السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

شعبان.. شهر الفضائل والخيرات

26 ابريل 2018 21:08
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- أخرج الإمام النسائي في سننه عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ : «قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟! قَالَ : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ؛ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ؛ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، (أخرجه النسائي). هذا الحديث أخرجه الإمام النسائي في سننه، في كتاب الصيام، باب صوم النبي «صلى الله عليه وسلم»- بأبي هو وأمي- وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك.من المعلوم أن لشهر شعبان منزلة عظيمة، حيث يُكْثر المسلمون فيه من الصيام، ويبتعدون عن الشهوات والملذات، فهم يتشبهون بالملأ الأعلى في طهارتهم وتفرغهم لعبادة الله عز وجل؛ لذلك خصَّه رسولنا - صلى الله عليه وسلم- بكثرة الصيام فيه، ولن نفوز بفضل هذا الشهر الكريم إلا إذا عملنا بما كان يعمله - صلى الله عليه وسلم- ليشكره على جليل نعمه.وشهر شعبان يقع بين شهرين عظيمين، هما: رجب ورمضان، فقد ودعنا قبل أيام شهر رجب الذي شهد حادثة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كما نعيش الآن أياماً مباركة في ظلال شهر شعبان الذي شهد تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، كما أن شهر شعبان هو الشهر الذي يستعدّ فيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لاستقبال شهر رمضان، شهر الخير والبركة بكثرة الصيام والطاعات والقربات. نفحة بعد نفحة إن لربنا في دهرنا نفحات، تُذكرنا كلما نسينا، وَتُنبهنا كلما غفلنا، فهي مواسم للخيرات والطاعات، يتزود منها المسلمون بما يُعينهم على طاعة الله سبحانه وتعالى: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)، «سورة البقرة: الآية 197».وإن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة، فإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة، تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه، وإذا أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات مفتوحة طيلة العام، وإذا أدينا فريضة الحج، فإن أداء العمرة مُيَسّرٌ طيلة العام، وإذا أدينا فريضة الصيام، فإن صيام النوافل موجود طيلة العام، وهكذا الخير لا ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة.وفي شهر شعبان ليلة مباركة، هي ليلة النصف من شعبان، وقد ورد في فضلها الكثير من الآثار، ففي هذه الليلة يُستجاب الدعاء، وَتَعُمّ المغفرة، وتهبط الملائكة على أهل الأرض بالرحمة، ولله فيها عتقاء كثيرون من النار، كما جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ اللهَ لَيطَّلِعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ، فيَغفِرُ لجميع خلْقِهِ، إلا لِمُشْركٍ أو مُشاحِنٍ»، (أخرجه ابن ماجه).لذلك يجب علينا أن نواظب على الطاعات في كل وقت، وأن نحرص على التزود بالتقوى، فنحن مخلوقون لعبادته وطاعته سبحانه وتعالي، امتثالاً لقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، «سورة الذاريات الآيات 56 - 58». شعبان.. شهر الذكريات الخالدة لقد أظلنا شهر شعبان، وأَهَلَّ ببركاته ونفحاته، تمهيدًا وتوطئة لشهر رمضان المبارك، ومن المعلوم أن شهر شعبان شهر مبارك لما فيه من الفضائل، فشهر شعبان حافل بالذكريات الإسلامية العظيمة، فهو الشهر الذي انتصر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، وفيه تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة بنت عمر بن الخطاب ،رضي الله عنهما، وفرض الله فيه صيام شهر رمضان المبارك في السنة الثانية من الهجرة، ولكنّ أبرز حدثٍ في هذا الشهر المبارك هو تحويل القبلة من المسجد الأقصى ببيت المقدس إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة.فقد ذكر علماء الحديث والسيرة أن تحويل القبلة كان في شهر شعبان وجزم بها الإمام النووي في شرحه لصحيح الإمام مسلم، حيث أكَّد أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام كان في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة وفي اليوم الخامس عشر منه، وذلك بعد أن صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس والمسلمون معه ستة عشر شهراً، وقد تمّ هذا التحويل تحقيقاً لرغبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تحدث عنها القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى: (قَدْ نَرَى? تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، «سورة البقرة: الآية 144». اللهم بلِّغنا رمضان أخرج الإمام البيهقي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه- قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ : «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ»، (أخرجه البيهقي)، لذلك كان نبينا - صلى الله عليه وسلم- يدعو بهذا الدعاء؛ لمعرفته اليقينية بما في شهر رمضان المبارك من نفحات الخير، لذلك يتوجب على المسلمين الاستعداد لشهر رمضان المبارك الذي جعله الله سيد الشهور، وأفاض فيه الخير والنور، فهو من أوفرها خيراً، وأكثرها بركة، وأعمِّها نفعاً ورحمة للعالمين، فهو شهر كريم وموسم عظيم، فما أحوجنا لاستقباله بقلب سليم وعهد جديد.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. بقلم الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©