الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشوارب.. هل ما زالت رمزاً للرجولة؟

الشوارب.. هل ما زالت رمزاً للرجولة؟
27 يوليو 2008 01:41
حدث في يوليو من العام الماضي، في قرية المحروسة غرب قنا في صعيد مصر، عملية ثأر من نوع جديد، إذ قامت عائلة باحتجاز رجل من العائلة الخصم· وقام المحتجزون بحلق شعر رأس المحتجز وشاربه ولحيته وحاجبيه قبل إطلاق سراحه· ما تم اعتباره ''إهانة لا تغتفر''· وكان لابد من الأخذ بالثأر· فقامت العائلة التي تم احتجاز ابنها باختطاف أحد رجال العائلة الأخرى وفعلت به ما فعل بابنها· واتبع ذلك بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجاً بأخذ الثأر· ورفعت لافتة كبيرة كتب عليها ''خللي بالك من شنبك''· الزمن تغير·· ولكن يعتبر عيسى المزروعي (موظف) ''أن حلاقة الشوارب عيب كبير، وأمر مخزٍ في بلاد كثيرة، منها الإمارات ومعظم دول الخليج العربي· وقلما نجد شخصاً حليق الشارب· وكانت المرأة قديماً لا ترى من الرجل سوى شاربه الذي يمثل الرجولة· فصاحب الشارب الكثيف والمنمق والمفتول هو رجل كامل الأوصاف مكتمل الرجولة في نظر المرأة العربية عموماً· فكانت تتغزل به وبشاربه، وتذوب أنوثةً أمام سحر شاربه· وفي المقابل، هو''يفتّل'' به ليغيرها أو ليلفت نظرها· أما فتاة اليوم، فتنظر إلى سيارته والهاتف الذي يحمله، واذا أمكنها تدقق في ماركة ساعته، أو في ما يحمله بمحفظته''· ويخلص عيسى، مع قليل من الإحباط، إلى ''أن الزمن قد تغير، وبديهي أن تتغير نظرة الناس إلى هذه الأمور، التي أعتقد أن ليس لها حيز من الأهمية في زمن المال والمصالح والثقافة الكونية التي فرضت نفسها''· نواز برهام (تاجر) يؤمن بأن ''الشارب الطويل علامة على الرجولة، ويسهم في كسر التحفظ ويضفي على صاحبه هيبة خاصة تتيح له التدخل لتسوية النزاعات· فالشارب يبرز الشهامة والرجولة''· لذا، يقول: ''تجد الكثير من الأشخاص المغرمين بإطلاق الشوارب، وهناك مسابقات ومهرجانات دولية تقام سنوياً في كثير من بلدان العالم ولا سيما ألمانيا وتركيا والهند، ودخل البعض موسوعة ''جينس'' للأرقام القياسية، بل وتأسست روابط لأصحاب الشوارب في بعض البلدان العربية، وهم يقدمون خدماتهم كمتطوعين في العمل الاجتماعي الخيري''· المفاجأة، بالنسبة إلى كثيرين، هي ما تكشفه هدى الجميعي، التي تعلن ''أن غالبية الفتيات يفضلن الشاب الذي لا شارب ولا لحية له''· وتنقل عنهن القول إنه ''ألذ وأنعم''· وتستدرك: ''لكن، الغريب وعلى الرغم من تلك الحملة ضد الشارب واللحية، نجد أعداداً كبيرة من الإناث يمتعضن ويسخرن من الشاب الأملس''! وتقول فتاة أخرى: ''أنا لا أحب الشارب أو اللحية، لكن نبوت الشعر الحليق يضفي على الشاب مظهر الرجولة، بلا شك''· رجولة و''مرجلة'' يعرف صديق مالكي (تاجر) أن ''الشارب مازال يمثل في الثقافة العربية قيمة ودلالة تفوق دوره في الأناقة والشكل''· ويعرج صديق على مرحلة كان فيها الشارب ''رمزاً للرجولة أو المرْجلة والهيبة، بل أنه أصبح رمزاً سياسياً ودلالة أيديولوجية في كثير من المجتمعات، واتخذه البعض سلاحاً يدافع به عن أفكاره، ويحقر به خصومه· وعدا الحاجة الاجتماعية فقد أضفت النزاعات الأيديولوجية والصراعات السياسية على الشوارب قيمة إضافية تجسدت في تقليد شوارب القائد أو الزعيم لتصبح شعاراً سياسياً وسمة عقائدية''· تتذكر سارة بدر (طالبة) ''عندما وضعت مجموعة من النساء التركيات الشوارب على وجوههن في تظاهرة احتجاجية على التمثيل الضئيل للمرأة في البرلمان التركي، والمطالبة بعدد أكبر من المقاعد في الانتخابات البرلمانية· تعتبر أن ذلك ''يدل على أن الشارب الذي هو رمز الذكورة والرجولة معرض للنقد وربما السخرية'' وتضيف: ''عندما نقول شارباً فإنما نعني بذلك الرجل· ففي الشام خاصة كانت الشوارب شيئاً مهماً· ووضع الرجل يده على طرف شاربه هو تأكيد على ما يقوله أو ما يعد به· فليس لدى الرجل هناك ما هو أغلى من شاربه ليقسم به· والشارب هنا يدل على أنه يقسم برجولته التي هي القيمة الأغلى في حياته''· وأما اليوم، تستدرك سارة: ''نلاحظ أن الشارب بات موضة، وسواء أكان لدى الرجل أو الشاب شارب أم لا فهذا أمر عادي، على الرغم من أن هناك إناساً مازالوا يقرنون الرجولة بوجود الشارب''· خذها من هذا الشارب يرى الدكتور فؤاد أسعد الاختصاصي النفسي والسلوكي، أن ثمة فارقاً بين الأمس واليوم، فسابقاً ''كان إطلاق الشوارب موروثاً اجتماعياً شعبياً، له دلالته الخاصة عند الكثير من الشعوب، وكان للشارب قدسية خاصة وقيمة اجتماعية كبيرة· فإذا أردت أن تحرج أو تهين شخصاً ما، ما عليك إلا أن تسب شاربه! وفي المقابل، إذا أردت أن تتعهد أو تقسم بعمل ما، عليك بالقول ''خذها من هذا الشارب''، وتضع يدك على شاربك· أو أن تقسم بالقول: ''سأحلق شنبي اذا لم··''! وهكذا، وعبر الزمان وفي مختلف البلدان، أطلق الرجل لشاربه العنان، وأخذ يتفاخر به، وأصبح صاحب الشنب الأكبر هو فارس الفرسان! فكما كان السيف أو الخنجر أو الريشة أوالعضلات المفتولة عند بعض الشعوب، كانت الشوارب رمزاً ومقياساً ''للزغرتية'' و''الأبضايات''، كما يقال في لبنان وسوريا، وكلما طال شارب الشخص كان ذلك كناية عن مكانته وقيمته الاجتماعية ورجولته، كما هي الحال في الدراما التلفزيونية سواء أكانت المصرية أم السورية·وكما هي الحال مع الملابس والأزياء التي تعبر عن التيارات الفكرية والسياسية السائدة، فإن طريقة قص الشعر أو تشذيب اللحية والشارب، أو الإبقاء على السالفين، هي أيضاً تعبير عن ثقافة الزمان ومزاجه· فإذا كان الشاب ذا شارب كثيف لا يكون ذلك الشاب ''الستايل''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©