الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أنبوب «نيجيريا- المغرب» للغاز يغير وجه القارة السمراء

أنبوب «نيجيريا- المغرب» للغاز يغير وجه القارة السمراء
29 مايو 2017 20:05
حسام عبدالنبي (الرباط) ربما لم يثر مشروع عالمي قدراً من الاهتمام بقدر ما أثار مشروع مد أنبوب نقل الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى المغرب، فما أن أعلن عن توقيع اتفاقية في هذا الشأن وترأس العاهل المغربي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفل توقيع الاتفاقية، إلا وانفتح باب النقاش على مصراعيه بين الخبراء حول أهمية هذا المشروع الذي اعتبره الكثيرون مثالاً للمشاريع الاقتصادية المذهلة والتي تعم فوائدها جميع الأطراف وأولها القارة السمراء، إذ ينعكس بشكل مباشر على حياة أكثر من 300 مليون نسمة، بل يمتد تأثيره إلى تأسيس سوق إقليمي تنافسي للكهرباء. وكانت المغرب ونيجيريا قد أعلنتا إطلاق مشروع لإنجاز خط إقليمي لأنابيب الغاز، يربط نيجيريا بمجموعة من بلدان غرب أفريقيا والمغرب، وذلك خلال زيارة العاهل المغربي محمد السادس لنيجيريا في الثالث من ديسمبر الماضي، ولقائه الرئيس النيجيري محمدو بخاري، بالقصر الرئاسي في أبوجا. وسيمتد خط الأنابيب المزمع إنشاؤه بطول 4 آلاف كيلومتر من دول بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا. ويرى الخبراء أن أولى الجهات استفادة من المشروع هي نيجيريا والتي على الرغم من أنها تعد من أغنى دول العالم بالمحروقات، لكن إنتاجها من الكهرباء قليل، ما يؤثر سلباً على تنافسية قطاعها الصناعي، موضحين أن مشروع أنبوب الغاز يمكن أن يساعد نيجيريا في مواجهة التباطؤ الاقتصادي الذي تعاني منه بعد انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وفضلا عن ذلك يمكنها من مواجهة تعرض مناطق حقول النفط والغاز إلى هجمات جماعات مسلحة. ويرى الخبراء أن تخوف روسيا من مشروع نقل الغاز «نيجيريا- المغرب» يعد منطقياً، حيث إن امتداد خط أنبوب الغاز ليشمل دول الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يكسر احتكار روسيا لتجارة الغاز مع أوروبا من جهة ويخفض أسعار الغاز المورد لها من جهة أخرى بسبب توفر الغاز من أكثر من مصدر، لافتين إلى أنه على الصعيد المحلي فإن هذا المشروع سيعطي المغرب أهمية استراتيجية من حيث إنها ستكون المحطة الأخيرة لنقل الغاز إلى أوروبا، إلى جانب أن توفر الغاز الطبيعي للمغرب يعني توافر المادة الأولية التي تدخل في العديد من الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، خاصة تصنيع المخصبات الزراعية، التي تتميز المغرب فيها بتجربة رائدة عالميًا. ويؤكد الخبراء أنه مع إطلاق مشروع أنبوب الغاز «المغربي- النيجيري»، عاد اهتمام الشركات النفطية ببلدان غرب أفريقيا بعد فترة فتور بسبب انخفاض أسعار النفط، والذي أدى إلى تراجع الاستثمارات في مجال التنقيب عن النفط والغاز. وأرجعوا ذلك إلى أن الدول التي سيمر بها أنبوب الغاز كلها من الدول التي تتوفر بها موارد غير مستغلة في مجال الغاز الطبيعي. وأكدوا أن النموذج الاقتصادي لمشروع أنبوب الغاز «المغربي - النيجيري» سيفتح المجال لدول المنطقة من أجل تثمين مواردها من الغاز الطبيعي، ليس فقط من خلال توفير إمكانية التصدير نحو أوروبا عبر مضيق جبل طارق، حيث يرتبط المغرب بأنبوب غاز بحري مع إسبانيا، ولكن أيضاً عبر إنشاء سوق إقليمية للكهرباء، والتي ستتمكن بدورها من تصدير فوائضها إلى أوروبا عبر الربط الكهربائي الذي تقوم به المغرب حالياً مع إسبانيا ومستقبلاً مع البرتغال بخطوط تحت البحر، منوهين إلى أنه يمكن بالموازاة مع بناء أنبوب الغاز أن تمتد خطوط الربط الكهربائي على طوله، وكذلك خطوط الربط بالألياف البصرية للاتصالات، حيث يتيح مشروع بناء الأنابيب فرصة لإنشاء شبكات الكهرباء والاتصالات الإقليمية بأقل تكلفة. وتظهر تصريحات ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في المغرب، أهمية هذا المشروع حيث ذكر أن مشروع أنبوب نقل الغاز «نيجيريا- المغرب» يعد تعبيراً عن توافق في الرؤية بين البلدين من أجل تنمية القارة الإفريقية، إذ سينجز من طرف الأفارقة من أجل الأفارقة، مؤكداً أن المشروع يعد أيضاً ثمرة الطموح الإفريقي الرامي إلى وضع أفريقيا في قلب التنمية الدولية. وقال بوريطة إن تحقيق هذا المشروع يرتكز على إرادة إفريقية راسخة، إذ أن نيجيريا تتمتع باقتصاد قوي مع ناتج محلي إجمالي هو الأعلى على الصعيد الإفريقي، فضلاً عن أن المغرب أنجزت مشاريع لوجستية هامة، لتربح ثقة المستثمرين بفضل تطوير بنياتها التحتية، ولتصنف أيضاً في المرتبة الأولى بين أفضل الدول الإفريقية في مجال التجهيزات وفق مؤشر ريادة الأعمال العالمي، وفي المرتبة الثالثة فيما يتعلق بالبيئة الإنشائية. وأوضح أن غرب أفريقيا تستحوذ على نحو 31% من احتياطات الغاز الطبيعي بإفريقيا (3.6 مليار متر مكعب) ويوجد تفاوت في الإنتاج من بلد لآخر، ينعكس على السعر عند الاستهلاك، كاشفاً أن مشروع أنبوب النفط يشكل فرصة لكافة الدول التي سيمر منها حيث سيمكن دول غرب أفريقيا من الولوج إلى وقود مستقر وذي مردود عالي من أجل دعم احتياجات إنتاج الكهرباء والتنمية الصناعية، لاسيما وأن الغاز الطبيعي يعتبر أحد موارد إنتاج الكهرباء الأكثر نظافة والأقل تكلفة. وأشار الوزير المغربي إلى أن أنبوب الغاز سيتيح أيضاً للبلدان المشاركة فيه أن تدر مداخيل ضريبية مباشرة مع الاقتصاد في الوقود، إلى جانب استفادة تلك البلدان محلياً في مجالات التشغيل والتنمية الصناعية، مشدداً على أن المشروع يتيح أيضاً النهوض بالاستثمارات الخاصة في سوق أكثر اتساعاً وتقليص المخاطر التجارية والسياسية. وأعلن بوريطة أن الوجهة النهائية لأنبوب الغاز يمكن أن تكون أوروبا، التي تسعى إلى تنويع مواردها من الغاز الطبيعي، ما يظهر أن المشروع يلبي أيضاً حاجة حقيقية في أوروبا إلى تنويع موارد الطاقة، لافتاً إلى أنه بتوقيع مذكرة التفاهم يمكن القول إن إنجاز هذا المشروع يأخذ الطريق الصحيح، حيث إن هذا الاتفاق يضع الأسس لاتفاق بين البلدين بهدف البدء في دراسة للجدوى، فضلاً عن أن التمويل سيكون مناصفة بين الطرفين. وبحسب جيفري أونياما، وزير الخارجية النيجيري، فإن المشروع مهم جداً بالنسبة لنيجيريا، التي تملك أكبر احتياطي مثبت من الغاز في أفريقيا وسابع احتياطي في العالم. وقال إنه نظراً لحجم المشروع الكبير، فإنه سيتم تصميم خط الأنابيب بمشاركة جميع الأطراف المعنية بهدف تسريع مشاريع توليد الكهرباء في المنطقة بكاملها، وسيمكن هذا المشروع من تعزيز فرص الاندماج الاقتصادي بين دول أفريقيا، مبيناً أنه من المقرر أن يضيف المشروع فرصًا مهمة في مجال الأعمال بالنسبة للصناعيين والمستثمرين المحليين والأجانب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©