الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسرى بين إسرائيل ولبنان··· تحت المجهر

الأسرى بين إسرائيل ولبنان··· تحت المجهر
29 يوليو 2008 22:24
إنه أحد تلك الأيام التي ينظر فيها العديد من الناس إلى الشرق الأوسط وهم على الأرجح يحكّون رؤوسهم؛ فقد أطلق الإسرائيليون سراح ''سمير القنطار'' -أسير لبناني- إضافة إلى أربعة آخرين من ''حزب الله''، الذي تعتبره إسرائيل منظمة إرهابية؛ وقد تم هذا كله مقابل جثتين؛ ما الذي يحصل؟ أرى أن هناك أموراً ثلاثة تستحق النظر إليها؛ أولاً، أن هذه العملية تأتي بنوع من الإغلاق لحرب لبنان التي تم خوضها لفترة 33 يوماً قبل سنتين بالضبط؛ حسب حزب الله، تمت عملية الإغارة عبر الحدود الإسرائيلية في 12 يوليو 2006 وأخذ الجنديين ''إيهود جولدواسر'' و''إلداد ريغيف'' أسيرين، بهدف تحقيق موقــــف أفضــــل لإطــــلاق ســراح ''القنطار''· كانت إسرائيل على وشك إطلاق سراح ''القنطار'' كجزء من عملية سابقة لتبادل الأســـــرى، إلا أن حـــزب اللـــــــه -حسب الإسرائيليين- تراجع عن التزامه بتوفير معلومات جديدة حول مصير الطيار المفقود ''رون آراد'' الذي أسقطت طائرته فوق لبنان عام 1986؛ وقد أدى ذلك ببعض المسؤولين الأمنيين في إسرائيل لأن يناقشوا أن ''القنطار'' يشكّل ألماً في الرأس أكثر مما يشكل مكسباً، وأن إطلاق سراحه سوف يحد من حوافز ''حزب الله'' على إجراء عملية مماثلة للحصول على رهائن في المستقبل، أي أن إبقــــاءه سجيناً يشكّل إزعاجــــاً أكثر ممــا يستحق· لقد أسيء التعامل مع حرب عام 2006 من قِبَل كافة الأطراف؛ فقد صرح ''حسن نصر الله'' علناً أنه لو توقع قسوة الرد الإسرائيلي لما قام ''حزب الله'' بتلك الغارة عبر الحدود؛ بقي تحالف إسرائيل الحاكم مهتزّاً منذ تلك الحرب التي أضرّت بسمعتها، حيث إنها فشلت في تحقيق الأهداف الموضوعة للحرب، الأمر الذي أدى إلى تشكيــــل لجنـــة تحقيــق واستقالة وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش يومها· لم تدرك إسرائيل سوى الأسبوع الماضي ما أعلنت أنها تنوي تحقيقه من شن الحرب: عودة الجنديين· ثانياً، توفر الصفقة نافذة إلى جانب لا يراه المجتمع الإسرائيلي دائماً والذي يتوجب فهمه حتى يتسنى تبرير أحداث الأسبوع الماضي؛ لا تتعلّق عملية تبادل الأسرى الأسبوع الماضي بالأزمة التي أحاطت بـ''إيهود أولمرت'' والتحقيقات المتعلقة بذلك؛ قد يفاجَأ الكثيرون بأن الصفقة لم تواجَه إلا بانتقاد محدود من جانب المعارضة اليمينية· وهذا، أكثر من أي شيء آخر، يتعلّق بإسرائيل التي ما زالت مجتمعاً صغيراً تؤثر قصص أسرة أو أسرتين فيه على كل مواطن؛ إسرائيل دولة ليس فيها سوى سبعة ملايين نسمة، ولديها جيش مجنّد إلزامياً يفتخر بكونه جيش الشعب، ويسود شعور قوي بأن الدولة ملزمة بإعادة أي مواطن أرسلته إلى ساحة المعركة بأية صورة كانت· حتى نكون واضحين، فإن الإسرائيليين يجدون الصفقة مغيثة وضرورية في الوقت نفسه، وأمراً كان لا بد من القيام به لعائلات ''جولدواسر'' و''ريغيف''؛ وقد يرى الكثيرون ذلك على أنه شعور عاطفي وضعف زائدان من قبل المجتمع الإسرائيلي؛ إلا أن وجهة النظر المعاكسة تحمل الكثير من الوزن، بل قد يكون وزناً أكبر، بأن هذا النوع من التضامن الاجتماعي والمجتمعي، حيث يشكل الاستعداد لعقد صفقة كهذه تعبيراً عنه، هو في الواقع جوهر قوة المجتمع الإسرائيلي، خاصة أنه يستمر في مطالبة مواطنيه بالخدمة والتضحية، وينطبق الأمر حتى على هؤلاء منا الذين يعتبرون أن جزءاً كبيراً من هذه التضحية هو نتيجة جانبية غير ضرورية للاحتلال· ثالثاً وأخيراً، تعطينا الصفقة كذلك نافذة إلى داخل لبنان؛ إذ تشكل الاحتفالات والمهرجانات المحيطة بإطلاق إنسان ارتكب مثل تلك الجريمة البشعة، وبدون مواقف أخلاقية أو سياسية مسبقة، منظراً غير سار بعيداً عن حدود إسرائيل؛ لقد شعر بعض اللبنانيين دونما شك بأنهم مجبرون على الاحتفال الأسبوع الماضي، بينما للبعض الآخر كانت تلك مجرد فرصة للتعبير عن غضبهم وإحباطاتهم من الاختراقات الإسرائيلية السابقة داخل لبنان والاحتلال الذي دام 18 سنة للجنوب والدمار والفوضى اللذين تسببت بهما حملة عام 2006؛ ولكن أياً كان السبب فهذا لا يبرر أياً من جرائم القنطار أو الاحتفال به كبطل· أين يتركنا هذا كله؟ بالنسبة لأسر معينة هناك شعائر حزن، واحتفالات ومهرجانات بالنسبة لأخرى؛ ما وراء ذلك، ساعدت تطورات ثلاثة في الأسابيع الماضية على تحريك هذه الزاوية من الشرق الأوسط باتجاه توازن أكثر استقراراً رغم كونه هشاً؛ فقد قام اللبنانيون بمساعدة قطرية بإجراء ترتيبات للتشارك في السلطة السياسية الداخلية، وقد قامت حكومة الوحدة الوطنية لتوها بحلف اليمين الدستوري، كما قامت إسرائيل وسوريا بعقــــد محادثـــات تقارب للسلام بوساطة تركية، وفي باريس اتفقت لبنان وسوريا الأسبوع الماضي على تبادل السفراء· ما زال هناك طريق طويل لتحقيق الهدوء والسكينة على الحدود الثلاثية بين سوريا وإسرائيل ولبنان؛ ولكن هذه الخطوات، وحتى عملية تبادل الأسرى الكئيبة قد تساعــــد على تحريك الأمـــور في الاتجـــاه الصحيح· كان دانيال ليفي مستشار في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جرواند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©