الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن الإلكتروني الأميركي: كلفة عالية ومردود بطيء

الأمن الإلكتروني الأميركي: كلفة عالية ومردود بطيء
30 مايو 2010 22:16
تمتلئ عناوين الأخبار المبثوثة عبر الصحف والفضائيات والإذاعات بالقصص المخيفة عن انعدام أمن نظم المواصلات والكمبيوتر التي يعتمد عليها ازدهار اقتصادنا القومي. فبالإمكان زراعة برامج تشغيلية مدمرة في أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بها شبكة الكهرباء القومية، كما أن بلادنا باتت عرضة لعمليات التجسس واللصوصية الإلكترونية المدعومة من قبل حكومات أجنبية. وتصل هذه الأخبار إلى احتمال الهجوم الإلكتروني على نظم المصارف وشبكة المواصلات القومية التي نعتمد عليها. وكان الرئيس أوباما قد أعلن قبل عام واحد أن "البنية التحتية الرقمية" لبلادنا سوف تكون مكوناً رئيسياً من مكونات أمننا القومي. وقد جاء ذلك الإعلان مصحوباً بتعهد من الرئيس بجعل البنية التحتية الرقمية آمنة ويعول عليها. غير أن إدارته لم تفعل شيئاً يذكر لإحراز تقدم نحو هذا الهدف. وربما يعود السبب الرئيسي وراء هذا التقصير إلى النظرة للأمن الإلكتروني على أنه ضريبة إضافية على نمو اقتصادي قصير المدى. والحقيقة أن للتقدم الرقمي فوائد عديدة. غير أن تزايد اعتمادنا على النظم الحاسوبية المعقدة، يعرضنا للكثير من المخاطر الأمنية. وتشمل هذه المخاطر: نشر برمجيات لا حصر لها مفخخة بالفيروسات، واستخدام برمجيات مستوردة من دولة أجنبية ما، تحمل أرقاماً مشفرة خبيثة يسهل نقلها وتحميلها في النظم الحاسوبية عن طريق سرقتها، وضعف التنسيق والتعاون على مخاطر الأمن الرقمي بين الشركات فيما بينها والشركات والحكومات، ثم هناك خطر الشبكات الحاسوبية الضخمة التي يتحكم بها طرف ثالث، وهي التي يسهل استخدامها في الهجمات الحاسوبية علينا. وقد أشارت تقارير عديدة أعدتها أجهزة تنفيذية وكذلك نشر بعضها المجلس القومي للبحوث خلال العقدين الماضيين، إلى علم الحكومة بهذه المخاطر وغيرها من مسببات انعدام الأمن القومي، غير أنها لم تفعل شيئاً في التصدي لها. والسبب تفادي الانزلاق من جانبها في متاهة من الابتكارات التكنولوجية الباهظة التكلفة. ولكن المشكلة هي أن فرض المسؤولية عن هذه المخاطر على صانعي النظم الحاسوبية والبرمجيات، سوف يرفع أسعار هذه الأخيرة، إضافة إلى إبطاء التنمية البرمجية. وكذلك يحدث الشيء نفسه فيما لو ألقينا بالمسؤولية على مراقبة خطوط إنتاج هذه البرمجيات. وعليه يمكن القول إن ضمان سلامة تبادل المعلومات أمر بالغ التكلفة وربما يعرض أسرار بعض الشركات للخطر. وفي الوقت نفسه سوف يؤدي تشديد الرقابة على القراصنة إلى إبطاء شبكة الإنترنت وزيادة تكلفة تشغيلها. إذن لا مناص من إحداث نوع من التوازن بين المكاسب القصيرة المدى الناجمة عن الاعتماد على النظم الحاسوبية، والخسائر المتوسطة والبعيدة المدى الناجمة عن العجز في ضمان سلامة وأمن هذه النظم الحاسوبية. ولعل هذا ما قصد أوباما بقوله: "سوف يعتمد ازدهار الاقتصاد الأميركي خلال القرن الحادي والعشرين على أمننا الإلكتروني". وللأسف فلابد من الاعتراف بارتفاع تكلفة الأمن الإلكتروني، مقابل صعوبة حساب أو رؤية الفوائد التي يحققها. وعلى امتداد عدة عقود ظل خيار واشنطن دائماً هو جني المكاسب الاقتصادية قصيرة المدى للتقدم الرقمي، مع تجاهل التكلفة البعيدة المدى الناجمة عن العجز في توفير الأمن الإلكتروني. وقد واصلت واشنطن النهج ذاته في ظل إدارة أوباما الحالية. ففي شهر مارس الماضي، كشفت لجنة الاتصالات الفيدرالية عن خطة قومية مفصلة للبث الإلكتروني عبر الموجة العريضة، وهي خطة وعدت بتوصيل عدد أكبر من الأميركيين بشبكة الإنترنت، فضلاً عن ضمان السرعة الفائقة لأداء الشبكة. غير أن الخطة نفسها اعترفت بالمخاطر الأمنية المرتبطة بالبث عبر الموجة العريضة، وأكدت حاجة الولايات المتحدة إلى استراتيجية واضحة تهدف إلى تأمين شبكات الاتصالات الحيوية التي تعتمد عليها البنية التحتية وتلك المرتبطة بالأمن العام. لكنها لم تقل ما يفيد كثيراً في الكيفية التي يتحقق بها هذا الهدف. وبدلاً من ذلك طلبت الخطة من لجنة الاتصالات الفيدرالية رسم خريطة طريق متعلقة بالتصدي لمخاطر الأمن الإلكتروني. هذا وقد سبق للحكومة أن أصدرت عدداً من خرائط الطريق خلال العقدين الماضيين. ونحن ندرك ما تكون عليه خريطة الطريق المؤدية للأمن الإلكتروني. غير أن الجانب الأصعب منها هو دفع الحكومة نحو السير في الاتجاه نفسه. وهناك اتفاق واسع على أن استمرار الحكومة في جني المكاسب الاقتصادية قصيرة المدى من التقدم في تقنية المعلومات، مع تجاهل الخسائر الكبيرة البعيدة المدى لعدم توفير ما يكفي من الأمن الإلكتروني، قد وصل إلى حد الأزمة. لا شك في ارتفاع تكلفة الأمن الإلكتروني مع احتمال إبطائه للنمو الاقتصادي على المدى القريب. بيد أن ضعف الاستثمار في مجال الأمن، من شأنه أن يبدد أي مكاسب تحققت من تقدم وإدماج الأجهزة الحاسوبية. ويتعين علينا أن نصحب التقدم الرقمي الذي نحققه، بإدماج حلول أمنية باهظة التكلفة في المجال نفسه، لاسيما في البنى التحتية الرقمية الأساسية، بدلاً من الاعتماد على ضربات الحظ الأمني وحدها. ويتطلب هذا النهج أن يؤدي البيت الأبيض والكونجرس دوراً قيادياً يصعب تحقيقه بدونهما في أوقات الشدة الاقتصادية هذه. والدرس الأهم الذي يمكن تعلمه من تجربة العقدين الماضيين في هذا المجال، أن بلادنا لن تبدي عزماً على تحقيق أمنها الإلكتروني، ما لم تتضح لها الخسائر الفادحة التي ينطوي عليها عدم توفير هذا الأمن. وربما تتاح لها فرصة التعلم هذه عقب تعرض قطاع أو قطاعات رئيسية من اقتصادنا القومي لهجمة إلكترونية مدمرة. جاك جولدسميث - أستاذ القانون بجامعة هارفارد مليسا هاثاوي - مستشار أول بمدرسة كنيدي لشؤون الحكم في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©