الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب صعدة تفاقم مشكلة عمل الأطفال اليمنيين

حرب صعدة تفاقم مشكلة عمل الأطفال اليمنيين
4 أكتوبر 2009 00:44
يشكل الفقر سبباً رئيسياً ومباشراً عن اتساع ظاهرة عمالة الأطفال الفقراء في اليمن، نتيجة لمشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية وأخلاقية متعددة الأسباب والأبعاد، تفاقمت في البلاد بتأثير النمو العالي للسكان غير المترافق بمعدلات نمو اقتصادي متكافئة وتنمية بشرية فعالة، بحيث أدت سلسلة من الأسباب والعوامل إلى تنامي عدد الفقراء، واتساع حجم البطالة وعمالة الأطفال المساكين خاصة في صعدة المنكوبة. شروط وقوانين يعد عمل الأطفال في اليمن ظاهرة تفاقمت بعد زج حرب صعدة بأطفال في المعارك من قبل جماعة التمرد الحوثية في حين تتزايد الظاهرة بشكل حاد، وحسب إحصائيات حديثة فإن الأطفال العاملين يقتربون من المليون بينهم (421) ألف طفل تسربوا من مقاعد الدراسة، ويومياً يترك عشرات الأطفال مقاعدهم الدراسية ويتجهون إلى سوق العمل، خصوصا في المناطق التي يسيطر عليها الفقر والأمية. بداية يعتبر القانون اليمني أن من أسوأ أشكال عمل الأطفال التي يجب القضاء عليها هي «استخدام الأطفال لغرض الدعارة والعمل الجبري والقسري مثل الدفع بالأطفال في صراعات مسلحة أو نزاعات قبلية أو تشغيل الأطفال في أنشطة غير مشروعة ولاسيما ترويج وبيع المخدرات أو الأعمال التي تضر بصحة الأطفال أو سلامتهم أو بيعهم والاتجار بهم وإجبارهم على العمل». وتشترط اللائحة القانونية «ألا تزيد ساعات العمل اليومي للطفل عن 6 ساعات بحيث يتخللها فترة راحة أو أكثر، وأن لا يعمل الطفل 4 ساعات متتالية، كما تحظر تشغيل الأطفال ما بين السابعة ليلا وحتى السابعة صباحا». وحددت لائحة القانون عقوبات لمخالفة شروط العمل «الحبس لصاحب العمل من 5- 10 سنوات حسب نوع المخالفة». وحدد القانون اليمني سن العمل من 18 سنة وما فوق، كما وضع عدداً من الشروط للالتحاق بالوظيفة أو العمل. المتهم الأول تؤكد منى علي سالم- مديرة وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية «أن الفقر هو المتهم الأول وسبب رئيسي لاتساع الظاهرة ثم أسباب أخرى تتفاوت من محافظة إلى أخرى فمحافظة حجة أكثر المحافظات استغلالاً للأطفال وتنتشر فيها الظاهرة وبها أكثر من 50 ألف طفل عامل، ثم محافظة إب وبها 45 ألف طفل عامل، وتليها محافظات، ذمار وعمران وصنعاء. وتقول سالم: «تعبر حجة كمنطقة حدودية ينتقل كثير من أطفالها إلى المناطق الحدودية أكثر أماكن العمل في البيع والشراء أو البحث عن عمل خارج الحدود، بينما إب التي تعرف بأنها محافظة زراعية يعمل أغلب أطفالها في الزراعة، وغير ذلك فإن الأمية وضعف خدمات البنية التحتية، وانعدام الوعي بالنسبة لخطورة عمل الأطفال عوامل ساعدت في ارتفاع معدلات عمل الأطفال». أعمال خطرة يقول عبد الرحمن عبد الله - أحد خبراء علم النفس الاجتماعي: «إن انعدام الوعي بخطورة عمل الأطفال أدى إلى اتساع الظاهرة، ولذلك فإن معظم عمالة الأطفال تتجه إلى أعمال شاقة وخطرة أبرزها العمل في الزراعة مع المبيدات، وحسب دراسة ميدانية حديثة فإن «أكثر من 83% من الأطفال العاملين في مجال الزراعة يتعرضون لكثير من الأمراض الخطرة، إذ تبين أن معظمهم مصابون بالتهابات جلدية وإحمرار في العيون وأمراض معوية. فيما 90% من الأطفال يتعاطون القات الملوث بالمبيدات». ويمارس أطفال اليمن أعمالاً خطرة أخرى منها: العمل في مجال الاصطياد السمكي، وكمرافقين وفي ورش النجارة حيث يتعرضون للمواد المتطايرة المسببة للإدمان، والعمل في الفنادق حيث يتعرضون لتحرشات جنسية واغتصابات، والعمل في المطاعم الذي يعرضهم للحريق، والعمل في صناعة الإسمنت والجبس ومناشير الحجارة والألمنيوم والزجاج، وأعمال ورش إصلاح السيارات، ومصانع المشروبات الغازية، وصنع الإسفلت، والعمل في الحمامات العامة». على الرغم من أن عمالة الأطفال غدت ظاهرة سلبية تتزايد باستمرار، فإن برامج الحكومات اليمنية المتعاقبة لم تتطرق إليها، أو تقدم حلولا تسهم في تخفيفها(!) غير ذلك فإن شبكة الأمان الاجتماعي أغفلت الاهتمام بالطفل. من هنا ينتقد الدكتور خالد الشيخ التجاهل الحكومي للأطفال ويقول: «شبكة الأمان الاجتماعي لم تشمل الأطفال العاملين بظلالها رغم كونها شريحة أكثر أحقية من غيرها من الفقراء لأكثر من سبب كونهم أطفالا، كونهم ضحايا للفقر، كونهم جيل المستقبل، كونهم فقراء قصرا لا حول ولا قوة لهم، ولا حيلة، وكونهم أكثر عرضة لمخاطر العمل». ويخص أبناء صعدة الذين يعانون ويلات المعارك اليومية، ويقول: «كونهم أبناء فقراء وفقرهم يمنعهم من التعليم والتمتع بالطفولة، ومحاطون بالنار والرصاص والمعارك فهم عرضة للخطر والأمية والجهل والنمو غير السوي والانحرافات، وسيكبرون وهم يحملون موقفاً سلبياً من المجتمع الذي خذلهم في الصغر». الحد من الظاهرة من جهته يقول صفوان سنان- باحث اجتماعي: «تبدو جهود مكافحة عمالة الأطفال في شكلها الحالي عبثية وغير مجدية، لأن أعداد الأطفال العاملين في ارتفاع، والظاهرة تتصاعد يوميا، لأسباب عديدة أهمها الحرب الدائرة في صعدة، وجهود الحكومة موسمية وغير كافية وإمكانياتها بسيطة، فيما تشكو عدم تعاون بقية الجهات وتفهمها لطبيعة عملها، ويبدو أن الوعي المجتمعي بخطورة الظاهرة ينعدم تماماً، وتلعب الثقافة التقليدية دوراً في ذلك». ويضيف صنان: «إن تأسيس جمعيات ومؤسسات ومراكز لم تستطع بعد الحد من هذه الظاهرة وتوعية المجتمع بمخاطرها كمشروع «أكسس بلس» لمكافحة عمالة الأطفال التابع لجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية- الذي تضمن هدفه الأساسي الحد من أسوأ أشكال عمل الأطفال في الأماكن الخطرة التي تضر الطفل من الناحية الصحية بشقيها البدني والنفسي وفي الواقع لم تظهر نتائج مشجعة». تحذيرات أطلق مؤخرا خبراء وناشطون تحذيرا عن «احتمال ارتفاع نسبة عمالة الأطفال في اليمن نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وحرب صعدة شمال البلاد، موضحين أن مستقبل هؤلاء الأطفال في خطر لأنهم يضطرون لمغادرة مدارسهم في سن مبكرة». بدوره يقول جمال الشامي- رئيس المدرسة الديمقراطية: «أصبح الوضع في البلاد مزريا، فنسبة عمالة الأطفال في ارتفاع بسبب تدهور الوضع الاقتصادي للكثير من الأسر، والجهود المبذولة في مكافحة أسوأ عمالة الأطفال سواء الرسمية أو المدنية تواجه مشكلة كبيرة في جانب انعدام التوعية لدى الأسر بمخاطر عمل الأطفال، كما أن القانون الذي يحظر عمل الأطفال في أعمال شاقة وخطرة لا يطبق بسبب جهل الكثيرين به بما فيهم الأشخاص والجهات المنوط بها تنفيذه». خطة المواجهة كانت خطة العمل الخاصة بالأنشطة والمشروعات المتعلقة بمكافحة عمالة الأطفال في اليمن 2008-2012 حددت نحو 9 ملايين دولار لمشروع مكافحة وتقليص عمالة الأطفال. تتضمن الخطة ثلاثة مكونات رئيسية يركز أول المكونات على البناء المؤسسي بتعزيز الوظائف لإدارة مكافحة عمل الأطفال من خلال عقد الدورات التدريبية في هذا الخصوص تستهدف الجهات ذات العلاقة من الوزارة ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب إجراء الدراسات والمسوحات والبحوث والتركيز على البنية التحتية المركزية والإقليمية وغيرها من الأنشطة بكلفة تقديرية حوالي 4 ملايين دولار. ويهتم المكون الثاني من الخطة بعملية الترويج والتوعية من خلال تكثيف التغطية الإعلامية لبرامج وأنشطة ومشاريع مكافحة عمالة الأطفال والتثقيف والتوعية بالمخاطر الناجمة عن عمل الأطفال، وخصص لهذا المكون نحو 700 ألف دولار. ويركز المكون الثالث على دعم وتعزيز التنمية المجتمعية من خلال توفير قروض ميسرة لأسر الأطفال العاملين وتحسين البيئة المدرسية والمنشآت المدرسية في المناطق التي ترتفع فيها نسبة عمالة الأطفال بمبلغ 4 ملايين دولار.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©