الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القهوة في عٌمان.. تقاليد راسخة تترجم ثقافة الضيافة وقيم التكافل

القهوة في عٌمان.. تقاليد راسخة تترجم ثقافة الضيافة وقيم التكافل
31 مارس 2013 20:36
تعتبر القهوة عند العُمانيين من الأساسيات المرتبطة بحياتهم ارتباطاً وثيقاً؛ فهي تراث عميق لا يستغنون عنه، ويهتم العمانيون بها في حلهم وترحالهم. وتكاد القهوة أن تكون المشروب الأول في سلطنة عمان، حيث يتناولها العمانيون في كل الأوقات فليس لها وقت محدد، بل إنها لدى البعض ختام اليوم، ومفتاح نهاره وراحة منتصفه. وليس مستغرباً أن ترى في أحد أزفة قرى عمانية اجتماع لنسوة تتوسطهن دلال القهوة، أو أن تراها تتصدر مكتب موظف ما يجلبها معه صباحاً إلى المكتب ليحتسي منها، ويقدمها لضيوفه. وللقهوة طقوس لا بد من اتباعها أبرزها تقديمها من اليمين والبدء من عند الضيف وعدم ردها مهما كان السبب. يوسف البلوشي (مسقط) - في عمان تبرز القهوة في مختلف الأنشطة والفعاليات والمناسبات. وللقهوة سنن في تناولها، وهي تقليد عريق يحترمه الجميع، ومن العيب تجاوز هذه السنن أو تقاليدها، ومنها أن يبدأ تقديمها للضيف أولًا ثم للجالسين من على يمينه أو للجالسين في المجلس إن لم يكن هناك ضيوف وأيضاً من على اليمين. احترام شديد يقول المسن علي حسن إن للقهوة تقاليد عريقة تقدم بها إلى الضيوف، ويحترمها الكبير والصغير، ويحرص عليها، بل إنه من العيب تجاوزها، مشيراً إلى أن العرب قديماً كانوا يخشون ذلك حتى لا تصبح حكايتهم على كل لسان يتناقلها الركبان فتصبح عيباً كبيراً في حقهم. ومن تلك السنن، يورد حسن أن يبدأ تقديمها للضيف أولًا، ثم للجالسين على يمينه، أو للجالسين في المجلس إن لم يكن هناك ضيوف فيبدأ تقديم القهوة أيضاً من اليمين. ويتابع «من العادات الأصيلة المتوارثة ألا يقدم المقهوي القهوة للضيف باليد اليسرى أبدا، وعلى الضيف أن يتناول فنجان القهوة من المقهوي هو أيضاً بيده اليمنى. وعند صب القهوة في الفنجان لا يتم ملؤه. ولا يوضع فيه قدر ضئيل جداً بل هو ربع الفنجان فقط. ولا يجوز أبداً تقديم القهوة في فنجان به ولو كسر بسيط لأن ذلك يعد عيباً كبيراً. وعلى الضيف أن يشرب القهوة فإذا انتهى منها يهز الفنجان للمقهوي وإلا فمعناه أنه يريد المزيد. ويستمر المقهوي في تقديم القهوة له حتى يهز الضيف الفنجان هزة خفيفة فيعرف المقهوي أن الضيف قد اكتفى، وعلى الضيف أن يسلم الفنجان للمقهوي بعد الانتهاء من شرب القهوة ولا يضعه على الأرض لأن ذلك يعد عيباً في حق المقهوي حيث على الضيف الاحتفاظ بالفنجان في يده حتى يعود إليه المقهوي ليأخذه منه إن كان قد انشغل عنه بتقديم القهوة للآخرين». ويضيف حسن «لا يجوز في سنة القهوة «التخطي» بمعنى أن تقديم القهوة يكون من اليمين وحسب تسلسل الجالسين، حتى وإن كان بينهم طفل صغير إذ يجب على المقهوي تقديم القهوة له فإن رفضها فله الحق في الانتقال لمن يليه، وله الحق في أن يتناول القهوة حتى يهز الفنجان مثله مثل الرجل الكبير». ويقول جمعة سالم، الذي يهوى الجلوس في المجلس الشعبي لإحدى القرى العمانية، إن من سنة تقديم القهوة للضيف أن تقدم له ثلاث مرات؛ الأولى عند قدومه، والثانية بعد تقديم الفواكه، والثالثة بعد وجبة الطعام التي يتم بها إكرام الضيف سواء أكانت غداء أم عشاء، مشيراً إلى أنه ليس معنى ذلك أنها لا تقدم في غير تلك الأوقات بل تقدم بعدد غير محدود من المرات وأقلها تلك الثلاث. مراحل الإعداد حول مراحل إعداد القهوة العربية، يقول خلفان العامري، وهو من محبي القهوة «تمر طريقة إعداد القهوة بعدة مراحل وهي: قلي القهوة حتى الاحمرار، وبعدها تضاف إلى الماء حتى الغليان مستخدمين بذلك الطريقة البدائية في القلي عن طريق الحطب بنار هادئة، وهنا تكمن متعة القهوة العمانية المصنوعة على نار هادئة إذ إن لها طابعاً خاصاً ومميزاً عن القهوة التي تصنع على الطريقة الحديثة المتطورة، ويضاف الهيل أو الزعفران حسب الرغبة، ثم تصفى في الدلة وتقدم إلى الضيف حسب سنة القهوة». وعن طرق تحضير القهوة، يقول الشيف عيسى اللمكي «القهوة عندنا عنوان للأصالة والكرم وتراث، وهي بطقوسها لها احترام يصل إلى حد كونها في الأولويات، وطريقة إعدادها تختلف من بلد لآخر في العالم، وللطريقة العربية ما يميزها عن غيرها وللطريقة الخليجية ما يميزها عن العربية». ويوضح اللمكي «في السلطنة يحرص العُماني على أن تكون القهوة في بيته قبل حرصه على الطعام لأنه يخشى أن يفاجأه ضيف ما، إذ لا بد أن يستقبله صاحب البيت بكل ترحاب ويعد القهوة له فوراً». ويضيف «بداية إعداد القهوة العمانية يكمن في تجهيز الأواني، وتبدأ بالقنشة، وهي وعاء دائري له يد يتم فيه تحميص القهوة على النار، ويتم تقليبها بالمحماس إلى أن تصبح حمراء، وتدق بعد أن تبرد في المنحاز وهو من النحاس الأصفر، والأداة التي يدق بها تسمى الرشاد، وعندما تصبح ناعمة، توضع في دلة صغيرة تسمى المخمرة وتغلى على النار حتى تفور، بعد أن يضاف إليها الهيل أو الزعفران حسب الرغبة، ثم تصفى في الدلة وتقدم إلى الضيف». من جهته، يقول عبدالله الرحبي، صاحب محل بيع، قديما كانت القهوة تجلب إلى الموانئ العمانية القديمة، وأبرز أنواعها السيلاني والقهوة الخضراء بنوعيها «المدربحة» و«العادية»؛ والفارق بين الأنواع الثلاثة يكمن في المذاق، وكل بيت يحتفظ بأدوات القهوة التي يتم إعدادها عدة مرات في اليوم حسب الضيوف وإن كانت الأوقات المعتادة لصناعتها هي الصباح، والضحوانية، والظهر، والعصر والمغرب. موروث قديم وصنعت القهوة أوقاتا للعمانيين تجمعهم فيه، وأبرزها قهوة الضحى وهي القهوة التي تجتمع العمانيات في بيت إحداهن لتناولها، وتبادل الأخبار والعمل سويا تحت الخياطة والحياكة. إلى ذلك، تقول زمزم داوود «لقهوة الضحى موروثها القديم لدى المرأة العمانية، وهي من العادات القديمة ولها سماتها الخاصة من حيث البساطة وعدم التكلفة المادية والمعنوية، كما تعود بالفائدة للمرأة، وسميت بقهوة الضحى لأن القهوة يتم تناولها في فترة الضحى التي تعتبر متنفساً للمرأة بعد أن تكون قد أنهت أعمالها المنزلية الصباحية». ?تضيف «في فترة الضحى تتجمع نساء الحارة (أو الحلة) في مكان محدد يتفقن عليه، وفي الغالب تكون الجلسة خارج البيوت تحت ظل شجرة أو في بيت إحدى كبيرات الحارة، وهذا التجمع له فوائد كثيرة، فهو ليس فقط لتناول القهوة والتسلية وإنها لتبادل الأحاديث والأفكار، وحل بعض المشاكل الموجودة في الحارة، وتحديد مواعيد الزيارة إلى الحارات المجاورة، وتعلم بعض الحرف النسائية مثل خياطة الملابس وصناعة السعفيات والطبخات وتقديم المساعدات». إلى جانب ذلك، تقول عائشة عبدالله «تتضمن قهوة الضحى شرب القهوة، وتناول ما تسمى بـ»الفوالة»، وتعني ما يقدم مع القهوة المرة من حلويات وفواكه وغيرها، حيث تجلب كل واحدة من نساء الحارة معها ترمس القهوة ومعه التمر أو الفاكهة أو الرطب حسب المواسم، أو بعض الحلويات العمانية مثل (الخبيصة) السوية أو البلاليط أو السُحة والسمن والتمر المطبوخ مع السمن والهيل وماء الورد، وهذه تؤكل في فصل الشتاء». رفيقة الأفراح والأتراح تجمع قهوة الضحى النسوة في عمان في الأفراح والأتراح، تقول مريم الزرافي «من فوائد قهوة الضحى أيضا التعاون القائم أثناء مناسبات الأفراح والأحزان ففي الأفراح تقوم جميع نساء الحارة بتجهيز لوازم العروس من حيث خياطة الملابس وتحضير العطور والبخور، ويقمن بتوزيع العمل فيما بينهم أثناء جلسة الصباح. أما في الأحزان فيقمن بتجهيز الوجبات في بيوتهن وتقديم القهوة إلى الضيوف والقيام بأعمال المنزل، وهذه العادات ما زالت موجودة حتى الآن في بعض المناطق»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©