الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الثبات على الطاعات.. مطلب كل مسلم صادق

الثبات على الطاعات.. مطلب كل مسلم صادق
14 يوليو 2016 23:23
وَدَّع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان المبارك، شهر الخير والبركة بعد أن وفقهم الله سبحانه وتعالى لطاعته، حيث صاموا نهاره، وقاموا ليله، طاعة لله سبحانه وتعالى، وكلهم ثقة في الله سبحانه وتعالى أن يتقبل صيامهم وقيامهم، وأن يكتبهم من عتقاء شهر رمضان، وأن يكتبهم في قوائم الأبرار، إنّه نعم المولى ونعم النصير. مراجعة النفس ويأتي شهر شوال كما هو معروف عقب شهر رمضان، فهو شهر يقف فيه المسلم وقفات مع نفسه يحاسبها ويراجع فيها سجله، فهل أدى واجبه وأرضى ربه وأراح ضميره، فأصبح من حقه أن يفرح كما جاء في الحديث الشريف: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)، ففرحته عند فطره تتمثل في أنه أدى واجبه وأرضى ربه وأراح ضميره، وفرحته عند لقاء ربه عندما يجد أجره كثيراً بغير حساب، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}. لقد استقبل المسلمون قبل أيام عيد الفطر المبارك، والعيد مناسبة طيبة ومباركة يجمع الله بها شمل المؤمنين ويؤلف بها بين قلوبهم، حيث يتقابلون في المساجد والمُصَلَّيات والأسواق والطُرقات فيصافح كلٌّ منهم الآخر ويتبادلون التهاني. وفي يوم العيد يتجلى الله على عباده، فيغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم، ويرحمهم ويوفيهم أجرهم بغير حساب، وفيه يظهر الناس وقلوبهم مُتَحابة وصدورهم مُتَصافية وأيديهم مُتَصافحة، فتبدو أُخُوّة المسلمين كأقوى رابطة وأوثق صلة، ومن المعلوم أن العيد في الإسلام مناسبة طيبة لجمع الشمل وصفاء القلوب، وبرّ الوالدين واجتماع الإخوة، ووسيلة للتعارف وصلة الأرحام. يوم الجائزة مضى شهر رمضان، وجاء عيد الفطر المبارك، وَهَنَّأَ المسلمون بعضهم بعضاً في أيام العيد مرددين: (تقبل الله منَّا ومنكم الطاعات، وكل عام وأنتم بخير). نعم جاء العيد، ليفرح فيه المؤمنون الصائمون، يفرحون شكراً لله سبحانه وتعالى الذي وفقهم لصيام نهاره وقيام ليله، كما جاء في الحديث الشريف: (ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)، والله عزَّ وجل يُقَدِّمُ لعباده المؤمنين الذين صاموا نهار رمضان حقَّ الصيام، وقاموا لَيلَهُ حقَّ القيام، جائزة التوفيق في أعمالهم، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال: (إذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الطُّرُقِ، فَنَادَوْا: اغْدُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ يَمُنُّ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ، لَقَدْ أُمِرْتُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَقُمْتُمْ، وَأُمِرْتُمْ بِصِيَامِ النَّهَارِ فَصُمْتُمْ، وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ، فَاقْبِضُوا جَوَائِزَكُمْ، فَإِذَا صَلَّوْا، نَادَى مُنَادٍ: أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ، فَارْجِعُوا رَاشِدِينَ إِلَى رِحَالِكُمْ، فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْجَائِزَةِ). وهنيئًا لمن صام رمضان حقَّ الصيام وقام ليله حقَّ القيام، وواظب على الطاعات والقربات واجتنب المعاصي والموبقات. تمام السُنّة شُرِعَ الصومُ بعد شهر رمضان لما ورد في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»، كما ورُوِيَ عن ثوبان أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: «مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ، كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»، كما ورُوِىَ عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «صِيَامُ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُنَّ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ تَمَامُ سَنَةٍ»، يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ، وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ. وفي الأحاديث السابقة دليل على استحباب صوم الأيام الستة بعد اليوم الذي يُفْطر فيه الصائم وجوباً وهو يوم عيد الفطر، والمتبادر في الاتباع أن يكون صومها بلا فاصل بينها وبين صوم رمضان سوى هذا اليوم الذي يَحْرُمُ فيه الصوم، وإن كان اللفظ يحتمل أن تكون الستة من أيام شوال، وعلى ذلك يجوز صيامها متتابعة من اليوم الثاني إلى آخر السابع فمن يفعل ذلك فقد أتى بالأفضل، وإذا صام المسلم الأيام الستة مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتياً بأصل السنة. وخلاصة القول: صوم الستة من شوال مستحبٌّ بعد اليوم الأول منه، ومن الأفضل أن يكون صومها متتابعاً في شوال، ويجوز أن يكون متفرقاً فيه. الصراط المستقيم رحل رمضان، شهر العتق والمغفرة، بعد أن كُنَّا فيه من القوََّامين والصوَّامين التالين لكتاب الله الكريم، لذلك من واجبنا الثبات والمحافظة على ما كُنَّا فيه من صلاة وصيام وقيام وتلاوة ودعاء فلا ننقطع عن الأعمال الصالحة، والثبات على دين الله مطلبٌ أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد. إن الثبات والاستمرار على الطاعة من أخلاق المؤمنين، فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يدعو قائلاً: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّت قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، ومن دعاء الراسخين في العلم: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}، أي لا تزيغ بعد الهداية، ولا تنحرف بعد الاستقامة، لذلك كان رسولنا (عليه الصلاة والسلام) يحث المسلمين على وجوب الاستمرار في الطاعات لقوله (صلى الله عليه وسلم): «أَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». ومما يُؤْسف له أن بعض المسلمين الذين حافظوا على الطاعات خلال شهر رمضان المبارك من صلاة وصيام وصدقات وتلاوة للقرآن الكريم، قد هجروا المساجد وانقطعوا عن الطاعات، ومن المعلوم أن راحة المؤمن في طاعة ربه، وأن عمله لا ينقضي حتى يأتيه أجله، لذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بوجوب الثبات على الطاعات والخيرات: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. فإذا كان رمضان قد صَنَعَ من المسلم الصائم إنساناً نبيلاً عفَّ اللسان ليس مغتاباً ولا فاحشاً ولا بخيلاً ولا مُقْتِراً، فما أحرانا بعد رمضان أن نظل بأخلاق رمضان، طلاقة في الوجه، وابتسامة على الشفاه، واستقبال طيب وعطاء طيب لوجه الله، لأنه جزء من زكاة عمل الإنسان وهو الثروة الباقية التي أنعم الله بها على من اختصهم بقضاء حوائج الناس. ما أحرانا بعد رمضان من ضرورة استحضار قيم وسلوكيات شهر رمضان في كل ما نقوم به وفي سائر شهور العام، فمغانم رمضان كثيرة يجب أن نواصل بها المسيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©