاً: «لدينا استراتيجية طويلة المدى للطباعة ثلاثية الأبعاد، وبحلول 2030 ستتم طباعة 25% من مباني دبي باستخدام هذه التقنية». وهذا المبنى مطبوع بالكامل اعتماداً على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D PRINTIND، كما أنه الأول من نوعه في العالم، وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن المكتب يدخل ضمن استراتيجية الإمارات لتطوير الصناعات المعتمدة على الطباعة الثلاثية، وبالتالي سيكون بمثابة الرافعة التي تدعم البحث العلمي في هذا الاتجاه، ويدخل ضمن المشاريع العلمية التي تعمل عليها مؤسسة دبي للمستقبل، وهو عبارة عن مبنى متكامل من جميع الجهات، بحيث يضم عناصر الإنارة والماء والتكييف وباقي الخدمات الأخرى، ويهدف إلى دعم البحث العلمي في هذا الميدان، وتشجيع الابتكارات والاختراعات، وتبلغ مساحته الإجمالية 250 متراً مربعاً، واستغرقت طباعته 19 يوماً، وتم تركيبه في مكانه خلال يومين فقط، وهي فترة وجيزة قياساً بعملية البناء التقليدية. تطبيقات مذهلة تتم الطباعة ثلاثية الأبعاد بواسطة آلات مرتبطة بالكمبيوتر، حيث يتم تحميل تصاميم الأشياء المراد تصنيعها على الكمبيوتر، إما بواسطة برامج خاصة، أو عن طريق عملية المسح الضوئي للأشياء في الواقع، أو حتى من خلال التقاط صور بكاميرا عادية وتحويلها بواسطة الحاسب إلى صور ثلاثية الأبعاد، بعد ذلك تقوم ذراع موجهة رقمياً برش مواد معينة، غالباً ما تكون بلاستيكية، مثل النايلون والسيراميك وبعض المعادن الأخرى، بطريقة دقيقة من أجل صنع وتشكيل هذه الأشياء، وتكون عمليات الصب أو النفث على شكل شرائح أو طبقات يتم إضافتها بالتتالي إلى أن يظهر الشيء المراد صنعه كاملاً. وقد بدأ الاهتمام بهذه التقنية عبر مختلف بقاع العالم كالصين التي تمكنت في عام 2014 من طباعة أول منزل بواسطة هذه التقنية، وفي الولايات المتحدة الأميركية هناك شركات تبذل جهوداً جبارة من أجل القيام بطباعة الأعضاء الحيوية للإنسان، أما في المنطقة العربية فتبرز الإمارات بمشروعها الرائد في هذا المجال. ورغم أنها ما تزال في طور الولادة والنشأة، إلا أن تقنية الطباعة الثلاثية واعدة، حيث وصلت إلى تطبيقات مذهلة في مجالات من شأنها أن تقدم خدمات جليلة للإنسانية، في مجالات متعددة. المجال الطبي تسمى الطباعة الثلاثية في هذا المجال بالطباعة الحيوية، حيث يتم مثلاً أخذ صورة ثلاثية للجنين داخل الرحم، وبعد ذلك تخزن في الكمبيوتر ليتم تفريغها داخل قالب، أي طباعتها ثلاثياً، وهي طريقة تمكننا من الاطلاع على نسخة مطابقة تماماً للجنين، وبالتالي معرفة ما إذا كان يعاني من تشوه خلقي أو ورم ما، وهذا بطبيعة الحال يسمح بالتدخل وإصلاح ما يمكن إصلاحه عن طريق عمليات جراحية تجرى داخل الرحم، ويمكن كذلك تصوير وطباعة أعضاء الإنسان مثل القلب أو الرئة أو الطحال أو أي عضو آخر حتى يسهل تشخيص المرض وتحديد مكان الإصابة بدقة متناهية. بل وأكثر من هذا تعمل بعض الشركات الأميركية على تطوير طباعة أعضاء حية لمرضى في حاجة إليها، يتم أخذ خلايا لهم واستنساخها، ثم العمل على طباعتها على شكل عضو، وبالتالي لا حاجة إلى انتظار متبرع. غزو الفضاء الخارجي قامت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» بتوفير طابعات ثلاثية على المراكب الفضائية، وذلك حتى تتم طباعة بعض قطع الغيار أو الأجزاء الضرورية للرحلة في حالة الاحتياج إليها، وتمكين رواد الفضاء من إنهاء المهام المنوطة بهم في رحلتهم، بحيث يمكن مثلاً للعلماء الفضائيين الذين يشتغلون على متن محطة الفضاء الدولية ISS طباعة الأجزاء التي يحتاجون إليها، بدل انتظار إمدادهم بها انطلاقاً من الأرض، كما يمكن طباعة منشآت سكنية في القمر أو في الكواكب التي ننوي تعميرها مستقبلاً. آلات منزلية سيكون بإمكان ربات البيوت مستقبلاً أن يمتلكن في بيوتهن آلات صغيرة لطباعة بعض ما يحتجن إليه، مثل الصحون والكؤوس وأدوات المطبخ الأخرى، أو حتى ألعاباً لأطفالهن، ويكفي المرأة أن تحشو هذه الآلة الطابعة بالمواد الأولية اللازمة وتترك الآلة تقوم باللازم في بضع دقائق. صناعة الأزياء تعد الموضة من المجالات التي تلقى قبولًا كبيراً من طرف المستهلكين، سواء تعلق الأمر بالملابس أو الأكسسوارات أو المجوهرات، وقد أصبح بإمكاننا اقتناء طابعات تتم برمجتها من أجل إخراج كل ما نحتاج إليه في هذا الميدان. صناعة السيارات هناك طابعات يمكن أن تطبع أدوات بسيطة تستعمل في الحياة اليومية مثل الملاعق والصحون والكؤوس والألعاب، وهناك أيضاً آلات ضخمة يمكن أن تصنع أشياء معقدة مثل السيارات، وذلك في مدة وجيزة قد لا تتعدى يومين فقط، مقارنة مع المدة الزمنية العادية التي تستغرقها السيارات داخل المصانع حتى تخرج إلى حيز الوجود وقد تدوم شهوراً. وقد ظهرت أول سيارة مطبوعة بالطريقة ثلاثية الأبعاد سنة 2014 من قبل شركة أميركية تدعى Local Motors. بناء البيوت والمنشآت لن تقتصر تقنية الطباعة الثلاثية فقط على صناعة أشياء معينة ومحدودة، بل لها طموح أكبر ولديها الرغبة في طباعة كل شيء تقريباً، حيث يهدف المشتغلون في هذا المجال إلى طباعة بيوت ومنشآت وحدائق، بل ومدن بأكملها، وهو الهدف المعلن من طرف مكتب المستقبل في دبي. وإذا كانت عملية بناء البيوت تتطلب جهداً كبيراً من طرف عمال كثيرين، ولمدة زمنية طويلة، فإن الطباعة الثلاثية على العكس من ذلك، إذ تتطلب جهداً بسيطاً، ويشرف على الآلة الطابعة عدد محدود من العمال، وتتم العملية في أيام معدودة، وبتكلفة أقل من المعتاد، كما أن البيوت المطبوعة عبارة عن مركبات يمكن تفكيكها وإعادة بنائها في مكان آخر، إضافة إلى أنها ستكون بيوتاً ذكية، أي مرتبطة بمجموعة من الخدمات التي يوفرها الكمبيوتر، وصديقة للبيئة كذلك. ثورة صناعية جديدة تتميز الطباعة ثلاثية الأبعاد بدقتها ومطابقتها التامة للأعضاء المراد نسخها، كما تتميز أيضاً بسرعتها وكلفتها المنخفضة، وهذا ما يجعلها في طليعة الصناعات التكنولوجية التي ستغير عالمنا، فنحن على أبواب ثورة صناعية جديدة، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم الاستثمارات في هذا المجال سيبلغ 50 مليار دولار سنة 2025، لكن ما يلفت الأنظار هو التأثير الهائل الذي ستتركه تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على سوق العمل، لأن هناك الكثير من المهن التي ستختفي من الوجود، مقابل ظهور مهن أخرى، كما ستؤثر هذه الصناعة أيضاً على عمليات التصدير والاستيراد، وقد تعمل الثورة الصناعية الجديدة على تحويل الطبيعة الداخلية للرأسمالية ذاتها، ما دامت ستقلب أشكال الاستهلاك المعتادة رأساً على عقب. وماذا سيكون وضع الشركات التي تصنع الملابس والأدوات المنزلية مثلاً، عندما يصبح بإمكان الجميع تصنيع وطباعة كل ما يريدونه في منازلهم. لقد قام الكمبيوتر بدمقرطة الإنتاج الصناعي، لكن كل هذا لا يخلو من بعض المخاطر. فماذا لو قام المتطرفون مثلاً بطباعة الأسلحة؟ وماذا لو حاول آخرون إغراق السوق بقطع نقدية مطبوعة؟ تكنولوجيا استراتيجية يعتبر «مكتب المستقبل» المبنى الأول من نوعه على مستوى العالم الذي تتم طباعته باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتصل مساحته إلى 250 متراً مربعاً، ويعكس تصميمه الخارجي أحدث الأشكال المبتكرة لبيئة العمل المستقبلية، وتم تنفيذه بطرق مبتكرة لتقليل استهلاك الطاقة، وتم إنجاز المبنى وتركيبه في غضون 19 يوماً. ويأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية دبي للطباعة الثلاثية الأبعاد التي تعد مبادرة عالمية فريدة من نوعها، تهدف إلى تسخير هذه التكنولوجيا الواعدة لخدمة الإنسان وتعزيز مكانة دولة الإمارات ودبي مركزاً رائداً على مستوى المنطقة والعالم في مجال الطباعة الثلاثية الأبعاد في حلول العام 2030.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©