الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملتقى في عمّان يؤبّن القصة القصيرة.. ولا يدفنها

ملتقى في عمّان يؤبّن القصة القصيرة.. ولا يدفنها
1 أكتوبر 2009 00:05
تبارى قاصون وناقدون أردنيون وعرب شاركوا في ملتقى عمان للقصة العربية القصيرة مؤخراًً حول هذا النموذج الأدبي وانقسموا بين ما يرونه مدونة العرب في القرن الحادي والعشرين لقصرها واستجابتها ومرونتها واعتبار الشبكة العنكبوتية أحد قوارب النجاة، فيما اعتبر آخرون أنها توزعت بين ما أسموه «إمبراطوريات الأجناس الأدبية» وأنها قد تصبح أدباً مهجوراً إذا استمر نزيف القاصين باتجاه الرواية وليس من السهل الحديث عن سيناريوهات عن مستقبلها. وقد وصل البعض للقول: «لا أحد يقرأ القصة القصيرة.. القاصون يقرؤون لبعضهم.. ولم تستطع أن تحقق موقعاً متقدماً في القصة العالمية»! «الاتحاد الثقافي» استنطق عدداً من القاصين والنقاد حول قضية كانت موضع نقاش ومساجلات ومحور الملتقى في الوقت ذاته وهي: هل تصبح القصة أدباً مهجوراً؟ ولماذا تحول قاصون إلى الرواية؟ وما دور الأجناس الأدبية الأخرى في احتوائها؟ فجاءت هذه الحصيلة. وصف رئيس رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات الآراء التي نعت القصة بأنها متعجلة ولا تستند لأسس علمية فالفنون لا تموت بل تتطور بأشكالها ومضامينها وأساليبها، وأحياناً يجري الاهتمام أو الإقبال على فن أكثر من سواه ولكن تبقى الفنون الأخرى موجودة وهناك مبدعون يقدمون مساهمات جميلة وكتاباً قدموا تجارب مميزة. وقال: إن الذين نعوا القصة ربما لم يطلعوا على هذه التجارب، وكل ما صادفوه هو بعض الكتابات السطحية والضعيفة المنتشرة هنا وهناك، مؤكدا أن القصة عبرت عن مختلف التحولات الاجتماعية والسياسية وتطور أسلوب كتابتها واغتنت بالتجربة الإنسانية والتطورات العلمية. وفي هذا الشأن قال الناقد زياد أبو لبن: نحن أمة ماهرة في التأبين، وتساءل لماذا الحديث عن الموت في القصة والرواية؟!. جسر عبور وقال الناقد المغربي سعيد يقطين: إن القصة العربية عندما نقيسها حتى في الإبداع العربي نجدها تحتل مكانة دنيا، فكيف حين نقارنها بالإبداعات الغربية وهذا لا ينفي وجود علامات قصصية عربية قليلة لكنها مؤهلة إذا ما واصلت الاجتهاد والبحث عن أن تكون على مستوى عالمي. ورأى يقطين أن أغلب كتاب القصة يجعلونها جسرا للعبور للرواية التي يريدون أن يتم التعرف إليهم من خلالها وليس من خلال القصة القصيرة، داعياً إلى تفسير لماذا نجحت الرواية في حجب القصة.. إنها وقود الرواية ودعامتها الرئيسة ولا يمكن أن تتطور الرواية بدون تطور القصة القصيرة، في حين أن العكس لا يستقيم وحين تصل الرواية للطريق المسدود فلا يمكن أن تتجدد إلا بتجدد القصة القصيرة. وقال: نحن مطالبون بإعادة النظر والتفكير في العلاقة بين القصة والرواية للوقوف على طبيعتها وخصوصياتها وتبين الأدوار التي تضطلع بها بصفتها رافعة ودافعة للرواية لتجعلها تحتل المواقع الممكنة التي تؤهلها لحجب القصة القصيرة وغيرها من الأجناس والأنواع. من جانبها رأت الناقدة الأكاديمية الدكتورة تهاني شاكر أننا لا نستطيع أن نحمل النقد مسؤولية تراجع أي فن من الفنون، فقد لاحظنا في مرحلة من المراحل ندرة القصص الجيدة وذلك لقلة الأدباء الذين يتقنون هذا الفن لأن القصة القصيرة من أصعب الفنون، واعتبرها شخصياً أصعب من الشعر لأنها تستعير من الشعر لغته التي تعتمد على التكييف والإيحاء وتستعير من المقالة حجمها. وكان الملتقى عقد سبع جلسات شهد خلالها احتجاجات وانسحابات مؤقتة عندما تفوهت القاصة الفلسطينية حزامى حبايب بكلمات أثناء قراءتها لمقاطع من مجموعتها القصصية «ليل أحلى» اعتبرها البعض غير مهذبة واعتبرتها هي حرية فكرية، كما شهد مناقشة أوراق عمل متخصصة أبرزها واحدة قدمها المصري الدكتور علاء عبد الهادي بعنوان «تحولات القصة القصيرة ما بعد الحداثة» تناول فيها الكتلة النصية والالتفات النوعي والباروكية الجديدة والنص التشعبي. أما الناقد الأكاديمي إبراهيم خليل فقد خلص في ورقته «القصة القصيرة وتداخل الأجناس» إلى أن القصة القصيرة تمثل نوعاً مرتبكاً من الأدب لا يمتلك سمات مستقرة خاصة تمنحه الاستقلال عن الأجناس الأخرى.. وبسبب هذه المرونة يتمتع بحرية التنقل فيكسب من الرواية والقصيدة والأليغورة وقصص الحيوان شيئاً يؤدي للغنى والتنوع. وجبة سريعة القاصة هيا صالح قالت: إن القصة تواجه تحديات تتمثل بالعلاقة مع أجناس أدبية أخرى وأثر المعطيات الرقمية وعصر التكنولوجيا الذي يشكل تهديداً للأدب عموماً «الأدب في خطر محدق». ورأت أن الإنترنت يوفر للقصة القصيرة انتشاراً أوسع بين القراء الذين يقدر عددهم وفق تقرير التنمية الإنسانية العربية بـ22 مليونا عام 2004. وقال هاشم غرايبه لا أخشى على مستقبل القصة ولست وفياً لها فلتذهب لمصيرها ولست متفائلاً بمستقبلها ولست متشائماً.. القصة لا تحتاج لمن يتحزب لها بل ستفرض نفسها ومن خلال تجربتي فإنها لا تتسيد المشهد الثقافي ولست حزيناً على ذلك. وقال القاص الدكتور أحمد النعيمي إن الوهج الذي أثاره جيل التسعينات تراجع لكن القصة ما زالت موجودة ومؤثرة واليوم سمعت كيف حطمت القاصة السعودية هدى فهد المعجل «التابو» عن طريق الفن القصصي وشروطه. ورأى أن الأردن متقدم جداً بفن القصة القصيرة باعتراف أشقائنا العرب وفي هذا الملتقى تم طرح الأسئلة الكبرى المسكوت عنها وبجرأة شديدة. وبحسب القاص صبحي الفحماوي فإنه لا شك بأن القصة القصيرة على الرغم من فنيتها العالية إلا أنها بدأت تدخل ضمن الرواية الحداثية إذ تجد في معظم الروايات كثيراً من القصص وهذا جعل الروائي يستخدم القصة داخل روايته فانخفض العرض من القصص في سوق الأدب. وقال هذا لا ينفي بطبيعة الحال حاجة القارئ للقصة القصيرة الأسرع في النشر والتذوق واصفا إياها بـ»الوجبة السريعة» وقال: «القصة زهرة والرواية حديقة غناء».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©