الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسليع المعرفة

4 ابريل 2011 20:10
لهم من شجاعة الفكر وقوة الكلمة وغزارتها ما يصدرون به كتاباً أو كتابين أو حتى ثلاثة أو أكثر في السنة، ولهم قراءة جيدة لفكر القارئ وما يحتاجه من مواضيع وقراءات مختلفة ومتنوعة، فباتوا يتقنون كل الفنون الكتابية، فتصدر مطبوعاتهم مرة رواية ومرة ديوان شعر أو كتب عاطفية، ومرات جمع ما يسمى دورات في تطوير الذات، وكتابات شخصية، وأحياناً خواطر لا ترقى لمستوى الكتابة الجمالية التي يحتاجها القارئ، كتب كثيرة يتم توقيعها والإعلان عنها، وعندما نطلع عليها حينما تقع بين أيدينا نجدها إما مجموعة من الدورات التدريبية التي يقدمها أحد” المختصين” في مجال ما، سواء في التنمية الذاتية، أو في التخطيط الاستراتيجي، أو في العلاقات الزوجية نتيجة استشارات وآراء أناس يلجأون إليه لحل مشاكلهم والمساهمة في تبريد نار قد تقضي على الأخضر واليابس، وكثيرة هي المواقع التي تكون أرضية لجمع شذرات كتابات، تعالج مواضيع سطحية أحيانا، وليس بها أي عمق معرفي ولا تطرح أفكاراً علمية ومنطقية، ولا تقدم أية بدائل وإضافات للقارئ، آراء شخصية تجمع في كتب وتكتب بدون مخاض، كتابات حصيلة أوراق عمل مرات، وحصيلة رؤية شخصية لبعض الأمور. حينما نمر على بعض المكتبات ننوي اختيار بعض الكتب لتغذية معارفنا، ننبهر بأغلفتها وكيف أختيرت ألوانها بعناية كبيرة، منها مرات لوحات لفنانين معروفين ورسمات تعبر عن محتوى “ الموضوع”، وعند تقليب دفة الكتاب تقرأ تقديماً لهذا المحتوى، من طرف شخص معروف ليعطي الثقل الأدبي والمعرفي لمخطوطه، هذه المواصفات تجعلك تقتني الكتاب وتلهف قراءة معلوماته، وتصدم غالباً بما يحتويه من معلومات سطحية تستخف بعقل المتلقي، وهذا لا يحصل في المكتبات فحسب، وإنما كل يوم نستقبل بعض الناس يطلقون على أنفسهم كتاباً، يتأبطون مطبوعاتهم والسعادة بادية على وجوههم، لأنهم اندرجوا ضمن قائمة “ الكتاب”، سألنا العديد منهم، عن سبب الكتابة والدافع لها، فيجيبون أنها ليست حالة فكرية ومعرفية أراد بها نفع الناس، وإنما هي بدافع خلق وزن وثقل في المجتمع، وفيهم من يقول أن أحداً نصحه بجمع خواطرة وكتاباته التي كان محظوظا في نشرها في بعض المطبوعات التي أرادت ملأ بياضها، لتتكرر نفس التجربة على شكل كتيب. هنا السؤال له مشروعيته: لماذا الاستخفاف بالقارئ إلى هذه الدرجة؟ أين مسؤولية دور النشر، لماذا تغامر باسمها وتستقبل مثل هذه الأعمال؟ وما القيمة المضافة التي تقدمها للمتلقي؟ فتسليع المعرفة بات أمراً خطيراً على المجتمع، كما أن غياب الفكر النقدي في مجتمع ما وإحساس الكاتب بذلك يجعله يتحلى بالشجاعة والجرأة لتبنى كتباً ورويات ويصدرها دون خشية من تفكيك عمله أفكاراً وكتابة فنية وإبداعية ورسالة معرفية وتحليلها وتقييمها ثم تقديمها للقارئ، فالفراغ النقدي يجعل الكثيرين يملأون البياض بأفكار غير ذات قيمة. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©