تنفيذاً لاتفاق تم توقيعه أواخر عام 2012، بدأت فرنسا ولبنان اعتباراً من 26 مارس الماضي تنفيذ برنامج تعاون بين جهازي التلفزيون الرسميين يتيح، من بين بنود أخرى، بث العديد من برامج قناة «فرنسا 24» على «تلفزيون لبنان». وجاء هذا الاتفاق في وقت كثف فيه التلفزيون الفرنسي الرسمي-الدولي الذي يبث باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، انتشاره الخارجي في الأشهر الأخيرة في عدد من دول المنطقة والعالم. فقناة «فرنسا 24» وقّعت مؤخراً العديد من اتفاقات التعاون لبث برامجها مع محطات تلفزيونية في كل من أستونيا والولايات المتحدة وإسبانيا، إضافة إلى اتفاقات تعاون أخرى مع عدد من وسائل الإعلام في المنطقة ومنها شراكة تحريرية مع صحيفة «حريات» اليومية التركية.
أبوظبي (الاتحاد) - بموجب اتفاق مع الشركة المشغلة «ليفيرا»، الذي أعلن عنه في النصف الثاني من مارس، باتت النسخة الإنجليزية من قناة «فرنسا 24»، تُبث على القناة التاسعة من التلفزيون الرقمي الأرضي (تي إن تي) في أستونيا بما يتيح لها التواجد في 140 ألف مسكن إضافي في البلاد حيث إنها كانت تبث برامجها الإنجليزية أيضا على عدة قنوات أخرى، بما فيها قنوات الكيبل والإنترنت. وفي الأسبوع الأول من مارس كذلك أعلنت «فرنسا 24» أنها باشرت بثها باللغة الإنجليزية عبر قنوات الكيبل الرئيسة العاملة في العاصمة الأميركية واشنطن، بحيث أصبحت مشاهدتها متاحة في مباني الوزارات والإدارات الحكومية هناك.
وفي حينه برّرت القناة عمليات توسعها هذه بمواكبتها المركزة على العديد من التطورات والأحداث ذات الأبعاد الدولية، ولاسيما التدخل الفرنسي العسكري في مالي بإفريقيا وعملية الرهائن في حقل النفط الجزائري، والأوضاع في سوريا والأزمة السياسية في تونس.
نمو المشاهدة
ووفقا لتقارير القناة نفسها؛ فقد ارتفع منسوب مشاهديها في العديد من دول العالم وفي أكثر من منطقة. حيث أظهر استطلاعات بحثية شارك في إعدادها معهد سوفريس الشهير أن «فرنسا 24» حلت في المرتبة الأولى بين القنوات الدولية في عاصمة الغابون مستقطبة 95,9% من النخب والمسؤولين وبزيادة سنوية مقدراها 2,2%، في حين حصدت 43% م جموع المشاهدين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما، وأنها بذلك أصبحت القناة الثانية الأكثر مشاهدة على مستوى القنوات كلها حيث تتقدمها فقط محطة التلفزيون الحكومي الغابوني.
وفي أواخر فبراير الماضي أظهر استطلاع مشابه أن تلفزيون «فرنسا 24» وإذاعة فرنسا الدولية سجلتا أعلى نتائج متابعة عن شهر ديسمبر الماضي في عاصمة مالي، وفق جميع المؤشرات التي سجل بعضها ارتفاعا بنسبة 19%، بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد، وكانت فيها فرنسا الطرف الرئيس عندما أرسلت وحدات عسكرية لمواجهة زحف جماعات المعارضة نحو العاصمة باماكو.
وسبق ذلك إعلان المحطة عن تحسن نتائجها بين المشاهدين في كل من الجزائر والمغرب، وهما الدولتان اللتان توليهما فرنسا اهتماما خاصا، إلى جانب تونس باعتبار العلاقات التاريخية والانتشار الواسع للغة الفرنسية في هذه الدول، إلى جانب لبنان.
ووفق دراسة «مغريب سكوب» عن العام 2012؛ جاءت «فرنسا 24» في المرتبة الثالثة بين الشبكات الدولية الإخبارية الأكثر مشاهدة في الجزائر «بما يرسخ موقعها المميز بين القنوات العربية المماثلة حيث حلّت مباشرة وراء قناتي الجزيرة والعربية مع 14,5% من الجمهور المجمّع أسبوعيا لدى المشاهدين من فوق 15 عاما. كما بينت الدراسة أن أكثر من 43% من المسؤولين الجزائريين يتابعون القناة الفرنسية في وقت زادت فيه معرفة عموم الجمهور بالقناة. كما بينت أن 68.3% من مشاهدي القناة في الجزائر يتابعون محطتها الناطقة بالعربية بينما يتابع الباقون(26,9%) محطتها الفرنسية».
وبينت دراسة أخرى أن القناة الفرنسية استمرت في تسجيل نتائج متوسطة الارتفاع في المغرب عن 2011 ولكنها مرتفعة بمقدار الضعفين عن عام 2010. فقد حلت «فرنسا 24» في المرتبة الثانية بين القنوات الدولية الإخبارية الأكثر مشاهدة بين كبار الموظفين والمسؤولين في المغرب بمعدل 1 من كل ثلاثة (36,4%)، ولكن اللافت أنها جاءت متقدمة على قناتي العربية والحرة لدى هذه الفئة. وسجلت القناة الفرنسية نسبة مشاهدة أسبوعية (11.4%) منخفضة عما سجلته في الجزائر لدى جميع من تزيد أعمارهم عن 15 عاما، لتحل في المرتبة الرابعة بين القنوات الإخبارية الدولية.
علاقة «حنونة»
أما في لبنان، الذي يشكل أهم قاعدة انتشار للفرنكوفونية في المشرق العربي، حيث تربط فرنسا علاقات تاريخية مميزة مع بعض الفئات والجماعات اللبنانية التي تعتبر فرنسا بمثابة الأم الحنون؛ فقد اتخذ بدء تنفيذ اتفاق تعاون تلفزيوني (وإذاعي) موقع بين البلدين في نوفمبر الماضي طابعاً احتفائيا. وعقدت الرئيسة والمديرة العامة للفروع الخارجية للمرئي والمسموع في فرنسا ماري كريستين ساراجوس مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع وزير الإعلام اللبناني في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق. وقالت إن هذا التعاون بين القناتين الرسميتين سيسمح لـ«تلفزيون لبنان» بتنويع برامجه وتطويرها وسيتيح لأكبر عدد من اللبنانيين مشاهدة مختارات من برامج قناة «فرنسا 24 «باللغة العربية، كما إنه يتمم وجود قناة «تي في 5 عالم» في لبنان ويعطي انطلاقة جديدة لحضور «فرنسا 24» فيه.
وكان اللافت أن الوفد الذي رافق ساراجوس إلى لبنان ضم بين أعضائه مارك صيقلي، وهو لبناني الأصل ومدير «فرنسا 24». ويأمل بعض المسؤولين اللبنانيين أن يمكن هذا الاتفاق رفد تلفزيون لبنان ببعض البرامج في وقت يعاني فيه من قلة الإنتاج ومن عدم اتفاق المسؤولين على تعيين مجلس إدارة له التي تدفعه لعرض برامج أرشيفية مكررة وقديمة للغاية في وقت تنحصر المنافسة بين المحطات اللبنانية الخاصة.
أما باقة المحتويات التي سيكون بالإمكان بثها عبر تلفزيون لبنان فتضم نحو 15 برنامجاً، بينها الحوارية وتقارير حول السياسة الدولية والثقافة والاقتصاد وبرامج عن الأزياء أو البيئة و»مجلة الثقافة»، التي تعرض تحقيقات ولقاءات مع شخصيات ثقافية فاعلة عربياً ودولياً، وبرنامج «فن العيش» على الطريقة الفرنسية الذي يتناول الديكور والطهو والهندسة المعمارية.
وقالت المسؤولة الفرنسية إن قناة «تي في 5 العالم» تبث أيضاً في لبنان، كما تبث قناة «فرنسا 24» خلال 24 ساعة يوميا باللغات الثلاث (الفرنسية والإنجليزية والعربية) على عدد كبير من الفضائيات المتوافرة في لبنان. وأعلنت أنها أيضاً بصدد دعم وجود إذاعتين تابعتين لفرنسا في لبنان. ويتناول الاتفاق كذلك شقاً خاصا بالتدريب وتبادل المحتويات بمواقع الإنترنت.
شبكة بث واسعة
قناة «فرنسا 24» أنشئت قبل ست سنوات فقط، وهي تقول إنها تبث إلى نحو 206 ملايين مسكن في القارات الخمس باللغات الثلاث الفرنسية والإنجليزية والعربية، وهي تعمل عبر عدة قنوات منها الكيبل والفضائيات والإنترنت والأجهزة المحمولة من هواتف ولوحات حاسوبية وتلفزيونات متصلة بالإنترنت.
عدد اليوم
