الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العدل لضحايا رواندا

27 يوليو 2008 01:19
باعتقال رادوفان كراديتش يكون قد اقترب أكثر مجرمي عقد التسعينيات المطلوبين من المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ لكن وقبل عام واحد فحسب من تلك المجزرة المروعة التي شهدتها سربرينتشا التي راح ضحيتها 8 آلاف شخص، وهو ما يتهم به كراديتش، كانت مجزرة أخرى تجري في جزء آخر من العالم، ولا تزال خطى العدالة تتعثر فيها كثيراً وتبطئ المشي· كانت المحكمة الجزائية الدولية الخاصة برواندا، التي تم إنشاؤها في تنزانيا المجاورة، قد نجحت في إلقاء القبض على ما يزيد على 70 من عتاة المجرمين -الذين تلطخت أياديهم بدماء جرائم القتل الجماعي التي أزهقت أرواح ما يربو على 800 ألف من الروانديين في عام 1994- إلا أنها أخفقت في إلقاء القبض على 13 من كبار الرؤوس المدبرة والمنفذة لتلك الجرائم؛ وعلى رغم إمكانية تقديم غالبية الذين ألقي القبض عليهم إلى المحاكم الوطنية، إلا أن المحكمة الجزائية الدولية المشار إليها آنفاً، تتطلع إلى محاكمة العدد الأكبر منهم، بمن فيهم أربعة من كبار المتهمين هم أوجسطين بيزيمانا وزير دفاع سابق، وفليشين كابوجا وهو رجل أعمال يتهم بشراء المناجل التي استخدمت في جز رؤوس الضحايا المدنيين، إلى جانب اثنين من ضباط الجيش السابقين، هما بروتايس مبرانيا وإيدلفونس نزيمانا· وتتألف غالبية المتهمين الآخرين من فئات شتى من الساسة، إلى جانب عدد آخر من مختلف المهن، من بينهم صحفيون يتهمون بالمشاركة في إشعال نيران العنف، ورجال أعمال يتهمون بتمويل المجازر، وبعض رجال الدين المتهمين بالضلوع والمشاركة في الحملة· والغريب أيضاً أن من بينهم الموسيقي سايمون بكيندي المتهم بالغناء وإلقاء الخطب الحماسية التي روجت لمشاعر الكراهية والعنف ضد قبائل التوتسي· إلا أن إجراءات المحكمة هذه تعثرت وتباطأت كثيراً، بسبب البيروقراطية السائدة، إلى جانب الصعوبات الأخرى المتمثلة في الحاجة إلى خدمات ترجمة دقيقة من وإلى لغات متباينة، إضافة إلى تعقيد القضايا التي تنظر فيها المحكمة· هذا ويجري في وقت واحد النظر في ست قضايا في قاعات المحكمة الأربع -تشمل 19 متهماً- بينما يتوقع إضافة قضيتين أخريين، حسب التقرير الذي رفعته المحكمة مؤخراً للأمم المتحدة· إلى ذلك يتوقع أيضاً بدء النظر في أربع قضايا أخرى اكتملت الاستعدادات القضائية اللازمة لها سلفاً· يذكر أن مجلس الأمن الدولي كان قد حث المحكمة على إكمال جميع أعمالها بنهاية العام الحالي، وإغلاق ملفاتها بحلول عام 2010؛ إلا أن المحكمة رجحت في تقرير لها رفعته إلى المجلس في شهر مايو المنصرم، عدم اكتمال المهام العدلية التي تضطلع بها، وفقاً للجدول الزمني الذي حدده المجلس· ومهما يكن، فإن لهذا المجهود العدلي أهميته الفائقة بالنسبة للقارة الإفريقية، على حد قول مسؤولي المحكمة؛ وعليه فإن استعجال إنهاء أعمال المحكمة دون معاقبة كل واحد من المتهمين -بما في ذلك إلقاء القبض على الهاربين منهم حتى الآن ومحاكمتهم- من شأنه أن يزعزع القارة الإفريقية التي لم تشف بعد مضي 14 عاماً على تلك المجازر التي استخدمت فيها المناجل والحراب والبنادق من صدمة وهول الأحداث، ولا تزال تزاول فيها جرائم التطهير العرقي، على رغم أن تربة رواندا لم تجف بعد من أنهر الدماء التي أريقت فيها· وعلى رغم البطء الذي يتسم به عمل المحكمة وإجراءاتها، إلا أنها حققت بعض الإنجازات المهمة؛ منها على سبيل المثال، تمكنها من إدانة رأس حكومي كبير سابق، هو رئيس الوزراء جان كامباندا بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية؛ وتتلخص التهمة المحددة التي أدين بها، في قيادته للحملة المحلية التي دعت إلى تطهير قبائل التوتسي والهوتو بالترويج لمشاعر الكراهية ضدهم؛ كما تمكنت المحكمة من وضع السابقة القانونية المهمة، القائلة إن الاغتصاب -الذي كان سائداً خلال المجزرة الرواندية- يعد جريمة من جرائم الحرب التي تهدف إلى إبادة مجموعة ما من المجموعات التي استهدفتها تلك الحملات· مارك لاسي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©