الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

توغل في موائد الصحراءلدى أهل البيضان

توغل في موائد الصحراءلدى أهل البيضان
9 يناير 2015 23:56
محمد نجيم (الرباط) أصدر الناقد التشكيلي والباحث المغربي في التراث الشعبي الحساني إبراهيم الحَيْسن كتابه الجديد والقيّم «الأطعمة والأشربة في الصحراء، أنثروبولوجيا الطبيخ وآداب المائدة عند مجتمع البيضان». ويقع الكتاب في 328 صفحة، ذيل بمجموعة من الصور الإيضاحية (بالألوان)، من تصميم الفنان التشكيلي فيصل احميشان. في مقدمة الكتاب، يتساءل الباحث الموريتاني أحمد ولد حبيب الله «ماذا يأكل الصحراويون البيضان؟ وما هو نسقهم الغذائي؟ وكيف كانوا يعيشون زمن البداوة في ظل نمط معيشي محكوم بالتقشف وتدبير الندرة La rareté التي تقتضيها الحياة في القفار والفيافي؟. الكتاب مقاربة أنثروبولوجية للطبيخ والعادات الغذائية الشائعة عند مجتمع البيضان، ومحاولة لرصد تاريخ الأطعمة والأشربة لدى هذا المجتمع العشائري الذي أسَّس أنظمته الذوقية Gustème على حاجات يومية تتلاءم مع طبيعة العيش وآداب المائدة في الصحراء.. إن هذا الكتاب العاشر جاء لحما طريا، وطعاما شهيا وشرابا لذة للشاربين، وغذاء غنيا ومذاقا (أظواك) عذبا، مختلفا ألوانه، فيه دواء وشفاء للبياضين والسوادين في المشرقين والمغربين! على أن الكتاب تميز بالتحقيق والتدقيق والتوثيق الأكاديمي العريق! إن هذا الكتاب كان ومازال دين أو ديدن مؤلفه عشق الثقافة الصحراوية، فهو الساعي بلا ملل ولا كلل إلى أن يكون خادما مخلصا لهذه الثقافة التي وضع منارات وصوى كبيرة على جوانب الطريق الطويل وغير المعبد إلى دراستها في تجلياتها وخصوصياتها في تقاليدها وعاداتها العريقة في الزواج والطعام والشراب والأزياء والراحلة والخيمة واللثام والموسيقى والغناء والأدب، ليعيد التصالح البيضاني مع مكونات ذاكرته الاجتماعية، لأن المجتمع البيضاني في حيزه الثقافي الواسع والشاسع مازال مرتعا خصبا للأنقاس والقرطاس في «التويزة» (العمل الجماعي) الذي يشارك فيه أبناء ذلك الحيز الثقافي كافة لوضعه تحت مجهر التحليل والتأويل السوسيولوجي العميق، بعيدا عن التكاسل والتخاذل أو التغافل أو التواكل عن أي جزء منه في أي مكان! ذلك أن التراث البيضاني إبداع حضاري منفتح في جوانبه العربية الإسلامية والأمازيغية والزنجية المتلاحمة والمتمازجة تمازج العسل واللبن!! على أن مقاربة هذا التراث ينبغي أن تكون موضوعية ومدعومة بالخلفية المعرفية الكاملة والأكاديمية الصارمة التي تثمن هذا التراث وترفع صوته القوي وصيته المدوي، إلى جانب بقية التراث الفكري والثقافي المغاربي العام، وهذا ما رفع القواعد منه الأخ الباحث الصبور والطموح إبراهيم الحيسن الذي نذر نفسه وبذل نفيسه في خدمة هذا التراث الذي اعتبره تراثا وقاسما مشتركا وموحدا لسكان الصحراء بالمفهوم الشامل الذي كان مهددا بالنسيان والكتمان على مر الزمان!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©