الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ريو دي جانيرو...مدينة التناقضات وتحديات «الأولمبياد»

ريو دي جانيرو...مدينة التناقضات وتحديات «الأولمبياد»
4 أكتوبر 2009 01:33
تعلم البرازيليون من تاريخهم الطويل المثقل بالاضطرابات وخيبات الأمل ألا يتوقعوا الكثير، فالبرازيل تبقى في نظر مواطنيها «بلد المستقبل وستظل كذلك على مدى الدهر»، هذه المقولة يبدو أنها تجسدت يوم الجمعة الماضي عندما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية فوز مدينة ريو دي جانيرو بتنظيم الألعاب الأولمبية للعام 2016 لتنال بذلك أميركا الجنوبية شرف تنظيم الألعاب لأول مرة في التاريخ. وقد أطلق اختيار المدينة البرازيلية لتنظيم التظاهرة الرياضية وتفوقها على منافساتها شيكاجو وطوكيو ومدريد موجة عارمة من الاحتفالات التي عمت شواطئ ريو دي جانيرو وشوارعها، بل امتدت إلى الأحياء الفقيرة في المدينة المعروفة بنسبتها العالية من الجريمة. ومع أن مناصري شيكاجو على وجه الخصوص استقبلوا إخفاق مدينتهم بصمت مطبق، قوبل فوز ريو دي جانيرو في البرازيل بمشاعر الفرحة والأمل في مستقبل بلدهم الذي ربما يكون قد خطا أولى خطواته لإبراز إمكاناته واللحاق بالعالم المتقدم، وقد عبر عن هذه الثقة في مستقبل أفضل دشنته الألعاب الأولمبية الرئيس البرازيلي، لويس لولا دا سيلفا، مصرحاً «أقول لكم بكل صراحة، لقد جاء وقتنا»، وعلى غرار الرئيس الأميركي أوباما وباقي قادة الدول الذين حثوا اللجنة الأولمبية الدولية على التصويت لصالح مدنهم توجه داسيلفا بنداء خاص إلى اللجنة في كوبنهاجن لاختيار ريو دي جانيرو لاستضافة الحدث الرياضي المهم، ومباشرة بعد فرز نتيجة التصويت صرح الرئيس البرازيلي بعينين دامعتين إلى الصحفيين قائلا «أعترف لكهم أني لو مت الآن لما ذهبت حياتي سدى بعد هذا الحدث». وفي ريو دي جانيرو وتحديداً في شاطئها المشهور، كوباكبانا، احتشد ما لا يقل على مليون شخص في انتظار نتيجة التصويت من كوبنهاجن، وأعد الكثير من الحاضرين أنفسهم لسماع أخبار سيئة في تكرار آخر للنتيجة المحتومة التي تلاقيها دول العالم الثالث أثناء التنافس مع الدول الكبرى والأكثر تقدماً. وطيلة الفترة التي سبقت الإعلان عن النتائج سادت حالة من الترقب وعدم اليقين لدى البرازيليين، وهو ما أشار إليه المدرس «لوسيو كوريرا»، الذي كان ضمن الحشود التي نزلت إلى الشارع قائلا إنه تملكه بعض القلق عندما سمع بأن أوباما ذهب شخصياً إلى كوبنهاجن للدفاع عن شيكاجو، لكن مباشرة بعد إعلان فوز ريو دي جانيرو بشرف تنظيم الألعاب الأولمبية للعام 2016 تعهدت البرازيل بتخصيص 14 مليار دولار للتظاهرة، وهو ما يفوق بمرتين المرشح التالي في السباق، بحيث سيوجه المبلغ الضخم للتغلب على التحديات اللوجستية والاجتماعية الكبيرة، وخلافاً لشيكاجو التي قالت اللجنة الأولمبية الدولية إن نسبة السكان التي ساندت تنظيم مدينتهم للألعاب وصلت إلى 55 في المئة بلغت تلك النسبة بين سكان ريو دي جانيرو 85 في المئة ما أعطى أفضلية للمدينة البرازيلية على المدن الأخرى. وينظر البرازيليون إلى الألعاب الأولمبية باعتبارها حدثاً من شأنه تعزيز مكانة بلدهم على الساحة الدولية، لا سيما بعد القوة الاقتصادية التي باتت تتمتع بها البرازيل، كما يتطلعون إلى تحويل مدينتهم ريو دي جانيرو إلى مكان لاجتذاب السياح وعقد المؤتمرات مثلما كان عليه الحال بالنسبة لبرشلونة الإسبانية بعد استضافتها للألعاب الأولمبية في العام 1992، وخلافاً لمعظم بلدان العالم التي مازالت تجاهد لإخراج نفسها من حالة الركود الاقتصادي يتوقع أن يتراوح نمو الاقتصاد البرازيلي بين 4 إلى 6 في المئة خلال العام الجاري، هذا النمو الذي سيساعد مجمل أميركا اللاتينية على تحمل آثار الأزمة الاقتصادية، ويرجع السبب في ذلك إلى استفادة الاقتصاد البرازيلي من الطلب القوي على الموارد الطبيعية مثل الحديد والخشب والمحاصيل الزراعية مثل قصب السكر وحبوب الصويا، كما أن اكتشاف مخزون مهم من النفط قبالة السواحل البرازيلية سيحول البلاد إلى مُصدر أساسي للطاقة بحول العام 2012. ويمثل أيضاً اختيار ريو دي جانيرو لاستضافة الألعاب الأولمبية اعترافاً بالنفوذ الذي يتمتع به الرئيس الفنزويلي في الداخل والمكانة التي يحظى بها في الخارج، فرغم اقتراب انتهاء ولايته الثانية مازال النقابي السابق الذي سجن على أيدي الحكام العسكريين في السابق يتمتع بشعبية كبيرة بين المواطنين تصل إلى 80 في المئة. ومدينة ريو دي جانيرو التي تحيط بها الجبال ويعانقها المحيط الأطلسي، هي مكان خلاب يعكس الروح الاحتفالية للشعب البرازيلي، لكنها أيضا مدينة التناقضات إذ في مقابل الفنادق الفخمة المطلة على الشريط الساحلي تنتشر أيضًا المناطق العشوائية والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها الجريمة وتجارة المخدرات. ولم تقتصر مشاعر الفخر على البرازيليين فحسب بل امتدت إلى عموم أميركا اللاتينية التي لم تحظَ بشرف تنظيم الألعاب الأولمبية منذ 41 سنة عندما استضافتها المكسيك، بل إن بعض الدول في أميركا اللاتينية صورت التنافس لاحتضان الألعاب الأولمبية على أنها معركة بين الشمال والجنوب، حيث قابلت صحيفة مكسيكية صورتي الرئيسين الأميركي والبرازيلي ووضعت عنواناً جاء فيه «أوباما ضد لولا، لكن الفائز واحد فقط». ورغم التحديات الجسيمة التي تواجه ريو دي جانيرو يطمح المنظمون في أن تقتسم التحضيرات الجارية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم التي ستحتضنها البرازيل في العام 2014 مع الألعاب الأولمبية بعد سنتين على ذلك بهدف التقليل من التكلفة، كما تعهد المنظمون بتلبية مطالب اللجنة الأولمبية الدولية مثل تجهيز 17 ألف غرفة فندقية جديدة وتشييد 32 بناء ضمن القرية الرياضية التي ستحتضن الألعاب الأولمبية. كريس كرول ومارسيلو سواريس-البرازيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©