الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

إسبانيا تراهن على الطاقة الخضراء لتوفير فرص عمل

إسبانيا تراهن على الطاقة الخضراء لتوفير فرص عمل
2 أكتوبر 2009 00:06
تسببت الأزمة الاقتصادية العالمية والركود الذي صاحبها في تسريح ملايين العاملين بمختلف الوظائف وارتفاع نسب البطالة إلى أرقام قياسية على مستوى العالم. ورغم بوادر الانتعاش الاقتصادي فإن هذه مشكلة لا تزال جاثمة وأضحت الشغل الشاغل لكثير من الدول الغنية والنامية والفقيرة على السواء ويلزم حلها بعد انقضاء أحلك أوقات الأزمة وإصرار العالم أجمع متمثلاً في مجموعة العشرين على الوصول إلى بر الأمان. الوظائف «الخضراء» وفي هذا السياق تعتقد إسبانيا أن لديها حلاً وهو توفير الجديد من الوظائف وإنقاذ كوكب الأرض في آن واحد. لقد أصبحت الوظائف الخضراء مبدأ مهماً لكثير من الحكومات بما فيها الحكومة الأميركية غير أن اسبانيا ليست فقط مؤهلة ومتحمسة لكنها أكثر الدول تأهلاً وحماساً بل وإصراراً على المزج بين مكافحة الركود وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة. وتعتبر اسبانيا أصلاً إحدى الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة من خلال تقديمها دعماً حكومياً بلغ 30 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة كما اعتبرتها إدارة أوباما مثالاً نموذجياً لتكوين اقتصاد أخضر. علماً بأن إسبانيا تولد نحو 24.5 في المئة من طاقتها الكهربية من خلال مصادر متجددة مقارنة بسبعة في المئة في الولايات المتحدة. بيد أنه مع بلوغ نسبة البطالة 18.5 في المئة في اسبانيا عزمت الحكومة على الإعداد لخطوة شديدة الأهمية. فمن خلال إصدار الجديد من القوانين وتعزيز الاستثمار العام والخاص يعتقد المسؤولون أن بوسعهم توفير ملايين الوظائف الخضراء خلال السنوات العشر المقبلة. من شأن الخطة زيادة الطلب المحلي على الطاقة البديلة من خلال الدعم الحكومي من جهة وإلزام ملايين الاسبان من جهة أخرى على التحول إلى الطاقة الخضراء سواء طوعاً أو كرهاً. وتمضي الحكومة الاسبانية قدما في تنفيذ خطط طويلة الأجل لتشغيل أعداد هائلة من المهندسين والفنيين في محطات طواحين الرياح وحظائر الطاقة الشمسية وسط مزارع وحدائق وحقول منطقتي الاندلسية وجاليسيا. ويقول مسؤولون اسبان إنه في وسع مشروعات الطاقة المتجددة وتجهيز المباني والمنازل لاستيعاب منظومة الطاقة الخضراء إعادة توظيف 80 في المئة من ملايين عمال البناء الذين فقدوا وظائفهم عام 2008. النموذج الإسباني وتعتبر مساعي اسبانيا الطموحة محط مراقبة دقيقة لإدارة أوباما والحكومات الأخرى الساعية إلى صياغة خطط توفيرها وظائف خضراء. ذلك أن مشروع التحفيز الأميركي يخصص مليارات الدولارات كمنح أو قروض لمشروعات الطاقة المتجددة وهو ما يعد تحولاً نوعياً عن مقاربة واشنطن السلبية السابقة فيما يخص التنمية الخضراء، والمستندة بشكل كبير على حوافز ضريبية. غير أن مساعي الحكومات إلى توفير فرص العمل في القطاع الخاص، وهو ما يعتبره كثير من زعماء مجموعة العشرين ضمن مهامهم مسألة محفوفة أيضاً بالمخاطر. ورغم أن الحكومة الاسبانية تقدر أن قطاع الطاقة البديلة يوفر نحو 200 ألف فرصة عمل في اسبانيا يعني ضعف عدد عام 2000 فإن المنتقدين يزعمون بأن ذلك يكلف دافعي الضرائب ما لا يطاق من النقود. بل إنه في بعض الأحوال تسببت نوايا الحكومة الحسنة في إرباك سوق الطاقة. والمثال على ذلك هو ما أسفرت عنه مؤخراً فقاعة الطاقة الشمسية في اسبانيا، فعلى الرغم من أن طاقة الرياح لا تزال الطاقة البديلة السائدة في اسبانيا إلا أن الحكومة استحدثت حوافز مغرية مؤخراً تشجيعاً على تطوير الطاقة الشمسية الفوتوفولتية (عبارة عن تكنولوجيا تستخدم خلايا مسخنة بأشعة الشمس في توليد الطاقة الكهربية). فتوجهت شركات الطاقة الاسبانية بفضل وعود حصولها على مخصصات دعم جديدة وكبيرة إلى تصنيع كميات هائلة من ألواح السليكون الفضية، ونتيجة لذلك قفزت مخصصات الدعم الحكومي للقطاع من 321 مليون دولار عام 2007 إلى 1.6 مليار دولار عام 2008. وحين توجهت الحكومة نحو تقليص الانتاج وخفض مخصصات الدعم في العام الماضي انفجرت الفقاعة الشمسية ما نتج عنه هبوط أسعار ألواح السليكون وتسريح بالتالي آلاف العمال ولو مؤقتاً. استدامة الاقتصاد ويشكك جابرييل كالزادا (الخبير الاقتصادي الاسباني وأحد منتقدي سياسة الحكومة بشأن الطاقة البديلة) في إمكانية الحكومة في صياغة نموذج اقتصادي مستدام جديد من خلال طاقة بديلة، بل ويزعم أن ذلك سيسبب مزيداً من الارتباك ومزيداً من الفقاعات وأنها خطة لن تنجح. عام 2007 كانت نسبة البطالة في الاقتصادات المتقدمة 5 في المئة. وينتظر أن تزيد النسبة بحلول العام القادم إلى 10%. وغالباً ما تكون سوق العمالة آخر ما يتعافى بعد الركود. ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد ركوداً لسنوات في توفير فرص العمل وفي الأجور في الدول المتقدمة. في ذات الوقت تسعى الحكومات للتوصل إلى اتفاق بحلول ديسمبر حول مزيد من تقليص الانبعاثات الغازية بحلول عام 2020 من أجل مكافحة الغازات الدفيئة العالمية. ومن أهم الطرق لتحقيق هذا الهدف مشروعات الطاقة البديلة. وقد عزمت اسبانيا على المجازفة بتخصيص مليارات الدولارات لمشروعات الطاقة الخضراء لأنها تأثرت أكثر من غيرها بالأزمة، وبلغت فيها البطالة النسبية الأعلى وسط الدول المتقدمة. وقد قامت الحكومة بحفر شوارع مدريد ومدن أخرى وإعادة رصفها في مساع لتوفير أعمال ولو مؤقتة للعاطلين ولكن ذلك لا يمكن أن يدوم.. ولا تجد اسبانيا أمامها سبيلاً إلا المشروعات الخضراء، حيث تصدر اسبانيا حالياً طواحين رياح وألواحا شمسية أكثر من المشروبات الكحولية، وراح العديد من الشركات الاسبانية يستثمر في أميركا. ومن المنتظر أن يعمل قانون الاستدامة الاقتصادية الجديد في اسبانيا على زيادة الطلب على أنواع الوقود المتجددة والذي يخضع لبعض التعديلات النهائية قبل طرحه في البرلمان الشهر القادم. وسيلزم جميع المنازل والمباني التجارية الجديدة مستويات أعلى من معايير الطاقة البديلة منها مصادر الطاقة الشمسية الأمر الذي سيجبر الملاك على قبول واكتساب العادات «الخضراء». كما أن القروض المدعمة من قبل الحكومة المقدمة للشركات ستشجع الجميع المطور والمالك والمشتري على تركيب واستخدام الطاقات البديلة. هناك مثال على طموحات اسبانيا الجديدة هو مصنع مستلزمات طاقة شمسية حرارية جديد بكلفة 300 مليون دولار يبعد نحو 100 ميل جنوب مدريد في بلدة تسمى بويرتولانو في اقليم دونكيشوت. حيث نجد أن الشراكة بين شركة ايبر درولا للخدمات النفعية وإحدى وكالات الطاقة الوطنية وظفت 650 عاملاً لبناء المصنع خلال العامين السابقين. وكان هذا المصنع العملاق بمثابة منقذ لكثير من العمال المسرحيين خلال الأزمة. ورغم الانتقادات التي تزعم أن دعم اسبانيا لمشروعات الطاقة البديلة يشكل عبئاً على دافعي الضرائب من جهة بل وقد يرفع سعر الكهرباء من جهة أخرى «إلا أن اسبانيا عازمة بإصرار على تبني استراتيجية خضراء مرتكزة على معايير مستدامة يلتزم بها الجميع، الحكومة والمؤسسات والشركات والأفراد وهو ما سيحقق المكاسب طويلة الأجل للاقتصاد الاسباني والبيئة الاسبانية ولمصلحة كوكب الأرض عموماً. عن «واشنطن بوست» و«لوس انجلوس تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©