السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقاشات ساركوزي حول الإسلام: الهوية والرموز الدينية!

نقاشات ساركوزي حول الإسلام: الهوية والرموز الدينية!
3 ابريل 2011 23:28
الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي كان من بين أول وأقوى الأصوات الداعية إلى التدخل في ليبيا، انتهى للتو من جولة آسيوية كزعيم عالمي يخطو خطواته بثقة وكبرياء. لكن موقفه في فرنسا يبدو أقل ثقة في وقت يواجه فيه انشقاقاً صريحاً داخل حزبه على خلفية دواعي ومبررات إطلاق نقاش في الخامس من الشهر الجاري حول العلمانية والإسلام في بلده الذي يحظر حظراً صارماً الحديث الديني أو الرموز الدينية في شؤون الدولة. ويأتي هذا النقاش بعد خطابات في بلدان أوروبية أخرى حول "فشل" التعددية الثقافية، لاسيما من قبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، إضافة إلى الرئيس ساركوزي نفسه، وهي خطابات تستهدف بشكل خاص اندماج المسلمين. لكن الحلفاء السياسيين لساركوزي، من بين آخرين، يعترضون على الحدث المقرر انطلاقه يوم غد حيث قال رئيس وزرائه فرانسوا فيون إنه لن يشارك في هذا النقاش. بينما وصفت رسالة مفتوحة وجهها هذا الأسبوع 12 زعيماً من الأديان الرئيسية الممثلة في فرنسا، الحدثَ المرتقب بأنه محيِّر، وفي غير وقته، ويؤدي إلى "الإساءة إلى صورة الجالية المسلمة في البلاد". وتساءلوا بخصوص كيف يمكن لحزب سياسي أن يستعمل جهاز الدولة لإجراء نقاش حول الهوية الدينية. غير أن ساركوزي مصر على المضي قدماً في المخطط، وإن كان حزبه، "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، لم يعلن بعد عن تفاصيل وبرنامج للنقاش. فعلى غرار نظرائه في بلدان أخرى في أوروبا، يلاحظ ساركوزي قلق التيار الغالب في المجتمع الفرنسي بشأن الوجود المتزايد للمسلمين، لكنه يبدو قلقاً أكثر من الشعبية المتزايدة لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين، كما يقول عدد من المحللين. ففي ديسمبر الماضي، ظهرت لوبين على شاشات التلفزيون وكالت انتقادات لاذعة وقوية للمسلمين الذين قالت إنهم "يقومون باحتلال الفضاء العام" حين يصلون في الشوارع، عندما تمتلئ المساجد وتضيق بالمصلين يوم الجمعة، مشبهةً ذلك بالاحتلال النازي! ويذكر هنا أن لوبين، التي تعد منافسة محتملة لساركوزي في انتخابات 2012 الرئاسية، سعت مؤخراً لإعادة تصنيف الحزب اليميني المتطرف الرئيسي في أوروبا، "الجبهة الوطنية"، والذي أسسه والدها جون ماري لوبين، لجعله أقل عداءً تجاه اليهود والمثليين وأكثر تركيزاً على المسلمين والمهاجرين. وقد خلق حزبها المفاجأة مؤخراً حين ألحق هزيمة نكراء بـ"الاتحاد من أجل حركة شعبية" في انتخابات السابع والعشرين من مارس المنصرم. تلك النتيجة، إلى جانب فشل نقاش وطني تزعمه ساركوزي في عام 2009 حول "الهوية الوطنية" واعتُبر على نطاق واسع كرمز يحيل إلى نقاش حول الإسلام، دفعت الكثيرين في حزب ساركوزي إلى القول إن فكرة النقاش غير مناسبة أو غير ناجحة سياسياً. هذه اللحظة تضع جناحين في القصر الرئاسي أحدهما مقابل الآخر: جانب يقوده أمين عام الحزب جون فرانسوا كوبي، وهو شخصية صاعدة تعد من مهندسي الحظر على ارتداء النقاب الإسلامي في الأماكن العامة بفرنسا، ويجادل لصالح خوض معركة على أرض لوبين اليمينية حتى يُظهر للناخبين أن الرئيس يصغي إليهم. أما الجناح الآخر، الذي يضم رئيس الوزراء، فيقول إن على يمين الوسط الفرنسي أن يتشبث بقيمه الوسطية وألا يجنح إلى التطرف، حيث يقول أحد رموز الحزب، فرانسوا باروان، الذي يشغل أيضاً منصب المتحدث باسم الحكومة: "علينا أن ننهي هذه النقاشات". والجدير بالذكر هنا أن ساركوزي قام في الحادي عشر من مارس الماضي بإقالة "مستشار التنوع" لانتقاده النقاش، لكن الانشقاق اليوم تجاوز ذلك النوع من التوبيخ. وفي الوقت الراهن، يصغي ساركوزي لكوبي الذي قام في وقت بدأ يتسبب فيه النقاش حول المؤتمر المقرر في انصهار قلب مفاعل "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، بتوجيه رسالة إلى "صديق مسلم" (ليس شخصاً حقيقياً)، يدعو فيها المسلمين إلى التحالف مع حزب ساركوزي (الاتحاد من أجل حركة شعبية) ضد حزب لوبين (الجبهة الوطنية)، فكتب يقول: "إنك دائماً الأول الذي يقول لي: إن ممارسة الإسلام في جمهورية علمانية لا يمكن أن تتغاضى عن البرقع، أو عن الصلاة في الشوارع، أو عن رفض المساواة بين الجنسين"، مضيفا: "إن الجبهة الوطنية والإسلاميين يفرحون ويسعدون بانقساماتنا. بل إنهم يعملون على إثارتها لأنهم يعيشون منها ويتغذون عليها. وبهذه الرسالة، أودُّ أن أقول لك إننا نستطيع أن نوقفهم". وفي هذه الأثناء، يبدو النقاش الحقيقي حول العلمانية والإسلام كإضافة لشيء انتهى تقريباً. نقاش يعتمد أساساً على علمانية البلاد، أو القوانين التي تمنع التعبير الديني في الحياة العامة، والتي يعود تاريخها إلى مرسوم صدر عام 1905 ويهدف إلى الحد من نفوذ وتأثير الكنيسة الكاثوليكية، لكنه يطبق على كل الأديان. ومن المرتقب أن يبحث النقاش الذي سيطلقه "الاتحاد من أجل حركة شعبية" ما إن كان يتعين على الدولة أن تقوم بتمويل المساجد أو أن تلعب دوراً في تدريب الأئمة، على سبيل المثال، على اعتبار أن الديمغرافية الدينية لفرنسا، التي لديها اليوم حوالي 6 ملايين مسلم، باتت أكثر تنوعاً مقارنة مع قرن مضى. غير أن بيير هاسكي، رئيس تحرير "ري 89"، وهي يومية على الإنترنت ومجلة أسبوعية، يقول: "إن الرئيس يقوم بالصيد على هوامش اليمين المتطرف"، مضيفاً: "إن النقاش حول الإسلام ليس مثيراً للاهتمام، والأمر هنا يتعلق بمناورة ليُظهروا لناخبي "الجبهة الوطنية" أنهم يستطيعون التصويت لـ"الاتحاد من أجل حركة شعبية"! روبرت ماركند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©