الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
31 مايو 2017 17:57
أحمد محمد (القاهرة) بيّن الله عز وجل في كتابه الحكيم دعوات لأهل الهمم القليلة، وأصحاب الحظوظ الدنيوية يسألون حظ الدنيا فقط، (... فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ)، «سورة البقرة: الآية 200»، ثم ثنّى بأصحاب الهمم العالية الذين يسألون خيري الدنيا‏ والآخرة، (... رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، «سورة البقرة: الآية 201»، وذكر سبحانه هذه الدعوة في سياق الثناء والتبجيل في القرآن الكريم تعليماً لنا في التأسي والعمل بالتنزيل بملازمتها مع فهم معانيها ومضامينها، وما حوته من جوامع الكلم الطيب، مع ‏قلة المباني، وعظيم المعاني. قال الطبري، إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الإيمان به وبرسوله، ممن حج بيته، يسألون ربهم الحسنة في الدنيا، والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار، وقد تجمع «الحسنة» من الله عز وجل العافية في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك، والعلم والعبادة، وأما في الآخرة، فلا شك أنها الجنة، لأن من لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات، وفارق جميع معاني العافية. يقول العلماء، إن هؤلاء قدموا توسلهم بأجمل الأسماء والصفات، نداء فيه إقرار بالربوبية لله، المستلزمة لتوحيده في الألوهية، فجمعوا بين أنواع التوحيد، وهم يستحضرون كذلك ربوبيته الخاصة لخيار خلقه الذين أصلح لهم دينهم ودنياهم، فأخرجهم من الظلمات إلى النور، ‏وهذا متضمن لافتقارهم إلى ربهم، فليس لهم غيره يتولاهم، ويصلح أمورهم. يسألون من خير الدنيا كله بأوجز لفظ وعبارة، (... آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ...)، فجمعت هذه الدعوة كل خير يتمناه العبد، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية، ودارٍ رحبةٍ، وزوجةٍ حسنة، ‏ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، وثناء جميل، إلى غير ذلك، (... وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ...)، فلا شك أنها الجنة، فهي أعلى حسنة، ويدخل في حسنات الآخرة الأمن من الفزع الأكبر، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة. (... وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وهذا يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام، وترك الشبهات والحرام، وتتضمن هذه الوقاية ألا يدخل النار بمعاصيه، ثم بيّن علو درجتهم، وبُعد منزلتهم في الفضل، (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)، «سورة البقرة: الآية 202». ولما كان هذا الدعاء المبارك جامعاً لكل معاني الدعاء من أمر الدنيا والآخرة، فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي لكل داعٍ أن يكون جُلَّ دعائه ونصيبه الأكبر في أمور الآخرة، فجاء في هذا الدعاء سؤال أمرين عظيمين من أمور الآخرة، وأمر واحد من أمور الدنيا. ونقل الإمام القرطبي عن قتادة، أن حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال، وقال الحسن، حسنة الدنيا العلم والعبادة، والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نِعم الدنيا والآخرة، وهذا هو الصحيح، فإن «حسنة» نكرة في سياق الدعاء، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع الآراء، وقيل لم يرد حسنة واحدة، بل أراد أعطنا في الدنيا عطية حسنة. وقوله تعالى: (... وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، يحتمل أن يكون دعاء مؤكداً لطلب دخول الجنة، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز بالنعيم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©