الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

تجارة الخوف!

30 مايو 2010 00:14
لم تعد نظرية المؤامرة غريبة في عصرنا الحالي.. ربما هي الأساس، و«اللامؤامرة» باتت هي الغريبة، وكل ما يحدث أو يروج له في عالمنا هو ضرب من الحقيقة والكذب أيضاً، ففي مثل هذا التوقيت من العام الماضي، أذكر أنني وصلت حد الخوف من الخروج من باب الشقة، وانتظرت لأحدد موعد اليوم الذي أقرر فيه عدم الخروج من باب الغرفة أو النهوض من السرير، خوفاً من انفلونزا الخنازير، واليوم، «لا حس ولا خبر عن انفلونزا الخنازير». ترويج الذعر بات تجارة، والأمن تجارة.. الكراهية تجارة، وكذلك الحب.. المهم أن تختار السوق الذي تضمن فيه الرواج، فنفوس البشر تتسع لكل شيء، حتى لشراء التراب، إذا ما وجدت إقبالاً عليه، طالما أن «عدوى القطيع» تسيطر. وقبل أيام من كأس العالم، بات الحديث عن الأمن أكثر من الحديث عن البطولة نفسها، لدرجة أن أميركا حذرت رعاياها في جنوب افريقيا من حدوث أي أعمال إرهابية خلال البطولة، وأعلنت جنوب أفريقيا عن تخصيص 44 ألف شرطي للعمل خلال المونديال، إضافة إلى معاونة 200 وحدة متخصصة في «التدخل السريع»، ورصدت وزارة العمل هناك بدورها أكثر من 4700 شركة أمن مسجلة توظف أكثر من 300 ألف شخص، وبلغ الأمر حد أن أحد أصحاب الشركات أكد أنهم لم يعودوا يقبلون زبائن جدداً! ونصحت شركة أمن ألمانية لاعبي المنتخب بارتداء قمصان واقية من الرصاص عند خروجهم من الفندق، حتى لا ينضموا إلى قوائم الضحايا التي يدخلها في المتوسط 50 قتيلا يوميا أو نحو أربعين شخصا تتعرض سياراتهم للخطف يوميا هناك. يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت تقارير أنه سبق لجنوب أفريقيا أن استضافت 41 بطولة دولية بنجاح منذ عام 1994، ومن بينها بطولتا كأس عالم للكريكيت والرجبي، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتر أكد الثقة الكاملة في افريقيا، مستبعداً جميع الشكوك المتعلقة بالأمن. وبغض النظر عن الأوضاع واحتمالات الخطر، إلا أن الموضوع «مبالغ فيه»، سواء من داخل البلد المستضيف نفسه أو من الخارج، والسبب هم «الرابحون» الذين يرون في إذكاء هذه المشاعر المزيد من الأرصدة، وليس مهماً أن يتأثر الناس أو يحزنون، فالبشر اعتادوا مثل هذا الهوس، وهم محاصرون به آناء الليل والنهار، يأتيهم في الإعلانات.. لا تأكل هذا واشرب ذاك.. هذا يضر وذاك ينفع، وفي اليوم التالي، قد تتبدل القناعات والنظريات مدعومة بأبحاث واستطلاعات «تيك أواي» على هوى هذه الشركة أو تلك.. المهم أن المستهلك باب مفتوح لكل الرياح، ومؤشره قابل للتغيير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وكل يوم «يُخفق في خلاط الحياة»، ويجلس في انتظار «العصير». آخر الكلام: كأس العالم ما زالت ساحة للمتعة، ولكنهم يريدون اليوم أكثر، يريدون أن تشهد المزيد من الإثارة على طريقة «رامبو»، وجندي المستقبل، وكلها «أفلام»، لكنها باتت جميعاً بنظام «البعد الثالث».. نتفرج ونشارك ونرتعب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©