الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة «الناتو».. الفائزون والخاسرون

15 يوليو 2016 21:56
كل عامين، يجتمع رؤسـاء دول وحكومـات منظمــة حلف شـمال الأطلسي (ناتو) لبحث ســــبل التعامــل مع القضايا المصيرية التي تواجه الدول الأعضاء في المنظمة، ودائماً ما تكون قمم الناتو هذه مهمة، وهي دائماً تتمخض عن فائزين وخاسرين على حد السواء، ولم تكن القمـــة التــي اختتمـــت أعمالها مؤخـراً في وارسو، في بولندا، استثناء. وكالعادة، كانت النتيجة عبارة عن مزيج، وهي النتيجة التي لن ترضي تماماً أنصار حلف الأطلسي الأكثر حزماً، ولا المعارضين له– مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بيد أنها مع ذلك تستحق الدراسة. وعلى قمة قائمة الفائزين في وارسو يأتي الأعضاء الأوروبيون الشرقيون في المنظمة، ولمدة ست سنوات على الأقل، كانوا ينتقدون الحلف باستمرار لفشله في تقديم مزيد من الحماية «على أرض الواقع» داخل حدودهم، وستقوم إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا بشكل دائم باستضافة كتيبة متعددة الجنسيات تتألف من ألف جندي من دول من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وكندا، وفي حين أن هذا ليس كافياً لمقاومة غزو روسي كامل، إلا أن القوات الإضافية ستزيد من الردع بصورة كبيرة. وبالإضافة إلى دول أوروبا الشرقية، فإن دولة الجبل الأسود البلقانية الصغيرة برزت بين الفائزين من خلال تلقي ما يطلق عليه البعض «تذكرة الأمن الذهبية»، وهي عضوية الناتو، وقد كانت هذه الدولة الصغيرة التي تضم 650 ألف نسمة قد دُعيت رسمياً للانضمام إلى المنظمة، وبالتالي يستمر عمل توحيد دول البلقان في المجتمع عبر الأطلسي، وفي حين أنها ليست كبيرة من الناحية العسكرية، فإن الدعوة تعد علامة سياسية رئيسية على أن الناتو يحتفظ بسياسة العضوية المفتوحة كما هو منصوص عليه في المعاهدة التأسيسية. وعلاوة على الأوروبيين الشرقيين، هناك كيان آخر يأتي في دائرة الفائزين، وهو دولة أفغانستان المضطربة، وعلى الرغم من الخطة التي وضعها الحلف قبل ثلاث سنوات لتقليل قواته داخل أفغانستان إلى الصفر بحلول عام 2017، فإن التحالف أعاد التزامه بقوة للحفاظ على مستوى كبير من القوات (ربما 13 ألف جندي أو أكثر) في المستقبل المنظور. وعلى القدر نفسه من الأهمية بالنسبة لحكومة أشرف غني، فإن أعضاء «الناتو» قد ألزموا أنفسهم بمواصلة التمويل لقوات الأمن الوطني الأفغانية، وهي الفاتورة التي تتراوح قيمتها بين 4 و5 مليارات دولار سنويا. وأخيراً فإن الصناعات الدفاعية للغرب، لا سيما تلك الموجودة في أوروبا، كانت من بين الفائزين. ومع موافقة كل عضو من أعضاء «الناتو» على إنفاق 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2020، فإن الشريحة الأخيرة من الإنفاق الدفاعي الأوروبي يجب أن تحتجز على أمل أن تبدأ في الزيادة، وقد أشار الحلف إلى أن بعض المجالات من المحتمل أن تحصل على زيادة في التمويل، بما في ذلك الأمن السيبراني (وهي نقطة ضعف صارخ للناتو)، والقوات الخاصة (فالتحالف بحاجة إلى مقر دائم لهذه القوات)، والمركبات غير المأهولة. وعلى الجانب الخاسر من القمة، يأتي بوتين على رأس القائمة، ونظراً لأن هدفه الأسمى ما زال يتمثل في إضعاف أو كسر تحالف «الناتو»، فإن الوحدة المستمرة التي أظهرتها دول الحلف في قمة وارسو تعد انتكاسة بالنسبة له، والأسوأ من ذلك بالنسبة لبوتين هو قرار «الناتو» بنشر قوات على الحدود الروسية، والتي سيجد الرئيس الروسي أن من الصعب تفسير وجودها لناخبيه. وأخيراً، فإن الزيادة المحتملة في إنفاق الدفاع ستعني أن روسيا ربما تشعر أنها مجبرة على زيادة نفقات الدفاع كذلك - وهي خطوة من الصعب القيام بها نظراً للعقوبات المستمرة المفروضة على موسكو منذ قيامها بغزو أوكرانيا وضم القرم، علاوة على انخفاض أسعار النفط والغاز. ومن بين الخاسرين الآخرين دولتان كانتا تطمحان للحصول على عضوية «الناتو»، وهما أوكرانيا وجورجيا، فقد تم غزو كل منهما من قبل الاتحاد الروسي (أوكرانيا في 2014 وجورجيا في 2008)، ولا يزال الروس يحتلون أجزاء كبيرة من أراضيهما (شبه جزيرة القرم ويمكن القول أجزاء من جنوب شرق أوكرانيا، ومناطق صغيرة من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التي أخذت من جورجيا). ونظراً لهذه الخلافات مع روسيا، فإن احتمال العضوية الكاملة يبدو بعيداً جداً، ولم تقدم قمة «وارسو» الكثير على طريق الأمل لتحقيق أهدافهما. *أدميرال متقاعد في البحرية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©