السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«قلب الشارقة».. حكاية زمن عتيق

«قلب الشارقة».. حكاية زمن عتيق
13 يوليو 2016 22:25
أبوظبي (وام) بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بدأت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» مشروعاً ضخماً لتطوير منطقة قلب الشارقة، ينقسم إلى خمس مراحل، ويستمر حتى عام 2025، ويعد الأول من نوعه للمناطق التراثية في الإمارة والأكبر والأبرز في المنطقة، وذلك بهدف إعادة ترميم وتجديد المناطق التراثية لتشكيل وجهة سياحية وتجارية متفردة ذات لمسة فنية معاصرة تتناغم مع طابع خمسينيات القرن العشرين. ويمثل إدراج «قلب الشارقة» في القائمة التمهيدية لـ«اليونسكو» إنجازاً يعكس غنى التراث الأثري والتاريخي في دولة الإمارات، ويسهم في الحفاظ على المنطقة وصونها وترميمها ضمن المعايير الدولية، ويضمن الإدراج النهائي في القائمة فرصة التعريف بها وتسويقها عالمياً. وسيتم من خلال المشروع إحياء منطقة «قلب الشارقة» كوجهة ثقافية نابضة بالحياة، وسيتم بناء فنادق ومطاعم ومقاهٍ ودور فنون وأسواق. ويرتكز نجاح هذا المشروع في الحفاظ على قيمة المنطقة التاريخية وأهميتها الأساسية في سياق التطور الثقافي الثري للإمارة، فأزقتها الضيقة تحتضن البيوت العتيقة التي سكنها أهلنا المؤسسون، وبنيت عليها المدارس الأولى في الإمارة، ما جعل منها حلقة الوصل بين ماضي الإمارة العريق ومستقبلها المشرق. ومنذ منتصف القرن العشرين، استمرت عمليات التطوير العمراني غائبة عن منطقة قلب الشارقة كي يتسنى الإبقاء على معالمها المميزة، لكن مع إدراجها في مارس 2014 ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التي تشرف عليها «اليونسكو» ازدادت الحاجة إلى الحفاظ على هذا الإرث التراثي الغني، ويعد مركز استكشاف قلب الشارقة بداية رحلة إلى أعماق تاريخ المنطقة، إذ يقدم لزواره عرضاً متكاملاً بالشروحات والكتيبات الإرشادية حول مراحل تطوير المشروع. وتنطلق الرحلة بعدها إلى متاحف المنطقة، وأبرزها متحف الحصن الذي يعد أهم بناء في الشارقة منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وتم بناء الحصن عام 1823 ليستخدم مقراً للحكم وسكناً لعائلة القواسم الحاكمة، وتضم صالات العرض في المتحف مقتنيات توفر للزوار فرصة عيش تاريخ الشارقة وأهلها، كما يمكن التعرف إلى كيفية صنع الدبس/‏‏‏‏عسل التمر/‏‏‏‏، إضافة إلى إجراء المحادثات التفاعلية في المجلس التقليدي وتفحص الأسلحة المشابهة لتلك التي استخدمت للدفاع عن الحصن. أما «متحف بيت النابودة»، فتتوسطه ساحة كبيرة تحيط بها جدران من الحجر المرجاني، ويتعرف الزائر من خلال هذه المنطقة إلى وسائل تكييف الهواء التقليدية ومشاهدة الزخارف الفريدة التي تغطي الجص والخشب. وتصور غرف البيت نمط الحياة اليومية النموذجي لعائلة أحد تجار اللؤلؤ في ذلك الزمان، وسيعود المتحف لاستقبال زواره عقب الانتهاء من أعمال الترميم. ويستطيع الزائر إلقاء نظرة فاحصة على بدايات الحركة التعليمية في الإمارة من خلال متحف مدرسة الإصلاح التي تأسست عام 1935 لتكون أول مدرسة نظامية تفتتح أبوابها في إمارة الشارقة، ليقدم المتحف للزوار لمحة عن النظام التعليمي القديم الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 80 عاماً. وغير بعيد يقع «متحف الشارقة للتراث» الذي يمكنك من خلاله استكشاف أسلوب الحياة في إمارة الشارقة القديمة، والتعرف إلى الاحتفالات والأعمال الثقافية المحلية والتقاليد القصصية المرتبطة بتراث الإمارة الثري، من خلال البيئات الثلاث الرئيسة للشارقة: الجبال والوديان والصحارى والواحات وبيئة الساحل والمواد التي استخدمها الأجداد في الحرف التقليدية والبناء. وينتقل الزائر إلى «نمط الحياة» التي توضح أنماط الحياة الاجتماعية والترفيهية والدينية للأجداد، وعادات الضيافة الأصيلة يتبعها قاعة «الاحتفالات» التي تعنى بتقديم شرح واف عن طرق احتفال الإماراتيين بالمناسبات الخاصة والأعياد، تليها قاعة «سبل العيش» التي توضح كيف استفاد الأجداد من مواردهم البيئية المتاحة لكسب أرزاقهم وسبل التجارة آنذاك والعملات المستخدمة قديماً. وفي قاعة «المعارف التقليدية» يمكن الإطلاع على مكانة المعارف بين أهل الإمارات، ومعرفتهم بأنواع الرياح وطرق الملاحة البحرية ومهارتهم في مراقبة النجوم وحساب أيام السنة، وتنتهي القاعات الست بقاعة «الأدب الشفهي» التي تتيح الاستماع عبر وسائل سمعية إلى بعض القصص الخرافية والأساطير والشعر والأمثال والألغاز القديمة. أما أكبر متاحف قلب الشارقة وأشهرها، فهو «متحف الشارقة للحضارة الإسلامية» المطل على خور الشارقة، والذي يحتوي بين جنباته على أكثر من 5000 قطعة فريدة جمعت من كل أرجاء العالم الإسلامي، وتكشف جوانب من ثراء الحضارة الإسلامية وكنوزها. وهناك أيضاً حكايات يرويها مركز الحرف الإماراتية الذي كان يعرف في الماضي بـ«بيت المزروع القديم» والذي يقع في الطرف الجنوبي الغربي من إمارة الشارقة القديمة، إلى أن جرى تحويله إلى مركز للحرف الشعبية يعرض الصناعات اليدوية التي أبدعها الأجداد في ظل البيئتين الصحراوية والبحرية. وبانتقالنا إلى «بيت السركال» نجد أن هذا البيت التاريخي يجسد الروح الحقيقية للشارقة فقد شيد في القرن التاسع عشر. ويتمتع بتاريخ يمتد قرابة 150 عاماً، فيما يرجع تاريخ متحف «بيت عبيد بن حمد الشامسي» إلى عام 1845، وتسهم هذه الأيقونة في إظهار فن العمارة الخليجية التقليدية. وكانت منطقة قلب الشارقة ولا تزال مركزاً تجارياً حياً لمئات السنين تواجد فيها العديد من الأسواق، ومنها: «سوق العرصة» أهم الأسواق القديمة في دولة الإمارات، وسوق «صقر» الذي يقع بمحاذاة خور الشارقة، وكان مقراً لتجارة الذهب والملابس، والتوابل والأعشاب والحناء. وإذا أردت الانتقال إلى عالم ينبض بالذكريات وأجواء الماضي الآسرة، فما عليك سوى زيارة «السوق القديم»، حيث يتوسط مجموعة من المباني الحديثة ليشكل وجهة متفردة.أما «سوق الشناصية»، فيعتبر من أقدم وأكثر الأسواق حيوية في المنطقة وضمن خطة المرحلة الأولى لتطوير مشروع قلب الشارقة، وبعد إجراء المسح الجيوفيزيائي للمنطقة بدأت أعمال الحفريات والتنقيب في المنطقة الواقعة بين حصن الشارقة والكورنيش، والتي كشفت عن أساسات السوق القديم الذي يرجع تاريخه إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي. من المؤكد أن الزائر لمنطقة قلب الشارقة لن يكتفي بيوم واحد ومن هنا جاءت فكرة «شروق» لبناء مكان إقامة في «قلب الشارقة» يقدم للزوار أفضل تجربة إقامة تراثية، وهو «فندق البيت»، هو فندق إماراتي أصيل بكل معنى الكلمة، ومن المقرر افتتاح الفندق في العام المقبل 2017. قلب الثقافة قال يوسف المطوع مدير «قلب الشارقة»: إن المشروع يعتبر القلب الثقافي والاجتماعي والتجاري للإمارة، فهذه المنطقة تحمل إرثاً وقيمة تاريخية لا يقدران بثمن، ومع التطور المستمر الذي تشهده الإمارة في جميع النواحي ومن ضمنها القطاع السياحي كان لا بد من تطوير هذه المنطقة وصونها ورعايتها والحفاظ على معالمها التراثية، ليس لجيلنا فقط، بل لأجيالنا القادمة أيضاً كونها تمثل ذاكرة حية للمواطنين الإماراتيين الذين عاشوا على هذه الأرض الطيبة منذ مئات السنين. وأضاف: استطاعت «شروق» أن تحول المنطقة إلى وجهة سياحية جاذبة وأحيت معالم اندثرت في المنطقة مثل سوق «الشناصية» وبناء أخرى تحافظ على طبيعة المسكن وتشكل إضافة نوعية له مثل فندق «البيت». ونتطلع إلى الاستمرار في عمليات التطوير ومراحله وصولًا إلى عام 2025، عندها سيغدو معلم جذب تراثياً رئيساً لا يضاهَى في المنطقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©