البشت.. أصل عريق وأهم وأجمل قطعة في الثياب العربية الرجالية

تعتبر العباءة الرجالية «البشت» التي يرتديها الرجل فوق ثوبه أهم وأجمل قطعة في الثياب العربية الرجالية، لما لها من رونق وهيئة أنيقة ولافتة. يستخدم مصطلح «البشت» في الدولة وباقي دول الخليج العربي، فيما يسمى في بلاد الشام والمغرب «المشلح». وتنقسم البشوت إلى نوعين صيفي وشتوي. ويصنع هذا الأخير من الخيوط الخشنة والوبر والصوف ولا يتطلب ذات الدقة المطلوبة في صناعة البشت الصيفي الرقيق والذي يتصف بأنه ذو غزل ناعم الملمس يحتاج خيوطاً حريرية وأدوات دقيقة ويتطلب وقتاً طويلاً لحياكته لذا يكون عادة مرتفع ‏الثمن ومطرز بخيوط القصب والزري. في كتابه «معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة» يشير د. فالح حنظل- باحث في التاريخ: «إن زري وكذلك زاري خيوط من الحرير الأصفر اللماع، تحلى به الملابس فيقال «ثوب مزرّاي» أي مطرز بالزري. فيما سجل البشت حضوره منذ نحو 2000 عام في المنطقة، فقد عرفه العرب وارتدوه منذ الجاهلية وإن بشكل مختلف من حيث الخياطة، فيما شهد في العصر الأموي ازدهاراً وانتشاراً أكبر». وتبعاً لدلالة البشت كأحد تفاصيل التراث الشعبي في مجال الأزياء وكونه مظهر أناقة رجالية وحضور اجتماعي محلي، حرص «نادي تراث الإمارات» على إحياء مهنة خياطة وتطريز البشوت، وخصص مشغلاً لخياطته وتطريزه ومحال لبيعه داخل القرية التراثية. يقول أحمد عبدو- خياط في السوق الشعبي: «بعد عملية الغزل تأتي عملية خياطة البشت بخيوط حريرية بحسب ‏‏لون البشت (أسود، بني، طحيني) وتستغرق خياطته وقتاً طويلاً ودقة عالية ومهارة فائقة، خاصة أنه يحاك بأكمله يدوياً على عكس بعض البشوت ‏‏التي تحاك باستخدام الآلة، إذ تنقسم خياطة البشوت إلى عدة طرق أهمها»الدربوية» وهي خياطة يدوية تعتمد خطوط وزخارف من الزري الأصلي وبنقشات وتصاميم مختلفة ومنها (المقطع والمكسر والمنديلي والملكي) ويتم التطريز اليدوي بالإبرة على أطراف البشت. بينما طريقة «التركيب» فهي عبارة عن دربوية جاهزة تلصق أو تحاك على شكل شريط وتثبت على أطراف البشت. وفي كل الأحوال يحتاج البشت إلى حرص شديد ومهارة ونعومة خلال إنجاز مراحله لئلا يتعرض ‏للنسل أو الثقب». يضيف مشيراً إلى أنواع الزري الذي يطرز على أكمام وأطراف البشت: «هناك الزري بالخيوط الذهبية تستورد من الهند وأحياناً فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وهناك الزري بالخيوط الفضية التي تستورد بدورها من إيران والهند. وهناك الخياطة بالبريسم (خاصة بالبشت الشتوي) حين لا يحتوي البشت على أي نوع من أنواع الزري بل توضع عليه خيوط البريسم الحريرية بطرق متعددة وتصاميم مختلفة». تباع في السوق الشعبي بأبوظبي ومعظم الأسواق أنواع مختلفة من البشوت بأسعار متفاوتة، يقول في ذلك محمد أصفهاني- بائع أزياء رجالية محلية: «فضلاً عن الأنواع المحلية التي تصنع في أبوظبي وإمارات الدولة مثل (سوبر كشمير- وبر جبرلوكس) ثمة أنواع من البشوت الصيفية نستورد خاماتها من سويسرا واليابان وبريطانيا. وهناك بشوت شتوية وصيفية نستوردها محاكة وجاهزة نستوردها من سورية والسعودية. تتراوح أسعار البشوت في أسواقنا من 500- 10 ألف درهم. وتعتبر البشوت الصيفية الأعلى ثمناً لما تتطلبه من دقة ويقظة خلال حياكتها اليدوية، وبذا قد يتراوح سعر البشت من 15-20 ألف درهم ويُحاك ويطرز بناء على طلب مسبق».