الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا وأنت أم نحن؟

أنا وأنت أم نحن؟
27 يوليو 2008 01:40
بالقدر الذي تعتبر فيه النساء أنهن الأكثر غبنا لجهة معاناتهن من تحكم الأزواج، يرفع الرجال الصوت عاليا معبرين عن حالة ''الخناق'' التي يشعرون بها نتيجة المفهوم الخاطئ للتملك عند نسائهم· فهل يملك الزوجان بعضهما البعض؟ وهل يحق لأحدهما أن يشعر بأن الآخر بعض منه، وأنه معني بمشاركته في أدق تفاصيل حياته والتدخل في كل شاردة وواردة؟ وما هو ذاك الخيط الرفيع الذي يفصل في المؤسسة الزوجية بين الاهتمام والتطفل إلى حد التكبيل؟ تشتكي مروة إسماعيل، متزوجة منذ 4 أعوام وأم لابنتين توأمين، من حب زوجها لها بما يفوق التصور: ''تتمنى كل زوجة أن تحظى برجل يحبها ويخلص لها بالقدر الذي أعيشه، لكن المعادلة ليست سهلة والفاتورة باهظة الثمن''· وتشرح أنها تضطر يوميا الى إبلاغه بتحركاتها كلها وكامل برنامجها، لا لأنه يشك فيها وإنما من باب إشراكه في حياتها كونه يعتبرها جزءا من ممتلكاته الخاصة بمجرد أن اسمها اقترن باسمه· وتؤكد أنه في المقابل يعاملها بالأسلوب نفسه ويعلمها بكل أخباره· ''لكن معظمها لا يهمني، وأنا أفضل أن يحتفظ كل منا بشيء من الخصوصية لأن هذا النمط من الحياة يصيب العلاقة الزوجية بالملل والتكرار''· تتحدث إيناس الحاج عن صمت زوجها الدائم معها وعدم اكتراثه بأخبارها، إلا المالية منها: ''فهو لا يسألني عن أحوالي وحاجاتي، وإنما يركز في التدقيق على كشف حسابي المصرفي· واذا سألته عن السبب يجيب بكل برودة أنني وما أملكه ملك له''· هذا الأمر يثير تحفظها الى حد الجنون ولا تقوى معه على كبح جماح غضبها، وفي كل مرة يستفزها فيها تصاب بنوبات من الغضب· وهي على هذه الحال منذ العام الثاني لزواجهما الذي مضى عليه 7 أعوام· الوصفة السحرية من جهة أخرى، تعلق زينب سعيد على مفهوم التملك من منظار أكثر تفاؤلا· فهي أم لسبعة أبناء ولديها في الحياة الزوجية خبرة تزيد على 42 عاما· تقول: ''على المرأة أن تفخر بحب زوجها لها حتى وإن كان إلى حد التملك وألا تعترض على اهتمامه بها وملاحقته لها بالسؤال والاستفسار''· وتعتبر أن الأمر بمجرد بعده من الشك والمصلحة الشخصية، فهو لا يضير ولا يضر· وتروي أن زوجها قد أخبرها منذ اليوم الأول لعقد قرانهما بأنها أصبحت ملكا له، وقد وافقت على الأمر بشرط ألا يطلب منها ما لا يرضيها أو يتصرف معها بما يغضبها· ''وهذه هي الوصفة السحرية التي اتبعتها لحياة هنيئة وأنصح بها بناتي وحفيداتي''· رادارات الغيرة يعاني الرجال من الأمر نفسه أيضا، ولكن ليس بالقدر ذاته· فهم وبحكم موقعهم وعليائهم يجدون دائما الحلول قبل أن يطفح الكيل· فور سماع سلطان الجابري السؤال عما اذا كانت زوجته تحيطه بهالة من التملك، يبتسم ابتسامة لا تنم عن رضا· ''هذا أمر طبيعي عند النساء، وبالمعنى الأصح عند المرأة الغيورة التي تظن أنها بتوزيع راداراتها هنا وهناك يمكنها أن تحكم السيطرة على تصرفات زوجها''· وبالنسبة له، لا يمكن لأحد الزوجين أن يملك الآخر الا بالحسن والطيب والثقة، ولا فائدة من كل الحركات التي تبتكرها المرأة لمعرفة كل شيء عن شريكها، ''لأن مكايدها مهما عظمت لن تفوز على جبروت الرجل''· التطنيش يبدو مفيد الأسمر، المتزوج منذ عامين، أكثر تفهما لشخصية المرأة المتملكة يقول: ''لقد اكتشفت هذه الصفة عند زوجتي منذ أيام الخطوبة، لكن العلاج الوحيد بالنسبة إلي هو التطنيش كي تبحر السفينة الزوجية بأمان بعيداً من العواصف''· يختم حديثه بجدية مطلقة مشيراً الى ضرورة الحسم من قبل الزوج عندما تتخطى المرأة الحد المسموح لها به ''وذلك كي لا تتمادى أكثر وتتحول هي الى رجل البيت · الحصرم ينحاز يوسف الأمين إلى الخيار ذاته، ويروي أنه انفصل عن زوجته قبل 3 أعوام بسبب شخصيتها المتسلطة وحبها للتملك وإدارة البيت ومن فيه من الألف الى الياء، ناكرة عليه دوره بالمطلق· ''زواجنا استمر 5 أعوام أمضينا معظمها في المشكلات والشجار والهجر· وكله نتيجة لمفهومها الخاطئ حول الشراكة الزوجية التي تعتبرها صك ملكية لها وحدها، ولا يجوز لي أن أتصرف بأمر واحد دون إبلاغها أو الحصول على موافقة مؤكدة منها''· ويؤكد أنه لم يتمكن من الاستمرار في هذا الزواج الذي انتهى بالطلاق وكان ضحيته ولدان وبنت أبواهم أكلا الحصرم، وهم ضرسوا· شخص واحد يتحدث الدكتور مصطفى أبو سعد الأختصاصي في علم النفس التربوي من جامعات فرنسا، عن امتلاك الزوجين أحدهما للآخر، يقول: ''نعم يملك الزوجان بعضهما البعض لأن الزواج بمفهومه الديني والاجتماعي يلغي الـ''أنا'' والـ''أنت'' ويستعيض عنهما بـ ''نحن'' معا· والمؤسسة الزوجية تمحو مفهوم الكرامة بين الشريكين وتسقط معايير الرجولة والأنوثة التي يعتز بها كل منهما، فمن غير المقبول مثلا أن يقول الرجل لزوجته بأن كرامته لا تسمح له بالاعتذار منها أو الاعتراف بالخطأ''· ويشرح وجهة نظره بأن الزواج سكن ومودة ورحمة بين الشريكين، وهذا يعني أن كل طرف يملك الطرف الآخر لكن لا يلغي شخصيته· ''وأثناء الاحتكاك المباشر هما شخص واحد، أما خارج مؤسسة الزواج، فكل منهما يعبر عن شخصيته الاستقلالية مع الأبناء والمجتمع''· ويوضح د· أبو سعد أنه لا يقصد بجواز التملك إلغاء شخصية الآخر أو إرغامه على ما لا يريد أو فرض المعتقدات والقيم عليه، وانما احتواؤه الكامل والمطلق· وهنا لا بد من أن يتعلم كل طرف مهارة التعامل مع المشاعر وضبط الانفعالات التي تصطدم أحيانا كثيرة مع المفهوم الخاطئ للتملك· والغضب اذا لم يلجم بخلال الثواني الخمس الأولى، يتحول الى أداة مدمرة لكيان الإنسان ولمحيطه· ويشدد، في هذا السياق، على ضرورة أن يتعلم الشريكان مهارات ضبط الانفعال، لأن التحكم بردود الأفعال يؤدي إلى إنعاش الحياة الزوجية· ''وهذا يتم من خلال الحركة المباشرة والتفكير الايجابي· فأثناء الغضب الشديد على الشريك أن يغير وضعيته سواء أكان بذكر الله أو بالنظر إلى أعلى أو العد إلى العشَرة أو دخول المطبخ وشرب الماء، كي يتمكن من ضبط نفسه والتحكم في سلوكه· ومما ينصح به دائما ألا يتخذ أي قرار حاسم في العلاقة الزوجية أثناء حمى الانفعالات الشديدة''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©