الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لوحات ومجسمات تقف على الحافة بين الكلاسيك والتجريد

لوحات ومجسمات تقف على الحافة بين الكلاسيك والتجريد
11 ابريل 2014 23:48
محمد وردي (دبي) قام سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مساء أمس الأول، بزيارة المعرض الشخصي الخامس للفنان التشكيلي مطر بن لاحج بمرسمه الخاص بدبي. وجال سموه على أجنحة المعرض، مستمعاً إلى شروحات الفنان ابن لاحج، ترافقه الدكتورة نجاة مكي، وخليل عبدالوحيد حسن مدير الفنون الأدائية في «هيئة دبي للثقافة والفنون»، وجمهرة من الفنانين الشباب ومتذوقي الفنون. وتوقف سموه مطولاً أمام مجسم «أقمار الغفران»، مبدياً إعجابه بهذا العمل الفني الضخم، الذي يتألف من تسع قطع، على شكل حلقات من معدن «الستينلس» الصافي، يزيد قطر الواحدة عن متر ونصف، تتعالق مع بعضها بعضاً بحروفيات عربية، مشغولة بطريقة متموجة ومتدرجة، تستجيب لانعكاسات الضوء والظلال بمشهديات ثلاثية الأبعاد، ما يجعلها تتجاوز أحادية المعنى، إلى ما هو أبعد من الفكرة، التي تتمظهر في كل مرة على سطح الصورة التي يستقبلها المتلقي. وهي في الوقت عينه تجمع ما بين الدلالات التشخيصية لسورة «الإخلاص» ورمزية التوحيد، المتكئة على بعد فلسفي وجودي، يختزل دورة أو دورات الحياة، بأبعاد مفهومية وجمالية وفنية أخاذة، يصر الفنان مطر بن لاحج على تقديمها في كل مجسم أو لوحة بشكل جديد، على الرغم من إصراره على حضور بعض «الثيمات» الفنية، الناظمة لمجمل أعماله، مثل الحضور الدائم لفكرة الحركة، لكونها دلالة على نفي صفة الثبات أو السكون أو الجمود عن الحياة، مقابل التأكيد على تجددها أو تبدلها المستمر من دون انقطاع. وقال سمو الشيخ عبدالله في حديث خاص لـ«الاتحاد»، تعليقاً على سؤال بشأن انطباعاته التي خرج بها من زيارة المعرض: «بداية سعدت بدعوة الفنان مطر بن لاحج، وشَرُفت بأن أتيح لنا الوقت والفرصة لزيارة هذا المعرض، لما يحتويه من أعمال فنية لافتة بجمالها الفني، وحرفيتها الأسلوبية، ومضامينها المتعددة الدلالات على المستويات المعرفية أو الثقافية بشكل عام. وهي أعمال تدل فيما تدل عليه، على أن هناك مجموعة من الفنانين في الإمارات، أخذت تتبلور رؤاها وأفكارها، لتحجز لها مكانة مميزة وبارزة في ساحة الفنون البصرية المحلية والعربية والعالمية». وأضاف سموه بأنه سُعِدَ وشرف أيضاً بأن يكون وسط جمهرة من الشباب الفنانين أو المتذوقين في هذا المعرض، الذي يعكس حقيقة أن هناك شغفاً حقيقياً وإقبالاً على الفنون، يتجاوز ممارسة الهوايات أو التسالي، إلى التنوع والغنى الإبداعي، الذي تتميز به أعمال الأجيال الشابة، وهم بالتأكيد سيحققون ما نصبو إليه جميعاً، وهو رفعة الإمارات والارتقاء بشعبها والمنطقة عموماً إلى مصاف الأمم الحضارية الراقية. يعرض ابن لاحج ستة مجسمات، كلها من معدن «الستينلس» الصافي، بأحجام وقياسات مختلفة، بعضها يصل ارتفاعه إلى نحو ثلاثة أمتار، مثل مجسم «طرب وثقافة»، و«انبعاث لغة»، الذي يقدم به الفنان، الحروف العربية، وكأنها تنبعث من فوهة بركان، تتطاير باتجاه الأعلى، وسط مدار تتكرر حلقاته، ليحافظ على اندفاعتها، وتساميها، كتعبير ناجز وبأكمل صورة عن الفكرة التي يتحدث عنها المجسم، وتدور على قدرة اللغة العربية على التجدد والحضور والاستجابة لكل المعطيات العلمية والتقنية، وأنها حية ولن تموت مهما طالها من إهمال أو تقصير. كذلك يضم المعرض نحو عشرين لوحة زيتية ومائية مرسومة على «الكامبس» بأحجام كبيرة، وصل بعضها إلى مترين بمترين. وهي حصيلة إبداعه منذ عام 2009، وتدور جميعها حول ثيمات «الحركة» و«السرعة» و«سمو» و«الجسد» و«الخيول». القراءة الأولى للمعرض تفيد بأن الفنان ابن لاحج يصر على التجريب، في محاولة دؤوبة لبلورة أسلوبه الخاص، في الوقوف باللوحة التشكيلة على الحافة، ما بين الأسلوب الكلاسيكي، والاتجاه التجريدي المعاصر، حيث يلجأ إلى استخدام الخيوط أو الخطوط للتظليل على الأصل في الصورة، ولكنها لا تخفيها على الرغم من كثافتها في بعض اللوحات، كما هو الأمر في «أمجاد 6»، و«سمو»، و«صورة وجسد»، حيث تبدو الخطوط، ومعها اللوحة، وكأنها مشدودة على وتر الجموح والانطلاق بسرعات متزايد بقوتها، واندفاعاتها إلى ما لانهاية. وهو أمر يحتاج إلى جهد كبير ومهارة عالية في التنسيق والامتداد والتشابك أو التقاطع أو الالتفاف، حتى تقوم الخطوط بوظيفتها الدلالية لجهة إبراز الخلفية الكلاسيكية (حتى في البورتريه)، بالتناغم مع تعددية المعنى الذي يذهب إليه في ما بعد التجريد، المفتوح على كل الاحتمالات سواء في المعنى أو المضمون. يسعى الفنان ابن لاحج في جميع أعماله على صناعة الأمل والحلم بأن المستقبل أفضل، من خلال التركيز على سيرورة الحركة، وجوهر التدفق إلى الأعالي، كما في لوحة «سمو»، حيث يطير النسر عمودياً إلى الأعلى، وهو أمر غير معهود في الواقع، لذلك يظلل رأس النسر بالأبيض والخيوط المتشابكة ويبقي على وضوح الجناحين. وهي بكل الأحوال دعوة إلى التشبث بالحياة، والثقة بالنفس والمستقبل، برغم ما يتنازع أعماله من قلق وتوتر، يتمظهر بجلاء في بعض اللوحات، من خلال الألوان الغامقة والظلال الداكنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©