الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

روبيرتو ساتوشي.. «نهر الدموع»

روبيرتو ساتوشي.. «نهر الدموع»
26 ابريل 2018 21:02
أبوظبي (الاتحاد) روبيرتو ساتوشي أحد عمالقة بساط المونديال.. يلقب بـ «العاصفة».. حقق كبرى مفاجآت بطولة أبوظبي، حينما شارك للمرة الأولى عام 2012، وفي هذه النسخة حلق بالذهبية في ظل حضور عدد كبير من الأبطال أصحاب الخبرة والقوة والنصيب الأكبر من الترشيحات.. نجوميته وشهرته ولدت مع هذه البطولة.. يعتبر نفسه من مواليد أبوظبي. الانطباع الذي يتولد لدى أي شخص عندما يرى روبيرتو على بساط القتال أنه رجل مختلف، قاسي الطباع، حاد المزاج.. نتخيل أنه لا يبتسم، ولا يتحدث، لأنه مشهور بصيحته الداوية، لكن عندما تحاوره تكتشف فيضاً من المشاعر الجياشة، شعرنا بالخجل عندما ترقرقت عيناه بالدموع، تأسفنا عندما هزمته الدموع فتوقف عن الكلام، وهو الذي لا يهزم بسهولة أمام العمالقة. روبيرتو العملاق على البساط لديه قصة إنسانية فريدة من نوعها، للوفاء عنده معانٍ وممارسات لم تعد موجودة معنا.. قصة ساتوشي أهم من الفوز والخسارة، وأرفع من المجد وسطور الإشادة، بدايتها عادية، وتدافع الأحداث فيها منطقية، لكنها شهدت نقطة تحول مثيرة، زلزلت كيانه، وغيرت تركيبته النفسية، وبدلت أحواله. قال روبيرتو: بدأت حياتي مع الجو جيتسو مبكراً، عند 5 سنوات.. كنت محظوظاً بعائلة من الأبطال في هذه الرياضة، لي 3 أشقاء أكبر مني كلهم أبطال، جميعهم حزام أسود، هم موديسو، ومارك سوزا الفائز بلقب عالمية أبوظبي عام 2013، وشقيقتي بريستياني، ومن قبلهم والدي كان بطلاً، علمني كل شيء، ولذلك فإن ذهابي إلى صالة التدريب كان طبيعياً مثل عبوري الشارع، أو تناول قطعة من الحلوى، لأنني كنت أستمتع برؤيتهم وهم يتدربون، ومشاركتهم في النزالات التدريبية، كنت أشعر بسعادة كبيرة. وأضاف: بدايتي مع الفوز والهزيمة كانت صعبة، فقبل أن أصل إلى 14 سنة، كانت الخسارة بالنسبة لي عادية، لا أغضب منها كثيراً، خصوصاً أنني كنت أتنافس مع البالغين من هم 18 عاماً فأكثر، ولكنني في أحد النزالات ببطولة ولايتنا عندما خسرت، وفي طريقي للخروج من البساط وجدت والدي حزيناً، وأخي موديسو بجواره حزين هو الآخر، لم أذهب إليهما، شعرت أنني سبب في حزنهما بدلاً من أن أكون مجالاً لفخرهما، في هذه اللحظة أحسست أن الموت أقرب إليّ من الخسارة، وبعدها حصلت على الذهب في بطولة العالم لفئة الحزام الأزرق، ولم أرتق إلى الحزام البنفسجي إلا بعد أن حصلت على ذهبية العالم، ولم أرض بالترقي من البنفسجي إلى البني إلا بعد إضافة ذهبية عالمية ثالثة، كنت أصرخ في النزالات على البساط كي أذكر نفسي بأن الموت أقرب إلي من الخسارة. وتابع: عندما وجدت والدي وأخي حزينين لم أقل لهما شيئاً، ولم أقترب منهما، كان وجه والدي الحزين يكفيني، فقد كان كل شيء في حياتي، تعلمت منه كيف أفكر بهدوء، وأكون شجاعاً في مواجهة العقبات، وكيف أبتسم وبداخلي بركان من القلق والتوتر والغضب، وكيف أقبل الحياة كما هي دون فلسفة، أقبلها مهما كانت قاسية، فقد مرت حياتي عادية، أكبر في السن، وأحصل على البطولات، وأصعد منصات التتويج كل شهر تقريباً، التحقت بأخي موديسو في اليابان، لأساعده في تدريباته بالأكاديمية التي أسسها لتعليم الجو جيتسو هناك، خصوصاً بعد أن أصبح لها فرعان، كنت أقضي أياماً سعيدة بين التدرب وتدريب الأطفال، حتى حدث لي ما لم أكن أتوقعه في عام 2008، وهو ما كنت أخشاه. وأضاف: كل لاعبي العالم يحتفلون بالترقي إلى الحزام الأسود، يعتبرونها لحظة مجدٍ وانتصار، كل الناس يقيمون الحفلات ويدعون الضيوف والأصدقاء، ولكن قصتي مع الترقي للحزام الأسود، كانت سوداء مظلمة، لم أحتفل فيها، ولم أبتسم حتى، لكني تظاهرت بالابتسامة كي لا أضيع فرحة والدي، ففي يوم عاصف وأنا في اليابان، استدعاني شقيقي الأكبر، وقال لي والدك مريض، اذهب لتراه في البرازيل، شعرت ببعض القلق، لكن القلق لم يخيفني، فوالدي هو البطل في خيالي، هو رمز النصر، وعنوان القوة، وشارع السعادة في حياتنا جميعاً.. عدت إلى البرازيل وكان في المستشفى، عندما احتضنته، أدركت أن الحال تغيرت، راودني الشك أن خطوط الزمن وآهات المرض تركت بصماتها على وجهه وبدنه، تحدثنا وكان مبتسماً، هادئاً كعادته، ثم سحب حقيبة صغيرة بجواره، وأخرج منها الحزام الأسود، إنه حزامه الأسود، اسمه مكتوب عليه، وقال لي: الآن عليك أن تفرح، أنت تستحق الحزام الأسود، لأنك بطل حقيقي، كان ذلك المشهد في المستشفى، فابتسمت أو بالأحرى رسمت ابتسامة زائفة على وجهي، وبقيت معه في المستشفى حتى المساء، وفي هذا المساء رحل عني والدي، وغابت كل معاني السعادة والابتسامة والانطلاق عن حياتي. وأوضح: «كنت ألعب نزالات الحزام الأسود بحزام والدي، كان يمنحني القوة والصلابة، قررت أن أفوز دائماً حتى أجعله سعيداً، توالت مشاركاتي في البطولات، وتوالت ذهبياتي، حتى أتيت إلى أبوظبي، وسجلت نفسي للمشاركة في البطولة عام 2012 ولم يعرفني أحد، لكني كنت الوحيد الذي يعرف أن أحداً لن يهزمني، حتى أهدي أكبر إنجاز عالمي إلى والدي، فزت بالبطولة وكانت وما زالت هي الأغلى في مسيرتي، هزمت كل المرشحين، كانت مفاجأة من العيار الثقيل، عدت بالذهب في أول مشاركة لي بهذه البطولة العالمية، ومن ذلك الوقت وأنا أشعر بالحنين إلى أبوظبي، أحضر إليها دائماً كل عام».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©