الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة الشقيف.. الاسم سرياني والدور عربي

قلعة الشقيف.. الاسم سرياني والدور عربي
1 أكتوبر 2009 00:06
صدر كتاب جديد بعنوان «حصن الشقيف» إعداد وتأليف د.عباس وهبي الذي يروي فيه قصة شموخ وتاريخ حضارة قلعة الشقيف، الفراشة التي عرفت النار واحتواها اللهب، وعندما عشقت الضوء ازدان بها التاريخ، هي ملكةٌ تلبس تاجها المرصع بجواهر أشعة الشمس الذهبية، ويزفها القمر عروساً لعلّ تاريخاً جديداً ينبلج مع أول إشراقة للنور. وهي القلعة الصابرة على مختلف انواع الغزوات والمعارك والهزات الارضية. ومع ان الاحتلال الصهيوني دنّس معالمها ودكّ أعاليها، وعبث بهندستها وعمرانها غير أنها لم ترضخ. إن لفظة الشقيف سريانية، ومعناها الصخر الشاهق وأرنون سريانية أيضاً ومعناها الساقية الشديدة الجريان: يعرض المؤلف موقعها وهو على بعد خمسة كيلومترات تقريباً من النبطية في الشرق الجنوبي منها، وعلى بعد عشرين دقيقة من قرية أرنون المسماة باسمها، قائمة على أعلى مرتفع من مرتفعات الشقيف يتمثل أمامها أبدع مناظر البلاد الحامية لها بما فيها من المنعة والحصانة، وتطل على عورات الاحتلال الاسرائيلي وتنكشف لها قلاع هونين وتبنين ودوبية وبرج قلوية وشقيف تيرون وبانياس من الجهات الاربع ومرتفعات لبنان وجبل عامل وجبل حرمون وسفوحه وأعالي الجولان وهضاب صفد ووادي الاردن وسواحل فينيقية الشمالية حتى بيروت والجنوبية حتى عكا وبالتالي فهي تنكشف الى كل ما ينكشف لها. واقعة على تل مرتفع يصعد إليها من قرية أرنون، الى الجانب الغربي منها فسحة من الارض مستوية يظن انها كانت ميداناً للعساكر. أما الجانب الشرقي من ذلك التل فيشرف على نهر الليطاني. ويقال انها مبنية على صخر في الجبل، وضع أساسها عليه بعدما حفر منه أمكنة كثيرة، وبنيت جدرانها فوق جدران تلك الامكنة، فأساس القلعة محفور كله في الصخر، وقد حفر الى غربها خارجاً عنها آبار لجمع ماء المطر فيها، وسترت من خارج القلعة. وجعل لها أبواب في داخل القلعة فينزل منها على درج الى الماء وليستقى منها وقت الحصاد. وفي معجم البلدان لياقوت الحموي: «شقيف أرنون بفتح أوله وكسر ثانيه ثم باء مثناة من تحت، وفاء، والشقيف كالكهف أضيف الى أرنون (الاسم موجود في التوراة) اسم رجل إما رومي وإما إفرنجي وهو قلعة حصينة جداً في كهف من الجبل قرب بانياس من ارض دمشق بينها وبين الساحل» وبالتالي فإن موقع قلعة الشقيف أعرف من ان يعرف ولم يهمل ذكره كل من كتب في حوادث القرون الوسطى وما يليها حتى اليوم. وفي كتاب «الكامل» لإبن الاثير ورد: «شقيف أرنون من أمنع الحصون، وقد ابدل النون الثانية في ارنون ميماً». اما القاضي ابن شداد في سيرة صلاح الدين فقد ذكر: «ويعرف أيضاً بالشقيف الكبير وهو حصن بين دمشق والساحل بعضه مغارة منحوتة في الصخر، وبعض له سور وهو في غاية الحصانة»، اما في وفيات الاعيان لابن خلكان فقد ورد: «وهو موضع حصين فخيم في مرج عيون بالقرب من الشقيف». ومما ورد عن ابن سباط: «وبالقرب منها قلعة تيرون على خمسة فراسخ قلعة ارنون وهي حصينة جداً». وبالتالي يعرض المؤلف كيف أن المؤرخين العرب لم يتمتعوا بوصفها بشكل يتلاءم مع مكانتها العمرانية، ومع موقعها الاستراتيجي الذي رسمته الطبيعة، أضف الى ذلك ما تمت اضافته على لوحتها الطبيعية من آيات في التحصين والتجميل والفن المعماري المسافر على اجنحة الزمن، والمولود على قرقعة السلاح وصهيل الخيول... وبالجملة فإن كل من تعرض لذكرها ممن عاصروا عمرانها، ومن جاء بعدهم لم يجاوزوا في وصفها والتعريف بها هذه المضامين وهي ان افادت فائدة فلم تزد عن ان ميزت «الشقيف» احد اسمائها مجرداً أو بالاضافة الى «ارنون» عن مسميات كثيرة تشاركها في الاسم وما وراء ذلك من التعريف بأبنيتها الفخمة، ووصف اوضاعها الهندسية الدقيقة فقد طوته معاجم الاولين، واغفله مؤرخوهم الذين ارخوا حوادث ايامها، وشاهدوا بأم العين آيات عظمتها، وهي في أبهة عمرانها، يتاح لها الوقوف على ما ابدعه فيها في عقود الابنية من احكام الاحكام، وما افرغه علم الهندسة من الانتظام. مضافاً الى ما اختصت به مكانتها الطبيعية من روعة الاعظام... فبقيت وهي حافلة بعمرانها آهلة بحامياتها سراً في ضمير الدهر مكتوماً، ممتنعة على القرائح، امتناعها على بيض الصفائح، متعاصية على تعريف المعروفين ووصف الواصفين، تعاصيها على منجقيات المحاصرين ولم تلن لواصفيها شكيمتها، إلا بعد ان اوهنت خطوب الدهر عزيمتها، وثلث ايدي المتغلبين المتعاقبين عليها اخذاً مطوياً كثيراً في صحائف عمرانها تحت انقاضها المتراكمة يرتادها الزائرون من امم شتى ومحبو الاثار القديمة من قريب وبعيد. واذا كانت كثرة الاسماء تدل على شرف المسمى فلا جرم اذا تعددت اسماء هذه القلعة الجميلة التاريخية فهي تعرف عند مؤرخي العرب بحضن ارنون وشقيف ارنون. والشقيف الكبير. وقلعة الشقيف ويسميها الافرنج بلفورت او بوفورت ومعناها الحصن الجميل ويطلق الشقيف كما في القاموس على أربعة مواضع هي شقيف ارنون والشقيف المعروف بحصن جلدك من اعمال طبريا فتحها صلاح الدين سنة 578 وشقيف تيرون والشقيف من البلاد المجاورة لعكا فتح سنة 583. وتطرق شاكر الخوري في كتابه مجمع المسرات الى تسميتها فقال: ان تسميتها بقلعة شقيف ارنون مأخوذ من اسم قرية بجانبها، وان معنى ارنون الجرذون. واما تاريخ ابي الفدا فيذكر ان ارنون تصحيف اسم ارنولد وهو صاحب صيدا، وكانت القلعة تابعة لمنطقة حكمه، وهو المسمى عند مؤرخي العرب بأرناط وعند بعضهم ارنلط... «ان الكلمة على ما يظهر عبرانية او سريانية، واكثر اسماء القرى العاملية عبراني، ولكننا بعد التمحيص والبحث استدركنا ان لفظة الشقيف سريانية ومعناها الصخر الشاهق، وعرنون سريانية أيضاً ومعناها الساقية الشديدة الجريان وهذا ما يؤكده الباحث د. رضا السيد حسن استناداً الى ما ورد وما يؤكد هذا الامر انتشار اللغة السريانية التي كانت اللغة المتداولة قبل الفتوحات العربية بمدة طويلة»راجع كمال الصليبي ومحمد على مكي من الفتح العربي حتى الفتح العثماني»... اما الأب لويس شيخو فقد ذكر في تعليقاته على تاريخ بيروت لصالح بن يحيى: «إن أرنون تصحيح اسم أرنولد وهو صاحب صيدا، وكانت القلعة تابعة لمنطقة حكمه وهو المسمى عند مؤرخي العرب بإرناط وعند بعضهم اسم ارناظ، وهذا اقرب لاسمه الفرنجي، وارناط اسم اميرين من الفرنج كانا في سوريا أيام الصليبيين وكان احدهم صاحب انطاكية والكرك ويسميه الفرنج رينوارنلدد وشاتيليون والآخر صاحب صيدا والشقيف». هذا الكتاب موسوعة واضافة مهمة الى الكتب التي تحدثت عن قلاع لبنان والمنطقة في شتى مراحل تاريخها وهذا العمل تكريم للمنطقة ولرجالاتها الذين لعبوا ادوارا مختلفة في تكوينها وتطويرها. الكتاب: حصن الشقيف المؤلف: د. عباس وهبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©