الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جوبـا»... وما بعده!

3 أكتوبر 2009 00:43
تعددت وتنوعت محاولات كثير من أحزاب المعارضة السودانية بعد التوقيع على اتفاقية «نيفاشا» للسلام لإقناع حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم بالجلوس إلى مؤتمر قومي شامل لا يستثني أحداً، للتفاكر والتفاهم حول سبل تنفيذ تلك الاتفاقية، لأنها جاءت بغرض إجراء تحول كامل يهم السودانيين بلا استثناء، إضافة إلى أن التنظيمين اللذين وقعا على الاتفاقية لا يمثلان كل أهل السودان. ورغم الإلحاح ومواصلة الطلب فإن المؤتمر الوطني رفض الفكرة جملة وتفصيلا. لكن بعد عامين أو أكثر، ومع تعدد الأزمات والمحن في السودان، لجأ الحزب الحاكم إلى عقد مؤتمر سماه قومياً، لكنه استبعد الأحزاب السياسية المعارضة واقتصر على الأحزاب الصغيرة التي ليس لها ثقل، وانتهي إلى عدم تحقيق تقدم يذكر. كان لا بد من هذه المقدمة لإيضاح الهدف أو الأهداف من عقد المؤتمر القومي الحالي في جوبا، عاصمة الجنوب. وهو مؤتمر دعت له «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الشريك الأكبر في الحكم، وشاركت فيه كل أحزاب المعارضة الشمالية، وأهمها «حزب الأمة القومي» بقيادة الصادق المهدي وحزب «المؤتمر الشعبي» بقيادة الدكتور حسن الترابي، و«الحزب الشيوعي السوداني» بقيادة محمد إبراهيم نقد، وأحزاب سياسية شمالية أخرى، وعدد من منظمات المجتمع المدني. بيد أن الإضافة الجديدة أن فصيل «مني أركوي» الدارفوري يشارك كذلك وهو فصيل حمل السلاح ضد الحكومة ثم التقى معهـا في مؤتمر أبوجا قبل أكثر من عامين ثم كانت مكافأة زعيم ذلك الفصيل تعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية، لكن يبدو أن ذلك لم يقنعه أو يقنع فصيله بجدوي التعاون مع الحزب الحاكم، وها هو يقف مع المعارضة، والشيء ذاته حدث من قيادة جماعة شرق السودان التي آثرت أن تشارك في مؤتمر جوبا. وقد انعقد مؤتمر جوبا بين 27 و 30 من شهر سبتمبر المنصرم، وأصدر التوصيات والقرارات والمطالب التي ركزت كلها على تحقيق السلام والمصالحة في السودان، وعلى ضرورة إجراء الانتخابات المقبلة في شروط ديمقراطية مناسبة. وقد بحث المؤتمر أزمات السودان، ومنها: صراع دارفور، واستفتاء تقرير المصير، وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات قبل إجراء الانتخابات العامة بوقت كاف... إلى غير ذلك من المشاكل التي يعانيها السودان. وقد أكد المؤتمرون أنهم لا يشكلون تحالفاً ضد أحد ولا يخاصمون جهة بذاتها. ورغم كل ذلك الوضوح، فإن قادة «المؤتمر الوطني» ظلوا يرفضون المشاركة في مؤتمر جوبا، رغم أن الدعوة وجهت إليهم أكثر من مرة. وكان رد فعلهم وما زال هو التقليل من شأن المؤتمرين، وكيل الاتهامات لهم، والقول إنهم قوم عاجزون يتهيبون من دخول الانتخابات العامة ويتهربون منها لأنهم يدركون أن نصيبهم سيكون الفشل. إن الجديد في هذه الصورة هو أن الدعوة للمؤتمر صدرت من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وقام رئيسها ورئيس حكومة الجنوب بافتتاح الجلسة الأولى للمؤتمر. والجديد كذلك مشاركة أحد فصائل دارفور التي كانت تحمل السلاح ضد الحكومة المركزية، وكذلك مشاركة جبهة شرق السودان. إن هذا يعني أن أغلبية تنظيمات أهل السودان التقت في جوبا ولم يخرج عن شبه الإجماع هذا إلا «المؤتمر الوطني» والأحزاب المشاركة معه في الحكم وهي ليست ذات ثقل. ويظل المحك النهائي هو كيف سيستقبل «المؤتمر الوطني» قرارات وتوصيات مؤتمر جوبا؟ وهل سيظل على موقفه الرافض أم سيتراجع عن ذلك، وتكون لتلك القرارات فرصة في سياسة قومية متفق عليها من الجميع، وتفيد في معالجة كافة الأزمات؟ هذا ما يأمله كثيرون، أما إذا لم يحدث ذلك، فإن احتمال مقاطعة الأحزاب السياسية الشمالية للانتخابات التي بقي على موعد إجرائها نحو نصف عام فقط، ذلك الاحتمال سيتجدد وتتواصل دائرة الأزمات. محـجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©