الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين في إفريقيا: النفط والتجارة والاستثمار

الصين في إفريقيا: النفط والتجارة والاستثمار
3 أكتوبر 2009 00:39
عطش الصين للنفط في تزايد مستمر؛ فنمو اقتصادها بمعدل سنوي يتراوح بين 8 و10%، جعلها تعتمد اعتماداً متزايداً على النفط المستورد، وقد أضحت ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة. ولذا تهتم الاستراتيجية العليا لأمن الصين حالياً بتأمين وضمان تدفق الطاقة. ويعتبر النفط أحد أهم محددات السياسة الخارجية الصينية، ومن هنا تحظى القارة الإفريقية باهتمام صانع القرار الصيني حيث تحركت الصين، من أجل تأمين تدفق النفط والحصول عليه من القارة الإفريقية من خلال استراتيجية تقوم على عدة محاور: من أهمها إنشاء عدد من الإدارات الخاصة لتنمية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الدول الإفريقية، وتوسيع اختصاصات بعض الأجهزة والإدارات القائمة لتشمل كل أطر التعاون المشتركة، وتيسير إنشاء عدد من المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني الصينية المختصة بالشؤون الإفريقية. كما أصبحت الصين أحد موردي السلاح لإفريقيا، واستطاعت تقوية علاقاتها الاقتصادية مع القارة عبر «منتدى التعاون الصيني الإفريقي» الذي أنشئ بمبادرة من بكين عام 2000 وضم ستاً وأربعين دولة إفريقية، ومن أهم إنجازاته إسقاط 1.2 مليار دولار من ديون القارة. وهناك أيضاً مجلس الأعمال الصيني الإفريقي الذي أنشئ في نوفمبر 2004 بغرض دعم استثمارات القطاع الخاص الصيني في القارة، كما أن التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا يتجاوز حالياً ثلاثين مليار دولار. وعلاوة على دبلوماسية التواصل والزيارات التي يقوم بها المسؤولون الصينيون لإفريقيا، وعلى رأسهم الرئيس الصيني، فقد تكونت جالية صينية في إفريقيا، حيث اتجهت معظم الهجرات الصينية إلى القارة من المقاطعات الجنوبية من الصين وجزيرتي تايوان وهونج كونج. وقد أتوا إلى إفريقيا كعمال تعاقدت معهم شركات التعدين الأوروبية العاملة في إفريقيا، كما هو الحال في مدغشقر وجنوب إفريقيا وموريشيوس وجزيرة رينيون. وبعد انتهاء مدة عملهم مع هذه الشركات لم يعودوا إلى الصين وإنما مارسوا الأعمال التجارية، والتي اقتصرت في البداية على بيع الحاجات اليومية للعمال الصينيين الذين مازالوا في عملهم مع الشركات الأجنبية. وعقب الحرب العالمية الثانية زادت أعداد الجاليات الصينية في إفريقيا، وكان لتغيير الدول الاستعمارية لسياستها تجاه الجاليات الأجنبية في القارة الإفريقية دور هام في إتاحة فرص كثيرة للجاليات المغتربة ومن بينها الجالية الصينية. وانتشرت الجاليات الصينية في كثير من أنحاء القارة الإفريقية حيث وجدت جاليات صغيرة في شمال القارة وشرقها. وقد تباينت أهداف عناصر الجالية الصينية في مصر مثلا بين الإقامة والعمل، ولوحظ أنهم يقيمون في الأحياء الشعبية الفقيرة، في القاهرة والجيزة. كما وجدت جالية صينية في نيجيريا بغرب القارة الإفريقية. وقد أرسلت الصين قوات عسكرية لحماية آبار إنتاج البترول والغاز الطبيعي في دول إفريقية؛ مثل السودان، واستغلت الصين خروج الولايات المتحدة من السودان عام 1995 لتحظى باستثمارات نفطية حتى أصبح أكثر من نصف صادرات السودان النفطية يذهب إلى الصين وفقاً لأرقام 2008، وتمكنت شركات النفط الصينية من شراء 40% من أسهم «شركة النيل الأعظم» النفطية في السودان، والتي تضخ ثلاثمائة ألف برميل يومياً. كما قامت شركة «سينوبك» الصينية بإنشاء خط أنابيب بطول ألف وخمسمائة كيلومتر لنقل الإنتاج النفطي إلى ميناء بور سودان على البحر الأحمر، ومنه إلى ناقلات البترول المتجهة إلى الصين. وفي تشاد، حصلت الشركات الصينية على استثمارات نفطية، رغم أن نظام نجامينا له علاقات دبلوماسية بتايوان، غير أن المصالح الاقتصادية تعلو على مبدأ «صين موحدة» الذي تتمسك به بكين وتضعه معياراً لعلاقاتها الدولية. وتسعى الصين لاختراق خليج غينيا الغني بالنفط ومنافسة الولايات المتحدة الأميركية على الاستثمارات النفطية، وبالفعل نجحت في إيجاد موطئ قدم لها في أنجولا ونيجيريا والجابون وغينيا الاستوائية. وتستورد بكين أكثر من 25%من وارداتها النفطية من إفريقيا، وتسعى إلى المزيد، خاصة وأن حاجاتها البترولية ستتضاعف عام 2030 ومن أبرز الدول التي تستورد منها، إضافة إلى السودان وتشاد، الجزائر وأنجولا والجابون. وبالنسبة للدول العربية الإفريقية، هناك تحرك صيني مكثف في ليبيا والجزائر التي تعتبر أهم دولة إفريقية تصدر النفط إلى الصين. وقد وقعت الجزائر والصين عدداً من الاتفاقيات المتعلقة بالبترول والغاز والجوانب البحثية المتعلقة بهما والذي أظهرت الصين احتياجاً شديداً لها. وترحب الجزائر بمزيد من الاستثمارات الصينية في مشروعات التنقيب عن النفط، خاصة وأن الشركات الصينية تزايد توجهها للعمل والاستثمار في قطاع النفط والغاز الجزائري، وفى مقدمتها شركة «سينوب» التي وقعت عقداً في عام 2002 بقيمة 525 مليون دولار لتطوير حقل «زارزائين» بالجزائر، كما وقعت شركة «استكشافات الغاز والنفط الوطنية» الصينية عقوداً لبناء مصفاة للنفط. علاوة على أن شركة «النفط الوطنية» الصينية قد وقعت عقداً لاستيراد النفط من الجزائر بقيمة 350 مليون دولار في يوليو 2003. وبالنسبة لمصر وقعت بكين والقاهرة «مذكرة تفاهم» للتعاون المشترك في مجال البترول، تتضمن تبادل الاستفادة الفنية من خبرات وإمكانات قطاع النفط المصري، مقابل التجربة الصينية في استخراج النفط، خاصة في السودان، بالإضافة إلى التعاون في مجالات تكنولوجيا الزيت الثقيل وزيادة إنتاجية الآبار القديمة، إلى جانب التعاون في تصنيع أجهزة ومعدات حفر الآبار ومكوناتها، وطلمبات الرفع الصناعي، وخطوط الأنابيب، ومعامل التكرير، وإنشاء وتصنيع معدات الإنتاج، وكذلك التعاون المشترك في بعض مشروعات الخطة القومية المصرية البتروكيماوية. ويبقى على الدول الإفريقية أن تحدد هدفها من العلاقة مع الصين، وما الذي تريده، وما الذي تستطيع تقديمه، عندئذ يمكن أن يحدث التلاقي حول شراكة تحقق مصالح الجانبين دون تأخير. د. عبد العظيم حنفي باحث في العلوم السياسية، ومدير مركز «الكنانة» -القاهرة ينشر بترتيب خاص مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©