الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رأي.. ولكن ولا عزاء للسيدات

رأي.. ولكن ولا عزاء للسيدات
2 أكتوبر 2009 00:25
انهمرت دموعها، وعصر الوجع قلبها، ما انفكت تخاطب نفسها، جنَّت مشاعرها، تبعثرت الكلمات على شفاهها، وأخرس الألم لسانها، تخلخل صوابها، وصاح صوتها مجلجلاًَ ضد صمت الكبرياء. وهي يانعة لم تلملم بعد أحلام براءتها، ولم تعش شغف ولهيب مراهقتها، ولم تحيا أبداً تدفق الحياة وفيض تلاوينها، حيث لم تذق طعم كبواتها وانتصاراتها، ولم تتلمس بعد خيوط أسرارها وغموضها، فاضت حياتها أحداثاً فاقت سنوات عمرها، سريعة كانت سرعة نمو مفاتنها البريئة، لا زالت غرفتها لم تخل من الدمى بكل أسمائها التجارية ومسمياتها، خطَّت عليها أحلامها ووزعتها بين أدوار الأم الصغيرة والعروسة الجميلة المرغوبة، وبين.. وبين... ألعاب وأحلام لم توضح بعد رؤيتها، كلمات فقط لا زالت تذكرها وتذوي في آذانها: «جميلة ما شاء الله».. «كبرت بسرعة تبارك الرحمن». انصرفت لترتيب كتبها المهملة بعد انسحاب العام الدراسي لنهايته، استعداداً لرحلة تصييف باردة هروباً من جمرات الشمس ولهيبها الملقى في الشارع، ككل سنة تشد العائلة رحالها لبلد تحمل منه السعادة والذكريات الجميلة والمعرفة، لم تدرك أن رحلتها تلك السنة ستكون طويلة جداً بكل المعاني، وكان صيفاً آخر غير الذي عهدته في سنوات عمرها القليلة. اشتعل البيت لهيباً، يسابق أهلها الزمن، كل الترتيبات والتجهيزات يجب أن تكون أحسن من الممتاز، الكل تجند لهذا اليوم الذي لم تعد له العدة الصحيحة وإن كان متوقعاً، فالفتاة جميلة وكل المعطيات تقول إنه لن يطول بقاؤها في بيت أهلها أكثر، اشتعل الحي أنواراً، وتزينت زوايا البيت وأركانه، ونثر الورد والزهر والعطر في كل القلوب، فالعروس فاتنة، والعريس رائع ذو صيت وغنى، وشاب مثله لا يرفض أبداً. كان العريس خارج البلد ينهي دراسته، كان عامه النهائي، وعند عودته كما تقرر إيجاد عمل له فإنه تقرر تزويجه، فالزواج حماية وسترة لكلا الطرفين، ونهاية لحياة الطيش. تدفقت مشاعرها، وسكن أحشاءها من يقوي العلاقة ويربط أواصر الحب ويربط حبل التوادد والتراحم، وازدان بيتهم بالمال والولد. لم تسنح لها الفرصة لمعرفة تقاسيم وجهه ولا غموض عينيه، لم تخبر مشاعره الحقيقية وفتورها، إلى يوم عرفت أنَّ أخرى في حياته، يحلم بمشاعر ناضجة ولهيب حب من يختار عزاب عشقها، بمن يزلزل مشاعره منعا واشتياقاً ومستحيلاً، وهي ظلت تنزوي على قارعة العواطف، وسنها لا يتجاوز العشرين، فما خبرته من الحياة إلا ما يصب جحيمه عليها اليوم. فهل تخضع لأمر محتوم؟ أو ترفض واقع مشاعرها المهزوم؟ أو ترثي لحاله هو أيضاً، وتخندقه في المباح وحقه في إحياء لهيب عشق يزلزل كيانه فيملأ جسده خفة يطير بها فوق كل ما هو واقع. لكبيرة التونسي lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©