الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيرانيات··· قوة يُحسب حسابها

الإيرانيات··· قوة يُحسب حسابها
27 يوليو 2008 22:33
انعقد البرلمان الإيراني للمرة الأولى الشهر الماضي منذ انتخابات إبريل 2008؛ الأمر الذي جاءت به نتائج الانتخابات المثيرة للدهشة -بل والمزعجة- كون أن النساء شكلن 2,8 بالمائة فقط في هذا البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون والمنخفضة أصلاً فيه نسبة تمثيل النساء؛ قد يجد هؤلاء الذين يعرفون المجتمع الإيراني جيداً ذلك مثيراً للدهشة والصدمة، فأداء إيران أفضل بكثير من أداء دول الشرق الأوسط الأخرى، في مجال تعليم وصحة المرأة ومشاركتها في القوى العاملة؛ إذ تشكل حوالي ثلثي طلبة الجامعات، الأمر الذي أدى بالحكومة إلى تخصيص حصص نسبية في الدخول إلى الجامعات، حيث كانت المرأة تهيمن على مجالات مثل الطب وطب الأسنان والصيدلة؛ ورغم أن مشاركتها في القوى العاملة بلغت 42 بالمائة، -تقل عن المعدل العالمي 58 بالمائة-، إلا أن هذه النسبة هي الأعلى في الشرق الأوسط· كيف يمكن إذن أن تكون نسبة تمثيل المرأة الإيرانية السياسية متخلفة، حتى إذا قورنت بدول أخرى في المنطقة؟ يبلغ المعدل للشرق الأوسط وشمال إفريقيا حوالي 9 بالمائة، حيث تبلغ النسبة في العراق الأعلى في التمثيل البرلماني، بواقع 26 بالمائة· الإجابة على السؤال معقدة؛ أولاً، لا تستخدم إيران الحصص النسبية ؟الكوتا- لمشاركة المرأة السياسية مثل بعض الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وليس من المعروف بشكل مؤكد كيف سيكون أداء الدول الأخرى في غياب التعيينات والتمثيل النسبي؛ ثانياً، وحتى يتسنى التأهل كمرشح في الانتخابات البرلمانية، يجب أن يقتنع مجلس الوصاية المحافظ -هيئة سياسية تتمتع بالقوة والسلطة تملك القدرة على رفض أي مرشح- في معتقدات المرشح المحتملة في الإسلام والجمهورية الإسلامية· لقد لعبت المرأة في إيران دوراً حاسماً في تحويل التوازن المحافظ ؟ الليبرالي في الحكومة، فقد كانت المرأة جزءاً لا يتجزأ من الأسباب التي أدت إلى إيصال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي إلى السلطة؛ لذا قد يكون الأمر ببساطة أن النساء اللواتي يسجلن للمنافسة هم أقل محافظة من نظرائهن من الرجال، الأمر الذي يؤدي إلى معدل أقل من التأهل· ثالثاً، تثبط بعض القوانين الإيرانية من همة المرأة في الصعود إلى مواقع قيادية ومواقع صنع القرار؛ إذ لا يسمح لها بالوصول إلى منصب القضاة أو التنافس على منصب الرئاسة؛ فالرئيس الحالي أحمدي نجاد يحث النساء على البقاء في المنزل والتركيز على مؤسسة الأسرة؛ ولذا هناك امرأتان فقط تتبوآن مراكز وزارية ثانوية، وقد أعيدت تسمية مركز مشاركة المرأة إلى مركز شؤون المرأة والأسرة، وقد أعلن أحمدي نجاد علناً دعمه للأسر الأكبر عدداً، حيث تبقى النساء في المنزل للعناية بالأطفال· وأخيراً، وفي ضوء الضغوطات الخارجية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، أصبحت الحكومة الإيرانية تنظر إلى المجموعات النسائية المحلية على أنها تهديد للأمن القومي، وقد كانت هناك مهاجمات ضد حملة المليون توقيع، التي تهدف إلى جمع مليون توقيع دعماً للمساواة في النوع الاجتماعي في إيران والتظاهرات النسائية السلمية وحول نظام اللباس النسائي؛ كما جرى إغلاق المجلة النسائية الرئيسية ''زنان'' في يناير 2008 لأنها قدمت -حسب الادعاء- منظوراً قاتماً عن الجمهورية الإسلامية وعرضت الحالة النفسية والصحة العقلية لقرائها للخطر من خلال تقديم ''معلومات أخلاقية مبهمة قابلة للمساءلة''· ورغم هذه التحديات، لا يمكن الاستخفاف بتصميم المرأة الإيرانية على كسر الصور النمطية، فالمرأة الإيرانية متواجدة اليوم في كل مجال تربوي وعملي سيطر الرجل عليه تقليدياً؛ كما أنها تنشط سياسياً، خاصة على المستوى المحلي؛ ففي انتخابات عام 2006 البلدية فازت المرأة بأربعة وأربعين مقعداً من أصل 264 مقعداً في مجالس العواصم الإقليمية؛ وإضافة إلى ما تقدم، تمثل المرأة الإيرانية نسبة عالية من الناخبين في الانتخابات الوطنية والمحلية لدرجة أنها قادرة على التأثير بشكل فاعل على السياسة الوطنية؛ على سبيل المثال، اضطر المرشحون البرلمانيون عام 2008 الى أن يعدلوا حملاتهم الانتخابية لاجتذاب الناخبات من النساء من خلال تقديم وعود بتغيير قوانين العمالة والأسرة لضمان معاملة أكثر مساواة للنساء· وتقوم الحكومة بتعديل القوانين التي تميز ضد المرأة بشكل بطيء وتسمح آخر القوانين التي سنها البرلمان لبعض النساء الإيرانيات المتزوجات من أجانب بإعطاء جنسياتهن الإيرانية لأطفالهن، وهو أمر لم يكن ممكناً في السابق؛ كما يحق للنساء اللواتي يتعرضن للإصابة أو الموت في حوادث السيارات بالحصول على نفس قيمة تعويض شركات التأمين كالرجال، بينما كانت المرأة في السابق تحصل على نصف التعويض الذي يحصل عليه الرجل· هناك دعم عامل قوي لمساواة أكبر في النوع الاجتماعي في إيران؛ وقد توصل استطلاع أجرته مؤخراً منظمتا الرأي العام العالمي و''كومن جراوند'' إلى أن 78 بالمائة من الإيرانيين يعتقدون أنه من الأهمية إلى حد ما، أو من المهم جداً أن يكون للمرأة حقوق متساوية مع الرجال، ويعتقد 70 بالمائة أنه يتوجب على الحكومة أن تبذل جهوداً لمنع التمييز ضد المرأة؛ بينما يراقب العالم التطورات في إيران، من المحتمل أن تكون الحركة النسائية في الواجهة· وقد لا يمر وقت طويل قبل أن تصبح المرأة الإيرانية مُمَكَّنة سياسياً كما هي في مجالات مجتمعية أخرى· تلاجة ليفاني-واشنطن مستشارة في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©